ممثلو النقابات المستقلة ينزلون إلى الشارع في الجزائر

TT

ممثلو النقابات المستقلة ينزلون إلى الشارع في الجزائر

نزلت قيادات نقابية جزائرية، أمس، إلى الشوارع في أهم مدن البلاد، على أثر دعوة «كونفدرالية النقابات المستقلة»، لشن إضراب ليوم واحد، بدت آثاره على قطاع التعليم أكثر من القطاعات الأخرى. واستمر الصراع، أمس، بين نقابة القضاة ووزير العدل بلقاسم زغماتي، الذي أظهر تمسكاً برفض مطالب القضاة المضربين، خصوصاً العدول عن حركة نقل 3 آلاف منهم إلى أماكن عمل أخرى، أجراها الخميس الماضي، أثارت سخطهم.
ورفع النقابيون، الذين تجمعوا في «ساحة الشهداء» بوسط العاصمة، لافتات تحمل مطالب سياسية يرددها المتظاهرون في حراك الجمعة، ومظاهرات طلاب الجامعات كل يوم ثلاثاء، وتتمثل في تغيير النظام، ورفض انتخابات الرئاسة المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. ومن بين الشعارات التي رددوها: «لا انتخابات مع نظام العصابات»، و«أكلتم البلاد يا السرَاقين». كما رفع المتظاهرون مطالبة مهنية خاصة بالأزمة الاقتصادية الناجمة عن انخفاض سعر النفط، التي نتج عنا تسريح مئات العمال من قطاعات الأشغال والبناء والنسيج.
وقال رشيد معلاوي رئيس «النقابة المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية» (عضو بالكونفدرالية)، لـ«الشرق الأوسط»، إن الإضراب «شهد استجابة واسعة في كثير من المناطق، أهمها وهران (غرب) وتيزي وزو (شرق) ومناطق كثيرة داخل البلاد، يعاني سكانها من تدهور خطير في القدرة الشرائية، وتطمينات الحكومة بخصوص تحسين أوضاعهم، لم تعد تقنعهم». وأشار إلى أن الإضراب بولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، شلَّ كل قطاعات النشاط الاقتصادي والخدمات. وكانت بجاية أول ولاية انتفضت ضد ترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لولاية خامسة، فيما اندلعت الاحتجاجات الشعبية الكبيرة في وقت لاحق (يوم 22 فبراير/ شباط الماضي).
يُشار إلى أن «الكونفدرالية» تضم 13 نقابة «مستقلة» عن «الاتحاد العام للعمال الجزائريين» (النقابة المركزية)، الذي يساند سياسات الحكومة، وهي غير معترف بها من طرف وزارة العمل التي تقلل عادة من أهميتها ودرجة تمثيلها في عالم الشغل.
وواصل القضاة، أمس، بكل الجهات القضائية، إضرابهم لليوم الثاني، غير مبالين بتهديدات وزير العدل بلقاسم زغماتي، بفصلهم. وخرج القضاة العاملون بمحكمة الاستئناف بتيزي وزو إلى الشارع، وهذا للمرة الثانية منذ بداية الحراك الذي كان القضاة في صفوفه الأولى، إذ استنكروا «هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء».
وأكد يسعد مبروك رئيس نقابة القضاة، لصحافيين بالعاصمة، أمس، أن نسبة نجاح الإضراب في يومه الثاني «بلغت 98 في المائة، ولن يتوقف حتى تتحقق كل المطالب»، وكان يشير خصوصاً إلى حركة التغييرات في المناصب وأماكن العمل، التي يعتبرها غالبية القضاة غير مناسبة لهم. وكان الوزير صرَّح بأنه عرض التغييرات على «المجلس الأعلى للقضاء»، المسؤول قانوناً على المسار المهني للقضاة، وأنه وافق عليها، فيما تقول النقابة إن ذلك لم يتم، وأعابت على زغماتي «تعامله بنرجسية مع القضاة».
وكتب وزير الثقافة والإعلام سابقاً، عبد العزيز رحابي، في حسابه بـ«فيسبوك»، أمس، أن «انتفاضة القضاة ضد هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء، دفاعاً عن مسارهم المهني، كان متوقعاً، ويعتبر منعرجاً حاسماً في مواكبة الحراك الشعبي المبارك، الذي ينادي دون انقطاع بتحرير القضاء شرطاً لإرساء دولة القانون». ويرى رحابي أن «القضاة أمام فرصة لا تُعوض للحسم نهائياً، في إشكالية الفصل بين العدالة والسلطة التنفيذية البوتفليقية، التي وظفت العدالة في السياسة لتوفير الحصانة للفاسدين».



15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
TT

15 ألف طالب يمني في تعز تسربوا خلال فصل دراسي واحد

المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)
المعلمون في تعز يواصلون احتجاجاتهم المطالبة بزيادة الأجور (إعلام محلي)

في حين يواصل المعلمون في محافظة تعز اليمنية (جنوب غرب) الإضراب الشامل للمطالبة بزيادة رواتبهم، كشفت إحصائية حديثة أن أكثر من 15 ألف طالب تسربوا من مراحل التعليم المختلفة في هذه المحافظة خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وعلى الرغم من قيام الحكومة بصرف الرواتب المتأخرة للمعلمين عن شهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، فإن العملية التعليمية لا تزال متوقفة في عاصمة المحافظة والمناطق الريفية الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية بسبب الإضراب.

ويطالب المعلمون بإعادة النظر في رواتبهم، التي تساوي حالياً أقل من 50 دولاراً، حيث يُراعى في ذلك الزيادة الكبيرة في أسعار السلع، وتراجع قيمة العملة المحلية أمام الدولار. كما يطالبون بصرف بدل الغلاء الذي صُرف في بعض المحافظات.

الأحزاب السياسية في تعز أعلنت دعمها لمطالب المعلمين (إعلام محلي)

ووفق ما ذكرته مصادر عاملة في قطاع التعليم لـ«الشرق الأوسط»، فإن محافظتي عدن ومأرب أقرتا صرف حافز شهري لجميع المعلمين يقارب الراتب الشهري الذي يُصرف لهم، إلا أن هذه المبادرة لم تُعمم على محافظة تعز ولا بقية المحافظات التي لا تمتلك موارد محلية كافية، وهو أمر من شأنه - وفق مصادر نقابية - أن يعمق الأزمة بين الحكومة ونقابة التعليم في تلك المحافظات، وفي طليعتها محافظة تعز.

ظروف صعبة

وفق بيانات وزعتها مؤسسة «ألف» لدعم وحماية التعليم، فإنه وفي ظل الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع التعليم في مدينة تعز وعموم مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، ازدادت تداعيات انقطاع الرواتب والإضراب المفتوح الذي دعت إليه نقابة المعلمين، مع إحصاء تسرب أكثر من 15 ألفاً و300 حالة من المدارس خلال النصف الأول من العام الدراسي الحالي.

وقال نجيب الكمالي، رئيس المؤسسة، إن هذا الرقم سُجل قبل بدء الإضراب المفتوح في جميع المدارس، وتعذر استئناف الفصل الدراسي الثاني حتى اليوم، معلناً عن تنظيم فعالية خاصة لمناقشة هذه الأزمة بهدف إيجاد حلول عملية تسهم في استمرار العملية التعليمية، ودعم الكادر التربوي، حيث ستركز النقاشات في الفعالية على الأسباب الجذرية لانقطاع الرواتب، وتأثيرها على المعلمين والمؤسسات التعليمية، وتداعيات الإضراب على الطلاب، ومستقبل العملية التعليمية، ودور المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية في دعم قطاع التعليم.

المعلمون في عدن يقودون وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين الأجور (إعلام محلي)

وإلى جانب ذلك، يتطلع القائمون على الفعالية إلى الخروج بحلول مستدامة لضمان استمرارية التعليم في ظل الأزمات، ومعالجة الأسباب التي تقف وراء تسرب الأطفال من المدارس.

ووجهت الدعوة إلى الأطراف المعنية كافة للمشاركة في هذه الفعالية، بما في ذلك نقابة المعلمين اليمنيين، والجهات الحكومية المعنية بقطاع التعليم، ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية.

آثار مدمرة

كانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد ذكرت منتصف عام 2024، أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح. وأفادت بأن شركاء التعليم يعيدون تأهيل وبناء الفصول الدراسية، ويقدمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس، وعدّت أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

وتقول المنظمة إنه منذ بداية الحرب عقب انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية، خلفت الهجمات التي تعرض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في البلاد، وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

1.3 مليون طفل يمني يتلقون تعليمهم في فصول دراسية مكتظة (الأمم المتحدة)

وأكدت المنظمة الأممية أن للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً، تأثيراً بالغاً على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة في اليمن.

ووفق إحصاءات «اليونيسيف»، فإن 2,916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل أربع مدارس) قد دمرت أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع الذي شهده اليمن.

كما يواجه الهيكل التعليمي مزيداً من العوائق، تتمثل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلمين (ما يقرب من 172 ألف معلم ومعلمة) على رواتبهم بشكل غير منتظم منذ عام 2016، أو انقطاعهم عن التدريس بحثاً عن أنشطة أخرى مدرة للدخل.