المغرب: انقسام داخل «العدالة والتنمية» بعد تحالفه مع «الأصالة والمعاصرة» المعارض

انتقادات واسعة لأمانة الحزب من طرف الأعضاء

TT

المغرب: انقسام داخل «العدالة والتنمية» بعد تحالفه مع «الأصالة والمعاصرة» المعارض

أثار تحالف حزب العدالة والتنمية، قائد التحالف الحكومي في المغرب، مع حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، بجهة (منطقة) طنجة - تطوان - الحسيمة موجة من الردود الغاضبة داخل حزب رئيس الحكومة، حيث تعالت الأصوات الرافضة للتحالف مع الحزب، الذي يعتبرونه واجهة «التحكم والاستبداد».
وأعلن محمد خيي، نائب الكاتب (الأمين) الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة طنجة - تطوان - الحسيمة، موقفه الرافض للتحالف مع حزب الأصالة والمعاصرة، وأكد أن القرار «أخرق وذلك لاعتبارات أخلاقية وسياسية وتدبيرية».
ونفى خيي، الذي يشغل أيضاً رئاسة مقاطعة بني مكادة بطنجة، وجود إجماع على اتخاذ القرار المفاجئ، مؤكدا أن العودة إلى الكتابة (الأمانة) الجهوية للحزب لاتخاذ القرار الأخير، وانتخاب الأشخاص للمناصب المقترحة عبر تفعيل المساطر الداخلية المنظمة لذلك «أمر لم يتم في هذه الواقعة بكل تأكيد».
وزاد خيي منتقدا حزبه في تدوينة نشرها في صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك): «توهمت أنه ربما قد تكون الأمانة العامة اتخذت القرار خلال لقاء عاجل لمباركة هذا التوجه، وأيضا لتفعيل المساطر الداخلية للحزب لانتخاب الأشخاص المناسبين للمناصب المقترحة في الأغلبية الجديدة... لكنني تفاجأت مرة أخرى من اندهاش بعض أعضاء الأمانة العامة لهذا القرار، وعدم علمهم بهذه التفاصيل، والأدهى من ذلك أن الأمانة العامة لم تجتمع ولم تناقش هذا الأمر»، وذلك في انتقاد لاذع منه للقرار.
وتناقل شباب حزب رئيس الحكومة سعد الدين العثماني خبر التحالف على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، سخروا فيها من القرار، وانتقدوا الأمانة العامة للحزب لموافقتها على التحالف مع «الأصالة والمعاصرة» بمباركة الأمين العام.
ودفعت الانتقادات الواسعة، التي وجهت لحزب العدالة والتنمية، قيادته إلى الرد وتبرير حيثيات اتخاذ هذا القرار غير المنتظر، حيث قال سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إن انضمام حزبه إلى الغالبية المسيرة لمجلس جهة طنجة - تطوان - الحسيمة «أملاه تفاعل الحزب مع طلب وارد عليه من جهة الترشيح في هذه الجهة».
وأضاف العمراني في تصريح للموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، عقب اجتماعها مساء أول من أمس، أن اللقاء «استعرض كل الاعتبارات والحيثيات والمساطر والمرجعيات المتعلقة بهذا التحالف»، مؤكدا أن الالتحاق بالغالبية «أمر مهم، ونأمل منه فوائد كثيرة».
كما أوضح العمراني أن ممثلي الكتابة الجهوية للحزب بجهة طنجة - تطوان - الحسيمة «نقلوا للأمين العام مع اللجنة المعنية الحيثيات والخلاصات، التي انتهى إليها اجتماع الكتابة الجهوية وفريق الحزب بالجهة، حيث كان التوجه العام يسير نحو المشاركة في التسيير، والتفاعل بطريقة إيجابية مع الدعوة إلى الدخول للأغلبية، بعدما كان الحزب قد قدم ترشيحه للرئاسة».
ورأى العمراني أن تحالف حزبه مع حزب الأصالة والمعاصرة «انتخابي وتنموي ذو طبيعة محلية، وليس بأي حال من الأحوال تحالفا سياسيا مع الحزب، الذي يرأس الجهة، ونحن ننشد من هذا القرار الدفع بعجلة التنمية في الجهة، استدراكا للخصاص الذي كان في المرحلة السابقة»، مؤكدا أن «العدالة والتنمية» غير معني بشكل مطلق بالشأن الداخلي لحزب الأصالة والمعاصرة، وذلك في رد غير مباشر على القراءات، التي رأت في الخطوة دعما للتيار المناوئ لحكيم بنشماش.
وزاد العمراني مدافعا عن التحالف بقوله: «العموم يعرف أن (العدالة والتنمية) بعد الانتخابات الجماعية (البلدية والقروية) لسنة 2015 أمضى تحالفات مع الحزب، الذي يرأس هذه الجهة في مدن كثيرة، وذلك انسجاما مع المقرر التنظيمي وتوجيهات القيادة على المستوى المركزي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم