مصادر يمنية لـ {الشرق الأوسط} : قوات حوثية تتقدم للسيطرة على «باب المندب»

خبراء: إيران تسعى منذ سنوات لتحقيق هدفها الاستراتيجي في التحكم بالممرات المائية المحيطة بالوطن العربي

مصادر يمنية لـ {الشرق الأوسط} : قوات حوثية تتقدم للسيطرة على «باب المندب»
TT

مصادر يمنية لـ {الشرق الأوسط} : قوات حوثية تتقدم للسيطرة على «باب المندب»

مصادر يمنية لـ {الشرق الأوسط} : قوات حوثية تتقدم للسيطرة على «باب المندب»

كشفت مصادر يمنية مطلعة أمس، عن وجود تحركات عسكرية لعناصر حوثية نحو مضيق باب المندب الاستراتيجي بين البحر الأحمر وبحر العرب، للسيطرة عليه.
وأشارت مصادر خاصة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المسلحين الذين يسعون إلى السيطرة على المضيق الدولي الاستراتيجي، جلهم من أشخاص جرى استقطابهم من محافظة تعز خلال الأعوام القليلة الماضية لصالح الحوثيين، بعيدا عن الاعتقاد الفكري أو المذهبي، بعد أن دعم الحوثيون شخصيات سياسية وقبلية مؤثرة في المحافظة من أجل إيجاد موطئ قدم لهم في هذه المنطقة المهمة تجاريا واقتصاديا والتي يتبعها مضيق باب المندب وميناء المخا الذي يعد أحد محطات تهريب الأسلحة وغيرها، إضافة إلى منطقة ذباب وغيرها من المناطق النائية على البحر الأحمر.
وأكد مصدر حكومي لـ«الشرق الأوسط» أن المعلومات التي ذكرت عن وجود آلاف المسلحين في محافظة الحديدة بغرب البلاد ويتبعون الحوثي، شبه صحيحة. في الوقت الذي قالت فيه مصادر في «الحراك التهامي» لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «تحركات شعبية لمنع تحويل محافظة الحديدة ساحة جديدة للصراع، وأي مسلح لن يكون سوى من خارج المحافظة وسوف يجري التصدي لهم بكل الطرق السلمية».
ومنذ سقوط العاصمة صنعاء بيد المتمردين الحوثيين، اتجهت أطماع الجماعة التي نجحت في تشكيل تحالفات جديدة مع قيادات عسكرية وسياسية قريبة من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلى البحر الأحمر حيث مضيق باب المندب، وهو الممر الذي يتحكم بالتجارة العالمية بين 3 قارات هي آسيا وأفريقيا وأوروبا.
ويعد باب المندب البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وعلى مر التاريخ كان سببا للصراع الدولي بين الدول الكبرى خاصة فرنسا وإيطاليا وإنجلترا، بوصفه مصدر تحكم بين الشرق والغرب. ويبلغ اتساع باب المندب 23.2 كلم فيما بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيعان غربا. تطل 3 دول على باب المندب هي اليمن وإريتريا وجيبوتي، غير أن اليمن هو الذي يتحكم في الممر الدولي من خلال جزيرة ميون التي لا تبعد عن اليابسة اليمنية سوى 4.8 كلم فيما تبعد عن الساحل الأفريقي 33 كلم.
يعد المحلل الاقتصادي محمد عبده العبسي سيطرة أي جماعات مسلحة على منطقة باب المندب كارثة ينبغي عدم السكوت عنها، وتمثل تهديدا للأمن الإقليمي بشكل عام. ويقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «إيران تسعى منذ سنوات إلى تحقيق هدفها الاستراتيجي في التحكم بالممرات المائية الاستراتيجية المحيطة بالوطن العربي، فهي تسيطر على مضيق هرمز الذي يمر من خلاله أكثر من 5 ملايين برميل نفط يوميا، وتحاول الآن السيطرة على باب المندب الذي يمر من خلاله 3 ملايين برميل نفط يوميا، إضافة إلى أنه مرر للتجارة الدولية التي تستخدمه لتوصيل الشحنات والبضائع لجميع الدول المطلة على البحر الأحمر، إضافة إلى أن باب المندب هو حلقة الوصل بين الشرق والغرب في التجارة الدولية».
ويعد العبسي أن سيطرة الحوثيين على باب المندب سيكون لها تأثير كارثي على جميع دول العالم التي تستخدم المضيق، «لكن المتأثر الأكبر ستكون دول الخليج التي ستكون تحت رحمة إيران التي ستكون هي المتحكمة في الملاحة الدولية من الشرق في بحر الخليج والغرب في البحر الأحمر». ويتساءل العبسي عن موقف الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والدولة من هذا الخطر، ويقول: «نعلم أن اليمن يعيش في لا دولة، وربما لا يشعر أغلب اليمنيين بتأثير سيطرة الحوثيين على باب المندب، لكن ينبغي أن نعلم أن الحوثيين كما تحكموا فعلا في مطار صنعاء الدولي، يتحكمون في الملاحة الجوية، وإيقاف أغلب شركات الطيران رحلاتها إلى صنعاء، فإنهم سيكررون ذلك عند سيطرتهم على باب المندب، فضلا عن التأثيرات الاقتصادية التي