تحذير أممي من «وضع إنساني كارثي» عشية اجتماع اللجنة الدستورية السورية

وزير خارجية ألمانيا يدعو إلى تمديد الهدنة والتركيز على الحل السياسي

TT

تحذير أممي من «وضع إنساني كارثي» عشية اجتماع اللجنة الدستورية السورية

حذرت الأمم المتحدة من «وضع إنساني كارثي» عشية انطلاق أعمال اللجنة الدستورية السورية بمشاركة ممثلي الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني في جنيف اليوم، بتسهيل من المبعوث الأممي غير بيدرسن.
وقال برنامج الأغذية العالمي، أمس (الثلاثاء)، في جنيف، إن هناك 106 آلاف شخص لا يزالون في عداد النازحين، من إجمالي 180 ألف شخص طُردوا من المناطق التي توغلت فيها القوات التركية منذ التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وأكدت المنظمة الإغاثية أنها وفرت منذ ذلك الحين سلعاً غذائية لأكثر من 300 ألف إنسان.
وشدد هيرف فيرهوسل، المتحدث باسم البرنامج، في جنيف، على أن «الوضع الإنساني في هذه المناطق كارثي»، وقال: «اضطر الكثير من الناس إلى النزوح وتركوا كل ممتلكاتهم خلفهم، ويقولون إنهم يحتاجون وبشكل خاص، إلى أغذية وأدوية وخزانات ملابس وأشياء أخرى ضرورية للحياة اليومية».
يشار إلى أن جنيف تستضيف بدءاً من غداً (الأربعاء)، أول مفاوضات مباشرة بين الحكومة والمعارضة والمجمع المدني في سوريا بشأن إعداد دستور جديد، وذلك بعد أكثر من ثماني سنوات من الحرب الأهلية.
وحسب بيانات برنامج الأغذية العالمي، فإن البرنامج وفّر الغذاء لأكثر من نصف مليون شخص في شمال سوريا، وذلك قبل الأزمة الأخيرة الناتجة عن التوغل التركي في هذه المناطق.
وأكد البرنامج أنه يوفر الغذاء لنحو 600 ألف شخص شمال غربي سوريا، حيث يوزع البرنامج طروداً بها أغذية جافة مثل العدس والأرز والزيت والحمص والسكر والدقيق، بقيمة نحو 50 دولاراً للطرد الواحد، والذي يكفي لتغذية أسرة من خمسة أفراد لمدة شهر.
ويؤكد البرنامج أنه بحاجة إلى نحو 241 مليون دولار من التبرعات لضمان توفير هذه السلع الرئيسية للسكان في هذه المناطق حتى مارس (آذار) المقبل. ورغم أن إنتاج السلع الغذائية في سوريا بلغ هذا العام ضعف ما كان عليه العام الماضي تقريباً، فإن هذا الإنتاج لا يزال يبلغ 60% من الإنتاج قبل بدء الصراع.
وطالب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، بتمديد الهدنة في شمال شرقي سوريا.
جاءت هذه التصريحات للسياسي الاشتراكي، الثلاثاء، خلال زيارة للعاصمة المصرية، وذلك في إشارة إلى هدنة الأيام الستة بين تركيا والوحدات الكردية التي كان مقرراً أن تنتهي مساء أمس.
وأوضح ماس أن هناك إشارات على أنه تم استغلال الـ150 ساعة لتنفيذ تعهدات متبادلة، وأضاف أن «المهم الآن هو وقف إطلاق النار بشكل دائم».
كانت تركيا اتفقت مع روسيا، بوصفها حامية للنظام السوري، على الهدنة بعد مضي نحو أسبوعين على بدء تركيا هجومها على وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، وتعتبر تركيا هذه الوحدات، التي تسيطر على منطقة واسعة في شمال سوريا على الحدود مع تركيا، منظمة إرهابية.
ومنح الاتفاق التركي الروسي مهلة لوحدات حماية الشعب الكردية لسحب قواتها من المنطقة الحدودية.
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد هدد مراراً باستئناف الهجوم العسكري الذي قوبل بانتقادات دولية واسعة، في حال لم يتم الانسحاب في المهلة الممنوحة للوحدات الكردية.
وأكد ماس أنه يجب أن يدور الأمر الآن حول دفع العملية السياسية قدماً للتوصل إلى حل للصراع في سوريا، وأشار الوزير الألماني إلى لجنة وضع الدستور التي ستستهل عملها في جنيف اليوم، الأربعاء.
وينتمي إلى اللجنة 50 ممثلاً عن الحكومة ومثلهم عن المعارضة والمجتمع المدني، وثمة آمال دولية كبيرة معلقة على هذه اللجنة في أن تتمكن من التوصل إلى حل سلمي للصراع المستمر منذ 8 أعوام.
وقال ماس: «لا يمكن إيجاد حل لهذه الحرب في سوريا إلا بالطرق السياسية فقط، وكل نجاح عسكري، حتى وإن كان كبيراً، سيظل نجاحاً قصير الأمد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».