في ساحة التحرير بوسط العاصمة بغداد، خدمات على مدار الساعة، الطعام والشراب والخدمات الطبية للمتظاهرين، كلها موزعة بين النساء والرجال الذين يواصلون لليوم السابع على التوالي حراكاً احتجاجياً لـ"إسقاط النظام" في العراق.
أصبحت عربة «التوك توك» الصغيرة التي كانت تتنقل في الأحياء الشعبية فقط قبل انطلاق المظاهرات في العراق، الرمز الأبرز في ساحة التحرير بوسط العاصمة العراقية بغداد، التي يتجمع بها المتظاهرون؛ حيث توزع عليهم على مدار الساعة، الخدمات الطبية والطعام والشراب، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويواصل المتظاهرون لليوم السابع على التوالي حراكاً احتجاجياً لـ«إسقاط النظام». وقال علي كوراني (26 عاماً) بعد شهر من الاحتجاجات التي شهدت كثيراً من العنف، متحدثاً من ساحة التحرير: «تجب إقامة نصب هنا للتوك توك»، في إشارة إلى تكريم سائقي هذه العربة التي لم تنقطع عن تقديم خدمات؛ أبرزها نقل المتظاهرين وإخلاء الجرحى.
وأضاف متحدثاً عن طموحاته ورفاقه المتظاهرين عند إطاحة السلطة: «سنأخذ سيارات الدفع الرباعي من المسؤولين ونقدمها لسائقي التوك توك».
وتناقلت مواقع التواصل الاجتماعي عبارات تتغنى بهذه العربة وصورة لنصب «التوك توك» أمام علم للعراق في ساحة التحرير.
وقد شجع سقوط الحواجز الاجتماعية خلال الاحتجاجات كثيراً من الطلبة من جميع المراحل الدراسية؛ بينهم سارة؛ الطالبة التي تدرس الهندسة بكلية دجلة، على الحضور إلى ساحة التحرير الرمزية.
وقالت هذه الشابة: «عادة ما يفكر الرجال بأننا ضعيفات ولا نقدر على الدخول لهذه الأماكن»، وأضافت: «بالعكس؛ جئنا وعالجنا الجرحى، وباتوا يسموننا (العراقيات الماجدات)».
وتابعت سارة، وهي تحمل زجاجة مياه غازية وتقوم برش محتواها على أعين متظاهرين معتقدة أن ذلك قد يخفف الألم الناتج عن الغاز: «الشبان كانوا يحيطون بنا عند إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لحمايتنا، الآن توقفوا عن ذلك، فنحن أقوى منهم».
وأضافت بفخر: «هنا يوجد أشخاص من كل الديانات، ومتظاهرون من كل المحافظات، لا تفرقة بينهم، نسينا كل الخلافات وأصبحنا شعباً واحداً»، في إشارة إلى طيّ صفحة مرحلة العنف الطائفي التي عمّت البلاد؛ إضافة إلى هجمات الجماعات المتطرفة.
وتقول آمنة كريم، الطالبة في كلية الطب، وهي تضع قبعة وتحمل علماً عراقياً فوق حجاب أبيض تتخلله أشكال هندسية، وتضع علماً آخر على كتفيها: «نحن الآن نبني وطننا الذي تعرض لخراب، وسنعمل على قيام مجتمع جديد ونظيف بعيداً عن التفرقة».
ولأنه من الضروري توفير الطعام لاستمرار الاحتجاجات، يتولى إبراهيم عبد الحسين (64 عاماً) تحضير وتوزيع وجبات الطعام على المتظاهرين.
وقال وهو يتحدث من وراء منصته التي يوزع منها وجبات غنية بالأرز والخضراوات واللحم، و«المسكوف» وهو سمك مشوي على الطريقة العراقية: «أطبخ وأقدم الطعام للجميع»، وتابع: «أطعمهم وأبقى جائعاً، وأجعلهم يفرحون وأنا منهك».
بدورها، تقول زينب القيسي (39 عاماً)، التي تعمل تطوعياً منذ أيام عدة لتقديم الإسعافات الأولية للمتظاهرين من داخل خيمة صغيرة، رداً على سبب وجودها في الساحة: «لماذا أنا هنا؟ لأنني عراقية».
كل المواد الطبية من ضمادات وأدوية وغيرها تم تأمينها من قبل مجهولين، كما قام بعض الصيادلة ممن يتعاطفون مع المتظاهرين بتقديم الأدوية بأسعار مخفضة جداً.
في موقع آخر من ساحة التحرير، تتولى علياء؛ الطالبة في كلية الطب (29 عاماً)، وهي تضع قفازات مطاطية حمراء وتحمل مكنسة ومجرفة وأكياس قمامة، تنظيف الساحة، فيما توزعت حولها فتيات غير محجبات يعملن بجرأة وسط مجتمع تقليدي في عاداته.
ساحة التحرير تهدم الحواجز الطائفية والاجتماعية بين العراقيين
تشهد خدمات تطوعية على مدار الساعة لتوفير الطعام والشراب والخدمات الطبية للمتظاهرين
ساحة التحرير تهدم الحواجز الطائفية والاجتماعية بين العراقيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة