مصر تسترد أطلس تاريخياً من ألمانيا

يضم كثيراً من الخرائط العثمانية النادرة

وزيرا الخارجية والثقافة المصريان يتسلمان الأطلس من وزير الخارجية الألماني (وزارة الثقافة المصرية)
وزيرا الخارجية والثقافة المصريان يتسلمان الأطلس من وزير الخارجية الألماني (وزارة الثقافة المصرية)
TT

مصر تسترد أطلس تاريخياً من ألمانيا

وزيرا الخارجية والثقافة المصريان يتسلمان الأطلس من وزير الخارجية الألماني (وزارة الثقافة المصرية)
وزيرا الخارجية والثقافة المصريان يتسلمان الأطلس من وزير الخارجية الألماني (وزارة الثقافة المصرية)

استردت مصر «أطلس سديد» الأثري من ألمانيا، بعد محاولة بيعه العام الماضي في صالة مزادات بالعاصمة الألمانية برلين مقابل مبلغ مالي ضخم، لكن الجهود المصرية الرسمية نجحت في استعادته من السلطات الألمانية بعد تقديم إثبات ملكيته قبل إتمام عملية البيع.
وتسلمت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، مساء أول من أمس، من سامح شكري وزير الخارجية ونظيره الألماني هايكو ماس، «أطلس سديد» الأثري في مقر وزارة الخارجية المصرية بالقاهرة.
وسيكون الأطلس التاريخي متاحاً للزائرين فور الانتهاء من عملية تسجيله في دار الكتب، عبر استنساخ أعداد منه، وإتاحة نسخ إلكترونية منه للجمهور، وفق محمد منير، مستشار وزارة الثقافة الإعلامي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الأطلس الذي استردته مصر يعد من أندر الأطالس في العالم؛ لما يضمه من خرائط قديمة ونادرة في بداية القرن التاسع عشر». وأضاف أن «وزارة الثقافة تسلّمت الأطلس بالفعل وشكلت لجنة لتوثيق دخوله إلى سجلات دار الكتب مرة أخرى»، مشيراً إلى «أن الأطلس فُقد منذ سنوات طويلة حتى أُعلن عن بيعه العام الماضي في برلين». وأوضح، أن وزارة الثقافة نجحت خلال عام واحد في استرداد نحو خمسة مجلدات تاريخية من الخارج.
وأشاد وزير الخارجية المصري سامح شكري باهتمام ألمانيا بإعادة الأطلس إلى مصر، قائلاً: إن «هذه الخطوة تشير إلى اهتمام ألمانيا بالحفاظ على تراث ومقتنيات الدول ومنع تداولها بشكل غير مشروع»، معرباً عن تطلعه «في استمرار ألمانيا في اتباع هذا النهج المحمود، بجانب اقتداء الدول الأوروبية الأخرى التي لم تصل بعد إلى هذا المستوى من المسؤولية»، على حد تعبيره.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن «بلاده حرصت على إعادة الكتاب النادر إلى مصر لأنه أحد مقتنيات المكتبة الوطنية المصرية».
وعلى غرار تهريب القطع الأثرية المصرية النادرة هُرّبت أعداد كبيرة من الكتب والوثائق التاريخية من مصر خلال العقود والسنوات الماضية. وتسعى مصر إلى استعادة مئات القطع. وقد نجحت بالفعل في استعادة قطع ثمينة بموجب اتفاقيات ثنائية تسمح باستعادة هذه القطع بعد تقديم وثائق ملكيتها. وتعد الولايات المتحدة الأميركية من أبرز الدول التي تتعاون مع مصر في هذا المجال؛ إذ سلمتها أخيراً قطعاً فرعونية نادرة. لكن تلك الجهود لم تنجح في استعادة تمثال ينسب للملك توت عنخ آمون تم بيعه في صالة مزادات في لندن أخيراً، رغم حالة الصخب الإعلامي والانتقادات المصرية التي صاحبت عملية البيع.
من جهتها، ثمنت وزيرة الثقافة جهود وزارة الخارجية ومساعي الدبلوماسية المصرية في استعادة جزء جديد من تاريخ الوطن، وقالت إنه «يعد نصراً جديداً للدولة المصرية ووزارة الثقافة في معركتها لاستعادة تراثنا المسلوب».
ويعود تاريخ الأطلس إلى القرن التاسع عشر (1218هـ – 1803م)، ويحتوي على عدد من أبرز الخرائط العثمانية النادرة، ويعد من أندر الأطالس في العالم بعدما نشره العالم المصري محمود رئيف أفندي.
وأوضحت عبد الدايم، أن «دار الكتب والوثائق القومية برئاسة الدكتور هشام عزمي بذلت جهوداً كبيرة فور علمها بعرض الأطلس للبيع بإحدى صالات المزادات بمدينة برلين مقابل مبلغ مالي ضخم، يوم 12 أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وراسلت الهيئة بشكل رسمي الجهات المعنية كافة، للتأكيد على أن الأطلس ينتمي إلى مجموعة مقتنيات دار الكتب المصرية، وطالبت دار الكتب الجهات المختصة في ألمانيا بإيقاف عملية البيع».
يشار إلى أن زيارة ماس هي أول زيارة لوزير خارجية ألماني إلى مصر منذ أكثر من أربعة أعوام. وكانت القاهرة هي المحطة الثالثة في زيارة ماس لشمال أفريقيا، التي استهلها بزيارة مفاجئة لليبيا، الأحد. وكانت تونس المحطة الثانية.
من جانبه، قال الدكتور هشام عزمي، رئيس دار الكتب والوثائق القومية: «أرسلنا ملفاً يوثق ملكية دار الكتب والوثائق للأطلس اعتماداً على الفهارس والسجلات الرسمية». مشيراً إلى أن «الأطلس يخضع لقانون حماية التراث الثقافي الألماني الصادر عام 2017». موضحاً أن العام الماضي شهد تحقيقات ألمانية موسعة ومطولة مع متابعة مستمرة من جانب السفارة المصرية في برلين، حيث تم إخطار الجانب المصري رسمياً - عن طريق وزارة الخارجية - بقبول تسليم الأطلس لوزارة الثقافة المصرية.
وأنشئت «دار الكتب» للحفاظ على ثروة مصر الثقافية، والعلمية؛ فهي بمثابة ذاكرة الأمة، ومكتبة عامة متاحة للجمهور.
ويعود تاريخ إنشائها لعهد الخديو إسماعيل (1863 - 1879). بعدما اقترح علي مبارك (أحد رواد التعليم المصري) على الخديو إسماعيل إنشاء دار كتب على نمط المكتبة الوطنية في باريس؛ حيث أعجب بها حينما أُرسل ضمن البعثة التي أُوفدت لدراسة العلوم العسكرية سنة 1844، وبناءً على ما عرضه علي باشا مبارك أصدر الخديو إسماعيل الأمر العالي رقم 66 بتأسيس الكتبخانة في 20 ذي الحجة 1286هـ - 23 مارس (آذار) 1870م.


مقالات ذات صلة

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

يوميات الشرق اكتشافات أثرية جديدة في الأقصر (البعثة الآثارية)

اكتشاف بقايا معبد الوادي لحتشبسوت في الأقصر

أعلن عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس، الأربعاء، عن اكتشاف بقايا معبد الوادي للملكة حتشبسوت بالأقصر (جنوب مصر)، مع عدد من الاكتشافات الأثرية الأخرى.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق شكّلت العلا ملتقى للحضارات القديمة حيث ربطت بين ثقافات شبه الجزيرة العربية (الشرق الأوسط)

شراكة سعودية - صينية لتعزيز الحفاظ على التراث بالعلا

وقّعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا وأكاديمية «دونهوانغ» الصينية شراكة استراتيجية تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي والسياحي والتراثي بين المملكة والصين.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الغرابة (SWNS)

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

«الشرق الأوسط» (وارسو)
يوميات الشرق المقبرة تضم رموزاً لطبيب القصر الملكي في الدولة القديمة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف مصطبة طبيب ملكي يبرز تاريخ الدولة القديمة

أعلنت مصر، الاثنين، اكتشافاً أثرياً جديداً في منطقة سقارة (غرب القاهرة)، يتمثّل في مصطبة لطبيب ملكي بالدولة المصرية القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.