طلبة المدارس والجامعات العراقية يلتحقون بموجة الاحتجاجات الشعبية

علاوي يدعم تحركهم ويصف العملية السياسية بـ«الأضحوكة الكبرى»

TT

طلبة المدارس والجامعات العراقية يلتحقون بموجة الاحتجاجات الشعبية

التحق طلبة المدارس والجامعات العراقية بموجة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط النظام التي انطلقت مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وتتواصل بزخم أكبر هذه الأيام. ووصل الآلاف من الطلبة بقمصانهم البيضاء إلى ساحة التحرير وسط بغداد التي تعد المركز الرئيسي للاحتجاجات والتحقوا وأعلنوا تضامنهم ودعمهم لبقية المحتجين الموجودين والمعتصمين في الساحة.
كما نظم طلبة جامعات المستنصرية وبغداد والكندي والعراقية وقفات احتجاجية تأييدا وتضامنا مع المتظاهرين. وكان لافتا حضور طلبة كليات الطب والصيدلة في تلك الجامعات. كذلك التحق طلبة المدارس الثانوية والإعدادية في جانبي الكرخ والرصافة من بغداد بالحراك الاحتجاجي من خلال تنظيم وقفات احتجاجية مماثلة في مدارسهم دعما للمتظاهرين، ورددت مختلف الفئات الطلابية هتافات منددة بعمليات القمع التي تنتهجها السلطات، وأخرى مطالبة برحيل النظام. ولم يسبق أن التحق طلبة الجامعات بهذه الأعداد الكبيرة بالحركات الاحتجاجية التي خرجت في السنوات السابقة. ولفت انتباه المتظاهرين، أن قوات الأمن لم تلجأ كعادتها المتواصلة منذ أيام إلى فض مظاهرات الطلبة في ساحة التحرير وضربهم بالقنابل المسيلة للدموع. ويرى عدد غير قليل من المراقبين، أن التحاق الطلبة بالاحتجاجات سيؤدي إلى زيادة زخمها في الأيام المقبلة، ويكرس الطابع السلمي لها ويسحب البساط من أيدي بعض أذرع السلطة التي تروج لموضوع استعمال العنف من قبل المتظاهرين والاتهامات بالدعم الخارجي لجماعات الحراك الاحتجاجي.
بدورها، أكد مصدر مطلع في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أمس، أن الوزارة تقف مع الطلاب والأساتذة الجامعيين في اعتصاماتهم، مشترطة أن «تعكس هذه المظاهرات الوجه الحضاري لطلبة وأساتذة الجامعات العراقية». ودعا المصدر إلى «الابتعاد عن أعمال العنف والتخريب التي تسيء إلى سمعة التعليم في العراق». وخلافا لوزارة التعليم، أعلنت وزارة التربية، أمس، عن إصدارها توجيهاً بمعاقبة وفصل مديري المدارس المتسببين بتعطيل الدوام الرسمي. وقال المتحدث باسم الوزارة فراس محمد حسن في تصريحات إن «وزارة التربية وجهت مديرياتها بالحفاظ على سير العملية التربوية، والدوام مستمر في المدارس ولا يوجد أي تعطيل أو إيقاف إجباري».
من جهة أخرى، أظهر فيديو تداوله ناشطون حارسا أمنيا في إحدى المدارس العراقية وهو يتشاجر مع إحدى المدرسات التي تطالب بالسماح للطلبة بالوقوف وقفة تضامنية مع المتظاهرين.
بدوره، رحب رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي بمظاهرات الطلبة، وقال في تغريدة عبر «تويتر»: «موقف مشرف لطلبة المدارس والجامعات بدعمهم ومساندتهم للمظاهرات المطلبية من أجل المضي بالإصلاح الشامل والكامل»، معتبرا أن ذلك «يؤكد قوة وعظمة هذا الشعب، وعمق وحدته وترابطه لنيل حقوقه المسلوبة، بوركت وقفتكم، وبورك بوحدتكم وتلاحمكم، لأجل غدٍ مشرق في عراقٍ حرٍ أبي».
وفي موضوع ذي صلة بالمظاهرات، استنكر إياد علاوي، أمس، الاعتداءات التي طالت المتظاهرين السلميين وخلفت المئات من الشهداء وآلافا من الجرحى، مؤكداً أن «السكوت لم يعد مسموحاً به أمام الله ثم أمام الشعب». وقال علاوي، في بيان، إن «العملية السياسية، التي قادها بأول انتخابات نزيهة، خرجت عن جادة الصواب وتحقيق مصالح شعبنا، وغدت أضحوكة كبرى وعبئاً ثقيلا على الشعب العراقي الكريم». ورأى أنها باتت «أسيرة للمحاصصة الطائفية والفساد وعرضة للانتهاكات والاستباحة من قبل دول خارجية، وضحية لدستور مكبل، مما يستوجب إعادتها للمسار الصحيح، بطرق سلمية، وانتخابات نزيهة وبقانون جديد ومفوضية قادرة جديدة وبدستور يأخذ بعين الاعتبار دور الشباب والنساء، بناة الوطن وقادة المستقبل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.