لماذا يلتزم أنصار «داعش» الصمت بعد مقتل البغدادي؟

بقايا «داعش» في حالة صدمة وربما تحاول الحفاظ على وحدة التنظيم والاتفاق على خليفة

البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يلتزم أنصار «داعش» الصمت بعد مقتل البغدادي؟

البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

لزم أنصار تنظيم «داعش» الصمت وعدم التصديق بعد أيام من مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي، مما يشير إلى حدوث انهيار في هيكل قيادة التنظيم الذي يسعى للاتفاق على خليفة لزعيمه.
ولم يصدر بيان رسمي أو يُعلن حداد على البغدادي على القناة الرسمية للتنظيم المتشدد على تطبيق «تليغرام» منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أول من أمس (الأحد) مقتله خلال غارة لقوات أميركية خاصة في شمال غربي سوريا.
وتابعت وكالة «أعماق» للأنباء، التابعة للتنظيم عبر حسابها على تطبيق «تليغرام»، عملها كالمعتاد ونشرت منذ يوم الأحد أكثر من 30 إعلان مسؤولية عن هجمات في سوريا ومصر وأفغانستان والعراق مشيدة بمقاتلي التنظيم.
وكانت الأحاديث المتبادلة (الدردشة) بين مناصري المتشددين على وسائل التواصل الاجتماعي أقل بالمقارنة بمقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن عام 2011 وغيره من القادة المتشددين.
ويقول محللون إن بقايا «داعش» في حالة صدمة وربما تحاول الحفاظ على وحدة التنظيم والاتفاق على خليفة قبل أن تؤكد مقتل البغدادي.
وقال الخبير العراقي في شؤون الجماعات المتشددة هشام الهاشمي: «ربما هناك حاليا فوضى داخل ما تبقى من القيادة. المساعدون الرئيسيون قُتلوا والوثائق دُمرت».
وأضاف: «سيرغبون في الاتفاق على خليفة قبل أن يعلنوا مقتله (البغدادي)». مشيرا إلى أن انقساما داخل التنظيم قد يؤجل ذلك.
ويقول محللون إن التنظيم قد يحتاج كذلك لإعادة تسمية نفسه؛ لأن استخدام «الخلافة الإسلامية»، التي أعلنها البغدادي، لم يعد مناسبا بعد أن فقد التنظيم مساحات شاسعة من العراق وسوريا وليبيا التي كان مقاتلوه يسيطرون عليها حتى عام 2017.
وقال ترمب يوم الأحد إن كثيرين من أتباع البغدادي قُتلوا أيضا.
وكتب اليوم (الثلاثاء) على «تويتر» أن الجيش الأميركي قتل على الأرجح الشخص الذي كان من المرجح أن يخلف البغدادي زعيما لتنظيم «داعش». ولم يحدد ترمب بالاسم الشخص الذي يشير له لكن مسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية الأميركية أكد أمس (الاثنين) مقتل أبو الحسن المهاجر المتحدث باسم التنظيم والشخصية البارزة فيه في عملية منفصلة عن تلك التي قُتل فيها البغدادي.
وقال أيمن التميمي، وهو باحث في جامعة سوانسي يركز على تنظيم «داعش»، إن تنظيم «القاعدة» لم يؤكد مقتل أسامة بن لادن في غارة أميركية إلا بعد عدة أيام.
ومرت نحو ستة أسابيع قبل أن يعلن «القاعدة» خليفة أسامة بن لادن.
وأضاف التميمي: «(داعش) قد يعلن مقتل زعميه في رسالته الإخبارية الأسبوعية التي قد تصدر يوم الخميس إذا تسنى الاتفاق على خليفة».
وتابع أن الحاج عبد الله، وهو نائب للبغدادي، كان خليفته المحتمل، مشيرا إلى أنه ما زال على قيد الحياة.
وصدرت تقارير متضاربة من قبل بخصوص ما إذا كان البغدادي لا يزال على قيد الحياة بعد أن فقد «داعش» آخر منطقة مهمة له في سوريا في مارس (آذار) ولجوئه منذ ذلك الحين لتكتيك الكر والفر الخاص بحرب العصابات.
وقد أصبحت منصات للتواصل الاجتماعي مثل «تويتر» تحذف الحسابات المرتبطة بالمتشددين بشكل أسرع كما كثفت العديد من الدول العربية المراقبة لمواقع الإنترنت. وهذا يجعل المستخدمين يضطرون لتغيير الحسابات المشفرة بشكل مستمر.
ومن بين مناصري «داعش» الذين دخلوا على شبكة الإنترنت بعد إعلان ترمب والتزامهم الصمت المطبق في بادئ الأمر عقب الصدمة، عبّر كثيرون عن عدم تصديقهم أو أنكروا الخبر باعتباره كاذبا.
وحذر حساب مرتبط بالتنظيم على تطبيق «تليغرام» المناصرين من تصديق صورة مزعومة تعلن مقتل البغدادي. وانتهت الرسالة بعبارة: «حفظه الله تعالى (البغدادي)»، مما يشير إلى أن الملصق ما زال يعتقد أن البغدادي على قيد الحياة.
وبدا أن مناصرين آخرين على استعداد لتصديق موته، وحثوا أنصاره على مواصلة نضاله في أي حال.
وكتب أحد المناصرين على حساب شخصي على تطبيق «تليغرام»: «مهما حصل، فقافلة الجهاد ماضية ولن تتوقف حتى لو أُبيدت الدولة عن بكرة أبيها».
وقال التميمي إنه لم يكن هناك حداد كبير لأن كثيرين من أنصار المتطرفين سعداء بموت البغدادي؛ لأنه، في نظرهم، أضر بمشروع الجهاد بقسوة جماعته من خلال فرض عقوبات مثل بتر الساقين واليدين.
وقال موقع «سايت»، الذي يرصد مواقع الجماعات المتشددة على الإنترنت، ومقره الولايات المتحدة، إن أنصار تنظيم «القاعدة»، على عكس مؤيدي تنظيم «داعش»، قبلوا مقتل البغدادي.
وأضاف «سايت» أن سراج الدين زريقات، وهو مسؤول سابق في كتائب عبد الله عزام وهي جماعة مرتبطة بـ«القاعدة»، كتب على الإنترنت: «كم من الدماء أُريقت باسم خلافته المتصورة».
وفي وقت متأخر أمس الاثنين بث الشيخ السعودي عبد الله المحيسني أيضا مقطعا مصورا مدته 18 دقيقة يمتدح فيه مقتل البغدادي ويحث أتباعه على التخلي عن التنظيم المتشدد.
وقالت إليزابيث كندال، الباحثة في الدراسات العربية والإسلامية في جامعة أوكسفورد: «بالنسبة للبعض فإن مقتل البغدادي قد يكون القشة الأخيرة التي تقصم ظهر التنظيم ليتخلوا عنه ويعودوا لتنظيم (القاعدة)».


مقالات ذات صلة

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.