أعلن رئيس نقابة القضاة في الجزائر، يسعد مبروك، أن إضراباً شنَه نحو 6 آلاف قاضٍ أمس شلَ كل المحاكم في البلاد، احتجاجاً على تغييرات كبيرة أحدثتها الحكومة، الخميس الماضي، تتعلق بنقل 3 آلاف قاضٍ إلى أماكن عمل مختلفة. وأكد وزير العدل بلقاسم زغماتي، في تصريحات سابقة، أن عملية تبديل أماكن عمل القضاة «تأتي في سياق الحرب التي نخوضها ضد الفساد». وقال رئيس النقابة لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات القضائية «تسعى إلى تغليط الرأي العام بحديثها عن محاربة الفساد كهدف من وراء نقل 3 آلاف قاض من أماكن عملهم، فالمسألة أخطر من ذلك». ولمح إلى أن القضاة يتعرضون إلى ضغوط كبيرة من طرف الحكومة في شأن التعاطي مع قضايا نشطاء الحراك الذين أودع العشرات منهم في الحبس الاحتياطي، بينما القانون يتيح بدائل كالرقابة القضائية والإفراج المؤقت.
وشلَ كل القضاة العمل بمحاكم الاستئناف والمحاكم الابتدائية، في خطوة عدَت «تصعيداً ضد وزير العدل» الذي اتهموه بـ«إحداث التغيير خارج إرادة المجلس الأعلى للقضاء»، وهو هيئة مسؤولة قانوناً عن التسيير المهني للقضاة. وأثارت حركة الاحتجاج تذمَر متقاضين في كثير من المحاكم، كانوا يترقبون محاكمات أو تسلم وثائق رسمية كصحيفة السوابق العدلية ووثيقة الجنسية. كما أثار سخط محامين، بسبب تأجيل الفصل في ملفات موكليهم. وأفاد مصدر حكومي بأن الوزير زغماتي أوفد مفتشين تابعين لوزارة العدل إلى الكثير من المحاكم لإعداد تقارير عن القضاة المحتجين، تمهيداً لإنزال عقوبات تأديبية بحقهم. وهاجم زغماتي النقابة مؤكدا على أن «القانون العضوي المتضمن القانون الأساسي للقضاة، يمنع على القاضي القيام بأي عمل فردي أو جماعي من شأنه أن يؤدي إلى وقف أو عرقلة سير العمل. كما نص على أنه يمنع على القاضي المشاركة في أي إضراب أو التحريض عليه. ويعتبر ذلك إهمالاً لعمله».
ويعد إضراب القضاة، وفق القانون، «خروجاً عن واجب التحفظ»، يقابله عزل من المنصب. ويأخذ الإضراب، غير المحدود، شكل احتجاج سياسي. ويشار إلى أن القضاة كانوا في طليعة الحراك الشعبي عندما بدأ في 22 فبراير (شباط) الماضي، وطالبوا يومها بـ«الاستقلال عن السلطة التنفيذية في الممارسة، وليس في النصوص النظرية». وينص دستور الجزائر على الفصل بين السلطات، غير أن القضاة يعتبرون أن الرئاسة والجيش يحكمان سيطرة كاملة على القضاء وباقي أجهزة الدولة. ويتعرض القضاة لانتقاد من طرف بعض الناشطين السياسيين الذين يعبَرون عن ذلك في حراك الجمعة ومظاهرات طلاب الجامعات، وذلك بسبب قرارات بالسجن المؤقت أصدروها ضد الكثير منهم، تجاوباً مع توجيهات الجيش.
من جهة أخرى، أشاد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، أمس، في خطاب بمناسبة زيارته منشأة عسكرية بالقرب من العاصمة، بـ«الإنجازات النوعية التي قام بها الجيش، التي بفضلها تتعزز قدراته في مجال التكنولوجيا، وهو ما يترجم بصدق المجهودات الجبارة المبذولة، ويعكس الاهتمام المتزايد والرعاية المتواصلة التي توليهما القيادة العليا لمجال تطوير سلاح الإشارة وأنظمة المعلومات والحرب الإلكترونية، وعليه، فإنه يحق فعلاً لهذا السلاح أن يفتخر بما تحقق حتى الآن من إنجازات، التي تعد من الشواهد الدالة على الخطوات الكثيرة التي ما فتئ يقطعها الجيش الوطني الشعبي بنجاح باهر، في هذا المجال».
وأكد قايد صالح أن «الحروب المستقبلية، هي بالأساس حروب إلكترونية، فمن أجل ذلك يزداد اهتمام الجيش الوطني الشعبي بهذا القطاع الحيوي، ويزداد معه طموحه إلى تحقيق مستويات أفضل سنة بعد سنة، سواء من الجانب التطويري والتجهيزي، أو من ناحية التحكم في آليات استعماله وحسن توظيفه أو من جانب تدريب وتكوين الطاقات البشرية المؤهلة القادرة على ترقية هذا السلاح وتحقيق النتائج المرجوة».
تصعيد حاد بين القضاة والحكومة الجزائرية
إضراب عام احتجاجاً على غياب «الاستقلال عن السلطة»
تصعيد حاد بين القضاة والحكومة الجزائرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة