الهجوم على وسط بيروت رسالة سياسية قبل استقالة الحريري

نفذها «حزب الله» للضغط على رئيس الحكومة

TT

الهجوم على وسط بيروت رسالة سياسية قبل استقالة الحريري

يكاد يجمع الفرقاء اللبنانيون على أن ما سبق استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من هجوم على المتظاهرين أو ما وصفه البعض بـ«الغزوة» من قبل مناصري «حزب الله» وحركة «أمل» ليس إلا رسالة للحريري نفسه بعدما تجاوز رغبة الحزب الذي سبق أن أعلن أمينه العام حسن نصر الله رفضه سقوط الحكومة وعهد الرئيس ميشال عون.
وفي هذا الإطار، أكدت مصادر مقربة من الحريري أن العنف الذي تجسد في الشارع في المرحلة الأخيرة والاعتداء على المتظاهرين، ومحاولة البعض وضع شارع في مواجهة شارع زاد من قناعته بضرورة اللجوء إلى هذا القرار.
وفيما اعتبر وزير العدل السابق أشرف ريفي أن ما قام به مناصرو الحزب والحركة ضد المتظاهرين في وسط بيروت، ليس إلا تصرفا ميليشياويا ضد جمهور وطني سلمي مستقل وهو محاولة لإرهاب اللبنانيين وحلّ الأزمة بالعنف ردا على قرار الحريري الذي كان رافضا لاستكمال الوضع كما هو عليه، رأى النائب في «حزب الكتائب» إلياس حنكش، أن الحزب أراد بهجوم مناصريه أن يرسل إحدى الرسالتين أو الاثنين معا، وهما محاولة ضغط لثنيه عن الاستقالة أو تقديم بروفا لما يمكن أن يكون عليه الوضع بعد الاستقالة وتخطي رغبة «حزب الله».
ويؤكد ريفي أنه ورغم محاولات «حزب الله» بالظهور وكأنه غير مسؤول عن كل الغزوات التي كانت تنفذ ضد المتظاهرين وكان آخرها وأكثرها عنفا تلك التي نفذت أمس، فهو الذي يتحمل مسؤوليتها.
وفيما أكد ريفي أن الحريري اتخذ قرار استقالته واقفا مع إرادة الشعب وقناعة منه بأنه لا يمكن أن تكمل الأمور بهذا الشكل خاصة بعد كل الطروحات التي قدمها للخروج من الأزمة وقوبلت بالرفض، حذر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن تكون ردة فعل الحزب بتشكيل حكومة جديدة هي عبارة عن «حكومة دمى» ويبعد بالتالي الحريري، لأنه عندها سيكون مصيرها أيضا الإسقاط بالشارع. وأكد على ضرورة أن يعيد «حزب الله» النظر في كل ما يقوم به ويعمد إلى الاقتناع بضرورة تشكيل حكومة تخضع لإرادة الشعب وتحقق مطالبه.
من هنا يؤكد ريفي أنه وبعد تقديم الحريري استقالته تبقى كل الاحتمالات واردة حيال ما قد يقوم به «حزب الله» ومنها تكرار ما حصل يوم أمس ضد المتظاهرين وغيرهم، داعيا إلى ضرورة أن تبقى القوى الأمنية واعية لكل ما يحصل.
من جهته، لا يرى النائب إلياس حنكش في اعتداء مناصري الحزب والحركة قبيل إعلان الحريري استقالته، إلا نوعا من الضغط على الحريري للعودة عنها أو لتقديم نموذج عما سيقومون به في المرحلة المقبلة بعد الاستقالة والقول: «لا يمكنكم تخطي قراري». ويضيف «لا شك أن الحزب كان يريد بقاء هذه الحكومة التي يسيطر عليها، فيما سقوطها سينزع عنه الشرعية ويكشفه».
ومع تأكيده على أن ما بعد «ثورة 17 تشرين» لن يكون كما قبله وموقع «حزب الله» سيتبدل، رأى حنكش أن كل الاحتمالات واردة حيال ما قد يقوم به الحزب بعد الاستقالة، خاصة أن أجندته مرتبطة بأجندات خارجية تخضع جميعها لمتغيرات وتبدلات قد تنعكس عليه.
في المقابل، يرى مسؤول الإعلام والتواصل في «حزب القوات اللبنانية» شارل جبور أن الحريري تجاوب مع مطلب الناس وفعل خيرا. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لن نتخوف من شيء ولن يحصل شيء. الأساليب القديمة في الترهيب ولت إلى غير رجعة والشعب اللبناني لم يعد يخشاها وهذا ما أثبته في كل مرة كان يتعرض إلى الاعتداء بالعودة إلى الساحات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.