أبو بكر البغدادي... سنوات من الكراهية والإرهاب

البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

أبو بكر البغدادي... سنوات من الكراهية والإرهاب

البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
البغدادي في آخر ظهور له بفيديو نشر في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

ما بين ظهورين نادرين ومقاطع صوتية مسجلة نشرها موالون له، تصدر زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي قائمة أبرز الإرهابيين المطلوبين في العالم. ومع تداول وسائل الإعلام الأميركية اليوم (الأحد) تقارير تشير إلى مقتله على الأرجح، إثر غارة أميركية على إدلب في سوريا، وفي انتظار تأكيد رسمي، تطوى بذلك فصول من الجدل خلال السنوات الماضية، حول ادعاءات متعددة بمقتله، والتي كان يثبت عدم صحتها فيما بعد.
وكان الظهور الأول للبغدادي، حينما اعتلى منبر مسجد «النوري» في الموصل، في يوليو (تموز) 2014، معلناً قيام «خلافة» مزعومة لتنظيمه، على الأراضي التي يسيطر عليها التنظيم المتطرف في سوريا والعراق.
وجاء الظهور الثاني بعد خمس سنوات، وبالتحديد في أبريل (نيسان) الماضي، حين نُشر تسجيل فيديو دعائي، يقر فيه بهزيمة «داعش» في سوريا، متعهداً بـ«الثأر» لقتلى تنظيمه المتطرف، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.
وبعدما كان يتحكم في وقت ما بمصير سبعة ملايين شخص، على امتداد أراضٍ شاسعة في سوريا وما يقارب ثلث مساحة العراق، لم يعد يقود مؤخراً إلا مقاتلين مشتتين هم أنفسهم عاجزون عن معرفة مكان وجوده.

تسجيلات صوتية

لم تصدر أي إشارة عن البغدادي منذ فيديو تم نشره في أبريل الماضي، وقبله تسجيل صوتي تم بثه في أغسطس (آب) 2018، دعا فيه أنصاره إلى «عدم التخلي عن جهاد عدوهم»، على الرغم من الهزائم الكثيرة التي مني بها المتطرفون في العراق وسوريا.
وقبل ذلك صدر تسجيل صوتي آخر للبغدادي في سبتمبر (أيلول) 2017، قبل أقل من شهر على طرد التنظيم المتطرف من مدينة الرقة، معقله الأبرز في سوريا سابقاً، على وقع هجوم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» حينها.
ورصدت الولايات المتحدة مكافأة قدرها 25 مليون دولار لمن يساعد على الوصول إلى البغدادي، البالغ من العمر 47 عاماً. وحسب محللين، فإنه كان يختبئ في كهوف بالصحراء السورية.

النشأة والميلاد

اسمه الأصلي إبراهيم عواد إبراهيم البدري، ولد في عام 1971 لأسرة فقيرة في مدينة سامراء شمال بغداد، وكان مولعاً بكرة القدم، ويحلم بأن يصبح محامياً؛ لكن نتائجه الدراسية لم تسمح له بدخول كلية الحقوق.
أبدى أيضاً طموحاً للالتحاق بالسلك العسكري؛ لكن ضعف بصره حال دون ذلك، لتقوده الأمور في نهاية المطاف إلى الدراسات الدينية في بغداد، قبل أن يصبح إماماً في العاصمة العراقية، في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
وحتى عام 2004، قضى البغدادي سنوات دراساته العليا في حي الطوبجي في بغداد، مع زوجتين وستة من الأبناء.
وكان يُعلم تلاوة القرآن لأطفال المنطقة في أحد المساجد؛ حيث كان أيضاً نجماً لفريق المسجد في كرة القدم، وفقاً لما ذكرته شبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

