السعودية ومصر والأردن تثمن القضاء على البغدادي

الرياض أكدت استمرار جهودها مع حلفائها في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه

سوريون يتفقدون موقع مخبأ البغدادي بعد تدميره في قرية باريشا بمحافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)
سوريون يتفقدون موقع مخبأ البغدادي بعد تدميره في قرية باريشا بمحافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

السعودية ومصر والأردن تثمن القضاء على البغدادي

سوريون يتفقدون موقع مخبأ البغدادي بعد تدميره في قرية باريشا بمحافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)
سوريون يتفقدون موقع مخبأ البغدادي بعد تدميره في قرية باريشا بمحافظة إدلب أمس (أ.ف.ب)

ثمّنت كل من السعودية ومصر والأردن، القضاء على أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، لما يمثله ذلك من خطوة مهمة في إطار السعي للقضاء على الإرهاب. وذكر مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، أمس، أن «حكومة المملكة تابعت إعلان رئيس الولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب، عن نجاح جهود ملاحقة قائد تنظيم (داعش) الإرهابي والقضاء عليه».
وثمّنت حكومة المملكة العربية السعودية، جهود الإدارة الأميركية الكبيرة في ملاحقة زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي والقضاء عليه، وأيضاً في ملاحقة أعضاء هذا التنظيم الإرهابي الخطير، الذي عمل على تشويه الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين حول العالم وارتكاب فظائع وجرائم تتنافى مع أبسط القيم الإنسانية في العديد من الدول ومن بينها السعودية.
وأكد المصدر المسؤول أن «حكومة المملكة مستمرة في جهودها الحثيثة مع حلفائها وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية في محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه والتصدي لفكره الإجرامي الخطير».
وبينما دعت مصر إلى «مواصلة الجهود الدولية للتصدي للإرهاب بجميع أشكاله، وحثت المجتمع الدولي على محاسبة الدول التي تحرّض على الإرهاب». أكد الأردن أن «قتل البغدادي سوف يساعد في الحرب على العصابات الإرهابية». وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد أعلن أول من أمس، عن مقتل البغدادي في عملية عسكرية أميركية شمال غربي سوريا.
من جهته، أعرب أحمد حافظ، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، عن ترحيبه بما أُعلن عن نجاح الجانب الأميركي في القضاء على الإرهابي البغدادي، وما يمثله ذلك من خطوة مهمة في إطار السعي للقضاء على الإرهاب.
وقال حافظ في بيان له، أمس، إن «هذا التطور تتعين معه مواصلة تضافر الجهود الدولية، وتوحيد العمل للتصدي للإرهاب بأشكاله ومظاهره كافة دون تمييز، إذ تنبع كل التنظيمات الإرهابية التكفيرية مثل (داعش) و(القاعدة) وتنظيم (الإخوان) من ذات المصدر الآيديولوجي المتطرف».
وشدد متحدث الخارجية المصرية على «ضرورة معالجة ظاهرة الإرهاب من منظور شامل يأخذ في الاعتبار الأبعاد الأمنية والتنموية، وكذا المواجهة الفكرية بغية تفنيد المفاهيم المغلوطة للنصوص الدينية التي تروج لها الجماعات الإرهابية»، مشيراً إلى «مواصلة مصر حث المجتمع الدولي على محاسبة الدول التي تلعب دوراً سلبياً في إطار التحريض على الإرهاب ودعمه من خلال التمويل وتوفير الملاذ الآمن للعناصر الإرهابية وتسهيل تحركاتها، فضلاً عن إتاحة المنابر المختلفة لنشر الفكر الإرهابي والآيديولوجيات المتطرفة، بما يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة والعالم».
فيما عدّ وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي «مقتل البغدادي خطوة مهمة في الحرب على الإرهاب»، مضيفاً في تغريدة له على حسابه الرسمي في «تويتر» أمس، أن «قتل البغدادي خطوة مهمة في الحرب على العصابات الإرهابية، وعلى ظلامية الإرهاب الذي يمثل مسخاً خارج إنسانيتنا، وعدواً مشتركاً لا علاقة له بحضارة أو دين». وأكد الصفدي أن «الأردن سوف يبقى في مقدمة الدول التي تحارب الإرهاب، وبالتعاون مع التحالف الدولي وشركائنا، دفاعاً عن أمننا وقيمنا».
في غضون ذلك، شدد «الاتحاد الأوروبي على ضرورة البقاء في يقظة، لأن (داعش) لا يزال يشكل تهديداً حقيقياً رغم مقتل البغدادي». وقال متحدث أوروبي في بروكسل، فضّل عدم ذكر اسمه، في تعليق مكتوب عبر البريد الإلكتروني تلقته «الشرق الأوسط»، إن «مقتل البغدادي يشكل خطوة إضافية نحو هزيمة التنظيم، وفي نفس الوقت يجب أن نظل يقظين للغاية للتخفيف من المخاطر التي يشكلها»، مشدداً على أن «مكافحة الإرهاب العالمي تتطلب الوحدة والتصميم والتعاون، حيث سيواصل الاتحاد لعب دوره الفعال في التحالف ضد (داعش)، والعمل على القضاء على الإرهاب».
فيما قال ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «ناتو»، إن «استهداف البغدادي خطوة كبيرة في جهودنا ضد الإرهاب الدولي»، مضيفاً في تغريدة على «تويتر» أن «الحلف الأطلسي يجدد التزامه بالعمل ضد الإرهاب».
من جانبه، أكد وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك، أن «خبر مقتل البغدادي، هو خبر جيد لعائلات ضحايا عمليات التنظيم»، محذراً في تغريدة على «تويتر» من أن «مقتل البغدادي لا يعني انتهاء خطر (داعش)».
وتزامناً مع مطالب محاربة الإرهاب وتجفيف منابعه، قال مرصد «الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة» التابع لدار الإفتاء المصرية، في تقرير له أمس، إن «مقتل البغدادي لن يمثل ضربة كارثية لوجود التنظيم، فالتنظيم لديه كوادر شبابية تمرسوا في المعارك ووصلوا إلى مناصب قيادية، لدرجة أنه يتم تصنيفهم كرموز شر». مضيفاً أن «(داعش) لن يقف مشلولاً بعد مقتل البغدادي، فقد أصبحت منظومة القيادة في (داعش) أكثر اتساعاً بشكل لم يسبق له مثيل، حيث يُرتقب أن يدفع التنظيم بقادة جدد»، لافتاً إلى أنه «من غير المتوقع أن يأفل نجم (داعش) على المدى القريب». وشدد المرصد على أنه «رغم التماسك الهيكلي للتنظيم؛ لكنّ هذا لا يمنع احتمالية أن يؤدي مقتل البغدادي إلى حدوث انشقاقات داخل (داعش)، مما يحدو به إلى اتجاهات جديدة في استراتيجيته، فضلاً عن ظهور عدة سيناريوهات يمكن للتنظيمات التابعة لـ(داعش) في الخارج أن تسير في إطارها، حيث يمكن أن يقرر بعض هذه التنظيمات العودة إلى (القاعدة)، وقد يقرر البعض منها القيام بعمليات انتقامية لإثبات أن (داعش) ما زال قوياً».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».