ستنعكس سلبا على البلاد». ويطالب العبسي الشعب اليمني، خاصة الأحزاب السياسية، بعدم التساهل تجاه هذه الكارثة، و«عليهم أن يضغطوا باتجاه منع الحوثيين من السيطرة على مناطق جديدة، بعد أن استنفدوا كل مبرراتهم منذ سقوط عمران وحتى سيطرتهم على صنعاء». وينتقد العبسي موقف الدول الإقليمية ومجلس الأمن من التمدد الحوثي في اليمن، ويقول إن «على الشعب اليمني ألا يعول على الدور الإقليمي الذي سمح بسقوط عمران وسقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين. على الأطر السياسية من أحزاب (اللقاء المشترك) و(المؤتمر) أن تقف في وجه هذا التمدد وتطلب من الحوثيين الالتزام بما جرى الاتفاق عليه في وثيقة السلم والشراكة»، محذرا من أن «السماح بسيطرة الحوثيين على باب المندب وعدم وجود موقف قوي من الدولة أو الأحزاب السياسية يعني وجود جماعات مسلحة مضادة للحوثيين مثل (داعش) أو تنظيم القاعدة».
وبعد تعزيز سيطرتهم على صنعاء، يسعى المتمردون الشيعة من جماعة «أنصار الله» إلى مد نفوذهم إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي غربا وحقول النفط شرقا، استنادا إلى مصادر متطابقة. فبعد أكثر من أسبوعين من دخولهم دون مقاومة إلى صنعاء حيث سيطروا على المباني العامة والعسكرية الرئيسة، حل المتمردون المسلحون محل الشرطة وقاموا بفرض القانون في المدينة، حسب السكان. ويقيم مسلحون نقاط مراقبة في الشوارع الرئيسة للعاصمة، فيما يقوم آخرون بدوريات في عربات تعلوها رشاشات ثقيلة.
ولا يزال اتفاق السلام الموقع في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي تحت رعاية الأمم المتحدة ويقضي بتعيين رئيس وزراء جديد وانسحاب المسلحين من العاصمة، حبرا على ورق. في المقابل يريد المتمردون الشيعة الذين يتحركون تحت اسم «اللجان الشعبية» أن يكون لهم الحق في مراقبة مالية البلاد، ويقومون بمراقبة وتفتيش كبار موظفي وزارة المالية والبنك المركزي، كما أوضح موظفون.
كما أقام المتمردون قضاء موازيا، حيث فتحوا أخيرا في أحد أحياء غرب صنعاء «مكتب شكاوى» على شكل محكمة دينية يتولى الإشراف عليها كريم أمير الدين بدر الدين الحوثي، أحد أبناء إخوة زعيم التمرد عبد الملك الحوثي، كما ذكر مسؤول محلي. وقبل هجومهم على صنعاء، كان المتمردون الحوثيون يتمركزون في صعدة، معقلهم في شمال اليمن الذي يشكل الزيديون الشيعة غالبية سكانه. إلا أنهم وضعوا أخيرا نصب أعينهم السيطرة على ميناء الحديدة على البحر الأحمر حيث فتحوا الأسبوع الماضي مقرا لهم.
وقال مسؤول عسكري قريب من «أنصار الله» لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الحديدة مرحلة أولى في طريق توسيع وجودهم عبر اللجان الشعبية على طول الشريط الساحلي وحتى باب المندب» على مدخل البحر الأحمر وخليج عدن. وقال مصدر عسكري آخر إن «الحوثيين لديهم بالفعل بضعة آلاف من الرجال المسلحين في الحديدة ويطمحون إلى السيطرة على مضيق باب المندب، إضافة إلى منطقتي دهوباب والمخا الساحلتين اللتين تجرى عبرهما كل عمليات التهريب، ومن بينها تهريب الأسلحة».
على صعيد آخر، يسعى المتمردون إلى التقدم باتجاه محافظة مأرب في الشرق «آملين في التمكن بمساعدة القبائل الحليفة لهم، من السيطرة على حقول النفط والغاز وأيضا على محطة الكهرباء الرئيسة التي تغذي العاصمة»، كما صرح مصدر قريب من حركة التمرد.
لكن زعيما قبليا أوضح أن «هذا المشروع يواجه بمقاومة من قبائل مأرب المعادية للحوثيين مثل قبيلتي عبيدة ومراد اللتين حشدتا رجالهما»، مذكرا بأن قبيلتي «عبيدة ومراد انضمتا إلى قبائل الجوف (شمال مأرب) في المعارك ضد الحوثيين قبل 3 أشهر».
وعدّت الأوساط السياسية في صنعاء أن تقدم المتمردين الحوثيين في مأرب سيثير مواجهات مع «القاعدة» الناشطة في المنطقة وفي باقي محافظات جنوب وجنوب شرقي اليمن.
وفي رسالة تهنئة بمناسبة عيد الأضحى، أشار زعيم «أنصار الله» ضمنا إلى هذا الخطر، منددا بـ«مؤامرات تحاك ضد بعض المحافظات ومن بينها حضرموت» المعقل الرئيس لـ«القاعدة». في الوقت نفسه، فإن المتمردين يستغلون جمود العملية السياسية للتسلل إلى صفوف الجيش والشرطة. وقال مسؤول في جهاز أمني إن «الحوثيين يتفاوضون على ضم نحو 20 ألفا من مقاتليهم إلى الجيش وقوات الأمن وأجهزة المخابرات».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.