طريق الكراهية والتطرف

خلال الغزو الأميركي للعراق في 2003، شكل البغدادي مجموعة صغيرة من المتطرفين قبل أن يتم توقيفه واعتقاله في سجن بوكا.
وفقاً لتقرير نشرته شبكة «سي إن إن» الأميركية، فإن سيرة البغدادي التي نشرتها مواقع متطرفة في عام 2014، تزعم أنه قضى «السنوات الثماني والنصف الماضية في قتال وفرار»، وهو ما قد يفسر سبب وجوده في معقل التمرد بالفلوجة؛ حيث تم اعتقاله في عام 2004.
وأشارت التقارير إلى أنه احتجز بعد ذلك، ربما حتى عام 2009، تحت اسم إبراهيم عوض إبراهيم البدري، في معسكر بوكا، وهو منشأة أميركية؛ حيث تم احتجاز المتطرفين الرئيسيين.
وفي غياب أدلة تدينه، أفرج عنه، والتحق بمجموعة من المقاتلين تحت راية تنظيم «القاعدة»؛ خصوصاً بعد وفاة أبو مصعب الزرقاوي في غارة قصف أميركية في عام 2006، وخلفه أبو أيوب المصري.
وتأسس فصيل منشق عن تنظيم «القاعدة» هناك، وغير اسمه في 2006 إلى «تنظيم داعش في العراق» وتولى البغدادي قيادته لسنوات.
وقد استفاد من الفوضى بسبب النزاع في سوريا، وتمركز مع مقاتليه فيها في 2013، قبل هجومه الكاسح في العراق.
وعُين البغدادي رئيساً للجنة الشريعة، واختير عضواً في مجلس الشورى للتنظيم، الذي يضم 11 عضواً، ويقدم المشورة لأمير التنظيم آنذاك أبو عمر البغدادي.
كما اختير بعد ذلك عضواً في لجنة التنسيق في تنظيم «القاعدة» في العراق، والتي كانت تشرف على الاتصال بقادة التنظيم في العراق.
وبعد مقتل مؤسس تنظيم «القاعدة» في العراق وأميره في أبريل عام 2010، اختار مجلس الشورى أبو بكر البغدادي أميراً جديداً، وذلك وفقاً لما ذكرته شبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وبعد بدء الأزمة السورية عام 2011، أرسل البغدادي عناصر إلى هناك لتأسيس جماعة تابعة لـ«داعش»، وأنهى ارتباطه بشكل تام مع تنظيم «القاعدة» في 2013، وغير اسم التنظيم إلى «الدولة الإسلامية في العراق والشام».
وكان عام 2014، مليئاً بالانتصارات الخاطفة للتنظيم، باستيلائه على الفلوجة في العراق والرقة في سوريا في مطلع العام، ثم الاستيلاء على الموصل وتكريت في منتصف العام، واجتياح الحدود مع سوريا.
ومن منبر مسجد «النوري» الكبير في الموصل، أعلن البغدادي قيام دولة «خلافة» مزعومة في المناطق التي سيطر عليها التنظيم، الذي غير اسمه لـ«داعش».
وبدأ بذلك عهد من الإرهاب في تلك المناطق، ففي سوريا ذبح التنظيم مئات من أفراد عشيرة الشعيطات.
وفي العراق ذبح الآلاف من الإيزيديين في سنجار، وأجبر أكثر من سبعة آلاف امرأة وفتاة على الرق الجنسي.
كما قطع التنظيم رؤوس رهائن أجانب في مقاطع مصورة اتسمت بالعنف.
وفي سبتمبر 2014، شكلت الولايات المتحدة تحالفاً للحرب ضد «داعش»، بدأ بتنفيذ ضربات جوية لوقف زحفه، وساعدت «وحدات حماية الشعب» الكردية السورية على إجباره على التقهقر من مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود مع تركيا.
تمكن العراق في عام 2016، من استعادة السيطرة على الفلوجة في يونيو (حزيران) والتي كانت أول مدينة يسيطر عليها التنظيم في بداية انتصاراته.
مني التنظيم عام 2017 بهزائم منكرة، فقد خسر سيطرته على الموصل بالعراق في يونيو في عملية شنتها القوات العراقية بعد أشهر من القتال الشرس، وأعلنت بغداد على أثر ذلك انتهاء مناطق «داعش» التي أعلنها التنظيم.
واستمرت المحاصرة وعمليات القتال حتى أبريل 2019، بعد حصار «قوات سوريا الديمقراطية» لقرية الباغوز، وهي آخر جيب يسيطر عليه «داعش» على نهر الفرات.

اختفاء ومحاولات اغتيال وانقلاب

اختفى البغدادي منذ عام 2014، ولم يعرف له مكان محدد حتى من قبل مقاتليه. وزعم تقرير في عام 2015 أنه أصيب بجروح بالغة، وأنه طريح الفراش جراء غارة أميركية؛ لكن البنتاغون حينها لم يؤكد الإصابة، وذلك وفقاً لما ذكره تقرير شبكة «سي إن إن» الأميركية.
وأشارت تقارير أخرى إلى أنه أصيب في عام 2017، حين أغلقت القوات المدعومة من الولايات المتحدة وغيرها أراضي «داعش» في سوريا.
وفي فبراير (شباط) الماضي، ذكر مسؤولون استخباراتيون أن البغدادي نجا من محاولة انقلاب نفذها مقاتلون أجانب الشهر الماضي، وقد رصد التنظيم مكافأة لمن يقوم بقتل المتهم الرئيسي في التدبير لمحاولة الانقلاب، ويدعى أبو معاذ الجزائري.
وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد وقعت محاولة الانقلاب في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي، في قرية بالقرب من بلدة هجين السورية، الواقعة على وادي نهر الفرات، أبرز وأكبر بلدات الجيب الأخير الذي يسيطر عليه تنظيم «داعش» في شرق سوريا.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت مواقع مقربة من تنظيم «داعش»، أن البغدادي عيَّن التركماني عبد الله قرداش خلفاً له. وقالت مصادر إن قرداش كان معتقلاً في سجن بوكا في العراق، الذي كان البغدادي نفسه معتقلاً فيه، بالإضافة إلى كونه - أي قرداش - قيادياً في تنظيم «القاعدة».
ويعد قرداش طبقاً للخبراء الأمنيين العراقيين من أشرس من تبقى من قيادات الخط الأول لتنظيم «داعش».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».