شبح سالفيني يخيّم من جديد على المشهد السياسي الإيطالي

عقب فوز كاسح للتحالف اليميني في انتخابات فرعية

سالفيني يخاطب أنصاره في روما الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
سالفيني يخاطب أنصاره في روما الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

شبح سالفيني يخيّم من جديد على المشهد السياسي الإيطالي

سالفيني يخاطب أنصاره في روما الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
سالفيني يخاطب أنصاره في روما الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

بعد أقلّ من شهرين على ارتكابه خطأ فادحا في مسيرته السياسية عندما طرح الثقة بالحكومة التي كان نائب رئيسها ونجمها بلا منازع، وبعد خروجه من الحكم إثر تشكيل أغلبية برلمانية جديدة بين حلفائه السابقين في حركة النجوم الخمس والحزب الديمقراطي، عاد شبح ماتيو سالفيني يخيّم من جديد، وبقوّة، على المشهد السياسي الإيطالي الذي كان لأكثر من عام رهينة مواقفه وسياساته التحريضية والمتطرفة.
فقد أسفرت الانتخابات الفرعية التي أجريت يوم الأحد الماضي في إقليم «أومبريا» الذي يقع وسط البلاد، عن فوز ساحق للتحالف اليميني الذي تشكّل في أعقاب خروج حزب «الرابطة» الذي يتزّعمه سالفيني من الحكومة، وانهزام التحالف الحاكم بين حركة النجوم الخمس والحزب الديمقراطي.
وكان سالفيني، بعد خروجه من الحكومة، قد سارع إلى التجاوب مع الدعوات المتكررة التي كانت توجَّه إليه من رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلوسكوني، وزعيمة حزب الفاشيين الجدد «إخوان إيطاليا» لتشكيل تحالف يميني يخوض الانتخابات المقبلة في لائحة موحّدة وشعار واحد. وردّ التحالف الحاكم بين النجوم الخمس والديمقراطيين بخوض الانتخابات الفرعية الأخيرة ضمن لائحة واحدة، أسفرت عن هزيمة قاسية، خاصة بالنسبة للحركة التي خسرت نصف شعبيتها. ومما يزيد من أهميّة هذا الفوز بالنسبة لسالفيني، أن هذا الإقليم كان يحكمه اليسار منذ خمسين عاماً بلا انقطاع، وأن الفائزة برئاسته تنتمي إلى حزب الرابطة الذي حلّ في المرتبة الأولى، متقدماً بفارق كبير على حزب برلوسكوني الذي بدأ العد العكسي لذوبانه في الرابطة بقيادة سالفيني وتسرّب نسبة من أنصاره إلى جماعة «إخوان إيطاليا».
وكان سالفيني قد أمضى الشهر الجاري يجوب إقليم «أومبريا» من أقصاه إلى أقصاه، ليس فقط لتأمين الفوز الذي كان شبه مؤكد لحزبه، بل لتحقيق نصر ساحق يبيّن أنه ما زال الزعيم الأوسع شعبية، وأن شرعيّة الحكومة، التي يكرّر أنها وليدة مؤامرة داخلية وخارجية، مشكوك فيها.
ومع إعلان النتائج عاد سالفيني يتنقّل على المنابر ويجوب الساحات، مطالباً بإجراء انتخابات مبكرة على أساس أن الحكومة الراهنة (تستند إلى أغلبية في البرلمان لكنها تمثّل أقليّة شعبية تفقدها شرعيتها). لكن رئيس الحكومة جيوزيبي كونتي علّق بقوله إنه لا ينبغي تعميم نتائج إقليم «أومبريا» على البلاد بكاملها، فيما أعلن زعيم حركة النجوم الخمس لويغي دي مايو أن خوض الانتخابات الإقليمية على لائحة واحدة مع الحزب الديمقراطي كان قراراً خاطئاً.
وتجدر الإشارة إلى أن ولاية البرلمان الحالي تنتهي في العام 2.23 عندما تجرى الانتخابات المقبلة. لكن هذا الفوز الساحق الذي حققه سالفيني أظهر أنه، خلافا للتوقعات التي كانت قد أشارت إلى بداية أفول نجمه بعد الخروج من الحكومة، ما زال الزعيم الأوسع شعبية بلا منازع، وأنه ماكينة انتخابية تتفوّق على جميع منافسيها.
وكان مرشّح الحزب الديمقراطي، الذي حكم الإقليم طوال خمسين عاماً، قد ركّز حملته على البرامج والإجراءات لمعالجة آثار الزلزال الذي ضرب المنطقة في العام 2016، فيما ركّزت الرابطة على مواضيع الهجرة والأجانب والضرائب العزيزة على قلب سالفيني، والتي كانت سلّم صعوده السياسي السريع في السنوات المنصرمة.
ورغم أن الهزيمة في إقليم «أومبريا» وحدها ليست كافية لزعزعة الحكومة، فإن تكرارها في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، وخاصة في إقليم «أميليا رومانا» مطلع العام القادم، وهي معقل تاريخي لليسار، من شأنه أن يلقي ظلالاً قاتمة على مستقبل الحكومة. ومن المتوقّع أيضاً ألا يقتصر الهجوم على الحكومة وشرعيّة تمثيلها الشعبي على سالفيني وحلفائه، بل قد ينضمّ إليه رئيس الوزراء الأسبق ماتّيو رنزي الذي انشقّ مؤخراً عن الحزب الديمقراطي وأسس حزبه الخاص «إيطاليا الحيّة» الذي يعتزم خوض الانتخابات الإقليمية منفرداً في العام المقبل.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.