حيل الشعاب المرجانية للتأقلم مع تغير المناخ

باحثو «كاوست» يعززون قوة التحمل لدى المرجان

خضعت مستعمرات من المرجان الأملس القرنبيطي للدراسة في أحواض ذات مستويات حموضة متغيّرة لمدة عامين
خضعت مستعمرات من المرجان الأملس القرنبيطي للدراسة في أحواض ذات مستويات حموضة متغيّرة لمدة عامين
TT

حيل الشعاب المرجانية للتأقلم مع تغير المناخ

خضعت مستعمرات من المرجان الأملس القرنبيطي للدراسة في أحواض ذات مستويات حموضة متغيّرة لمدة عامين
خضعت مستعمرات من المرجان الأملس القرنبيطي للدراسة في أحواض ذات مستويات حموضة متغيّرة لمدة عامين

يحذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من التهديدات التي تواجه الشعاب المرجانية، أحد أروع أنواع الحياة على سطح الأرض، وضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة من أجل الحفاظ عليها. وتوفر الشعاب المرجانية الغذاء وسبل العيش لمئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم، وتدعم أكثر من ربع الحياة البحرية، وتحمي المجتمعات والسواحل من الكوارث الطبيعية وتحافظ على التوازن البيئي.
أحد التهديدات التي تواجه الشعاب المرجانية هي تأثيرات الاحتباس الحراري، وفي هذا عمل باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) على إيجاد طرق يمكن أن تساعد تلك الشعاب على التأقلم مع تلك التأثيرات وكيف يمكن لعملية جزيئية تشير إلى وجود خطر ما، أن تساعدها على مواجهة التهديد.
عمل الفريق البحثي على التحقق مما إذا كان من الممكن أن تلعب مثيلة الحمض النووي، أي إضافة «مجموعة الميثيل» له، دوراً في مساعدة الشعاب المرجانية على التكيف مع تغير المناخ. وجدير بالذكر فإن ما يسمى بالتنظيم الجيني هو مجموعة من الآليات تستخدمها الخلية لزيادة أو خفض نواتج جينية بعينها كالبروتين أو الحمض النووي الريبي للتأقلم مع التغيرات المختلفة.
وعادة ما تتحكم الخلايا في التعبير الجيني بإضافة مجموعة الميثيل لجزء من الحمض النووي الخاص بها، مما يغير كيفية قراءة المعلومات على الحمض النووي، دون تغيير الشفرة الوراثية.
وضع الباحثون مستعمرات من المرجان الأملس القرنبيطي Stylophora pistillata، في أحواض مليئة بمياه البحر ذات مستويات حموضة متغيرة لمدة عامين، حيث إن تحمُّض المحيطات هو عملية ناتجة عن تغير المناخ، وهو ما يعرقل قدرة الشعاب المرجانية على إنتاج كربونات الكالسيوم الذي تحتاج إليها للحفاظ على هياكلها.
وافترض الباحثون أن مثيلة الحمض النووي، قد تسمح للشعاب المرجانية بتخفيف هذه التأثيرات عن طريق تغيير طريقة نموها. وبعد مرور عامين، حدَّد الفريق تسلسل الحمض النووي للشعاب المرجانية والتغييرات في أنماط المثيلة.
يقول عالم الوراثة الدكتور يي جين ليو: «لاحظنا أن الشعاب المرجانية التي تنمو تحت ظروف حمضية أكثر، بها مستويات أعلى من مثيلة الحمض النووي، وكانت الجينات ذات المثيلة الزائدة مرتبطة بنمو الخلايا واستجابة الإجهاد، ولكن ليس إلى درجة التكلس كما اعتقدنا في البداية». وتماشياً مع هذه النتيجة، اكتشف الفريق أن أحجام الخلايا والسلائل في الشعاب المرجانية زادت أيضاً مع ارتفاع الحموضة. وسلائل الشعاب المرجانية هي عبارة عن آلاف الحيوانات الدقيقة التي تكوِّن الشعاب المرجانية.
ويوضح عالم الأحياء الجزيئية، الدكتور مانويل أراندا الأستاذ المشارك في علوم البحار، قسم العلوم والهندسة البيولوجية والبيئية بكاوست، أن السلائل المرجانية تستقر في تجاويف صغيرة تسمى الكؤوس، حيث يمكنها أن تتراجع بداخلها طلباً للحماية. وكلما زاد حجم السلائل، أصبح لديها كؤوس أكبر. ويضيف قائلاً: «إذا كانت الكأس أكبر، يحتاج المرجان إلى إنتاج هيكل عظمي أقل لينمو بنفس الوتيرة. أُسمِّي هذه الحالة «فرضية الجبن السويسري»، حيث يصنع المرجان ثقوباً أكبر، لذا فهو يحتاج إلى إنتاج كميات أقل من الجبن، مما يسمح له بالنمو بنفس السرعة رغم ضعف إنتاج الهيكل العظمي».
وهذه الميزة ستكون مفيدة في بيئة يُشكِّل فيها التنافس على المساحة والضوء ضغطاً انتقائيّاً مهمّاً. وتشير النتائج إلى أن مثيلة الحمض النووي يمكن أن تستخدم كعلامة على الإجهاد المرجاني.
ويقول أراندا إن من الممكن استخدام هذه الآلية الوراثية أيضاً في زراعة الشعاب المرجانية في ظروف المحيطات المستقبلية من أجل تكييفها مع درجات حرارة أعلى وتعرف هذه العملية بالتصلب البيئي.
ويقول ليو: «نأمل أن تغيّر مساهمتنا النظرة الحالية لعلماء الأحياء البحرية التي تقول إن علم الوراثة لا يُسهم كثيراً في قوة التحمل لدى المرجان».
ويُخطط الفريق بعد ذلك للتحقق مما إذا كان من الممكن تمرير هذه التغييرات الوراثية إلى الأجيال القادمة، ويقول ليو: «الفكرة ثورية إلى حدٍّ ما».



الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي
TT

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

الذكاء الاصطناعي... الثورة القادمة في طب الأسنان الجنائي

لطالما كان مجال طب الأسنان العدلي أو الجنائي ميداناً حيوياً في علم الطب الشرعي، إذ يقدم الأدلة الأساسية التي تساعد في كشف الجرائم وحل الألغاز القانونية.

الأسنان لتحديد الهوية

وتجرى التحقيقات الجنائية لحل الألغاز القانونية من خلال:

> تحديد الهوية: يتم استخدام الأسنان وبصمات الأسنان لتحديد هوية الأفراد في حالات الكوارث الطبيعية، الحوادث، أو الجرائم، خصوصاً عندما تكون الجثث مشوهة أو متحللة.

> تحليل علامات العضّ: يساعد تحليل علامات العض الموجودة على الأجساد أو الأشياء في تحديد الجناة أو الضحايا من خلال مقارنة العلامات مع أسنان المشتبه بهم.

> تقييم العمر: يمكن لطب الأسنان الجنائي تقدير عمر الأفراد بناءً على تطور الأسنان وتركيبها، مما يساعد في قضايا مثل الهجرة غير الشرعية وحالات الاستغلال للأطفال.

> فحص الجثث المجهولة: يتم استخدام تقنيات طب الأسنان لفحص الجثث المجهولة والتعرف عليها من خلال السجلات الطبية للأسنان.

> الأدلة الفموية: يمكن للأدلة المستخرجة من الفم والأسنان أن توفر معلومات حول نمط حياة الأفراد، مثل النظام الغذائي والعادات الصحية، التي قد تكون ذات صلة بالقضايا الجنائية.

> الكشف عن التزوير والتزييف: يمكن تحليل التركيبات السنية والأسنان المزيفة لتحديد التزوير والتزييف في الأدلة الجنائية.

> التشخيص المسبق: يستخدم طب الأسنان العدلي في تشخيص الإصابات الفموية وتحليلها لتحديد ما إذا كانت ناتجة عن أعمال جنائية أو غيرها.

دور الذكاء الاصطناعي

ومع التقدم السريع في التكنولوجيا، يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً متزايداً في تعزيز هذا المجال وجعله أكثر دقة وفاعلية. وسنستعرض كيف يغير الذكاء الاصطناعي ملامح طب الأسنان العدلي ودوره المحوري في تحسين عملية التشخيص وتقديم الأدلة الجنائية.

> الذكاء الاصطناعي في تحليل الأدلة، يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الضخمة بسرعة ودقة، وهو ما كان يستغرق أياماً أو حتى أسابيع لفرق من الأطباء والمختصين. أما الآن، فباستخدام خوارزميات التعلم الآلي، يمكن تحليل الصور الفموية والأشعة السينية وتحديد الهوية من خلال بصمات الأسنان بوقت قياسي قد لا يتجاوز الساعة.

> التشخيص الدقيق، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الدقة في التشخيص من خلال تحليل البيانات الفموية مثل تحديد هوية العضات والعمر والجنس للضحايا من خلال الأسنان وعظم الفك وتحديد الأنماط غير المرئية بالعين المجردة. ويساعد هذا الأطباء في تمييز الحالات العادية من الحالات الحرجة التي قد تكون ذات صلة بالجرائم أو الحوادث.

> تحديد الهوية، يُعد تحديد الهوية من خلال الأسنان من أهم تطبيقات طب الأسنان العدلي، خصوصاً في حالات الكوارث أو الجثث غير معروفة الهوية. وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن مقارنة البيانات الفموية بسرعة مع قواعد بيانات السجلات الطبية الرقمية، مما يسهل عملية التعرف على الضحايا بدقة عالية. كما مكنت خوارزميات الذكاء الاصطناعي من إعادة بناء الوجه بعد حوادث الغرق أو الحريق أو الطائرات لسهولة التعرف على الضحايا.

ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، نتوقع أن يصبح طب الأسنان العدلي أكثر تطوراً وفاعلية، فالذكاء الاصطناعي لا يقلل من الوقت والجهد فحسب، بل يساهم أيضاً في تقليل الأخطاء البشرية وتحقيق نتائج أكثر دقة ومصداقية. بفضل التعاون بين الخبراء في مجالات التكنولوجيا والطب الشرعي، يتم تطوير تطبيقات جديدة لتحديد العمر والجنس وحتى الأصل العرقي بناءً على تحليل الأسنان.

وعلى الرغم من الفوائد العديدة للذكاء الاصطناعي في طب الأسنان العدلي، هناك تحديات يجب التغلب عليها. ومن بين هذه التحديات ضرورة تحسين دقة الخوارزميات وتجنب التحيزات التي قد تؤثر على النتائج. بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة لضمان الخصوصية وحماية البيانات الشخصية للمرضى.

وتنفيذ الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في طب الأسنان العدلي، يجب على المؤسسات التعليمية توفير التدريب اللازم للأطباء والمختصين في هذا المجال. يشمل ذلك تعليمهم كيفية استخدام الأدوات التكنولوجية الجديدة، وفهم كيفية تفسير النتائج التي تنتج عن الخوارزميات الذكية.

وتبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا السياق بوضوح أهمية التقنية في تحسين حياتنا وجعل مجتمعاتنا أكثر أماناً وعدالةً.