الجيش يعيد فتح طرق أغلقها محتجون لبنانيون «لا يريدون الاستسلام»

متظاهرون في شوارع لبنان (رويترز)
متظاهرون في شوارع لبنان (رويترز)
TT

الجيش يعيد فتح طرق أغلقها محتجون لبنانيون «لا يريدون الاستسلام»

متظاهرون في شوارع لبنان (رويترز)
متظاهرون في شوارع لبنان (رويترز)

قطع المتظاهرون في لبنان ليل أمس (الأربعاء) وصباح اليوم (الخميس) مجدداً طرقا رئيسية وفرعية في مناطق لبنانية عدة، لكن الجيش سرعان ما فتح معظمها، مع دخول الحراك الشعبي غير المسبوق أسبوعه الثالث للمطالبة برحيل الطبقة السياسية كلها.
وغداة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، فُتحت معظم الطرق الأربعاء خلال النهار وعادت حركة السير إلى طبيعتها، إلا أن المشهد تبدّل مساءً وعاد المحتجّون إلى الشوارع انطلاقا من طرابلس في الشمال وصولا إلى مناطق أخرى في الوسط الساحلي وفي بيروت والجنوب، مؤكدين أن الثورة لا تهدف فقط إلى إسقاط الحكومة وأنهم مستمرون في حراكهم حتى تحقيق كل مطالبهم.
ويطالب المتظاهرون بتسريع تشكيل حكومة جديدة يريدونها من التكنوقراط ومن المستقلين بعدما عبروا عن إحباطهم من الأحزاب وكل السياسيين الذي يحتلون المشهد السياسي في لبنان منذ عقود.
وقال طارق مدهون البالغ 38 عاماً أثناء مشاركته في قطع جسر رئيسي في العاصمة (جسر الرينغ): «لا أريد أن أستسلم».
ورغم إصرار المتظاهرين على إبقاء الطرق مغلقة، نجح الجيش اللبناني قبل ظهر الخميس في فتح بعضها مثل الطريق السريع في محلتي جل الديب والذوق شمال بيروت، وجسر الرينغ الذي يربط شرق بيروت بغربها.
إلا أن طرقا عدة أخرى خارج العاصمة لا تزال مقفلة، في العبدة في أقصى الشمال اللبناني وبعض الطرق في طرابلس، أبرز مدن الشمال، ومحلة تعلبايا في البقاع (شرق).
وشهدت منطقة العبدة توتراً مساء الأربعاء بين المتظاهرين والجيش الذي ألقى قنابل مسيّلة للدموع لتفريقهم.
وقال غدي، أحد المتظاهرين في وسط بيروت، وهو طالب يبلغ 21 عاماً: «مطالبنا لا تتوقف عند استقالة الحكومة. لا تزال هناك مطالب كثيرة (...) قطع الطرق ليس إلا ضغطا شعبيا على الدولة كي تسرع في تشكيل الحكومة وفي الاستشارات النيابية».
ونقلت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المقربة من «حزب الله» في عددها الصادر الخميس عن مصادر مطلعة أن رئيس الجمهورية ميشال عون «سيتمهّل في الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة، ريثما تتضح مآلات التأليف». وتوقعت المصادر، بحسب الصحيفة أن «يدعو عون إلى الاستشارات بين نهاية الأسبوع وبداية الأسبوع المقبل».
وسيتوجه عون بكلمة إلى الأمة مساء اليوم في الذكرى الثالثة لوصوله إلى سدة الرئاسة.
وأعلن الحريري أول من أمس (الثلاثاء) استقالة حكومته «تجاوباً لإرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات للمطالبة بالتغيير». وتلقى المتظاهرون في كافة المناطق اللبنانية خبر الاستقالة بالترحيب والهتافات احتفالاً بما حققه حراكهم الشعبي الذي بدأ في 17 أكتوبر (تشرين الأول) وتسبب بشلل كامل في البلاد شمل إغلاق المدارس والجامعات والمصارف.
وأعلنت المدارس والجامعات الأربعاء نيتها استئناف الدروس صباح الخميس، إلا أن معظمهما بقي مغلقاً. أما المصارف فأكدت الأربعاء أنها ستستأنف «العمل الطبيعي ابتداءً من يوم الجمعة».
وطلب عون من الحكومة «الاستمرار في تصريف الأعمال» إلى حين تشكيل حكومة جديدة.



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.