قيادي في الجيش الوطني: حسم معركة طرابلس بات وشيكاً

السراج يحذر من تطور «العدوان» على العاصمة إلى «حرب أهلية شاملة»

مقاتلون موالون للجنرال حفتر جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للجنرال حفتر جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

قيادي في الجيش الوطني: حسم معركة طرابلس بات وشيكاً

مقاتلون موالون للجنرال حفتر جنوب طرابلس (أ.ف.ب)
مقاتلون موالون للجنرال حفتر جنوب طرابلس (أ.ف.ب)

قال قيادي بارز في «الجيش الوطني» الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، لـ«الشرق الأوسط» إن قواته تتجه لحسم معركة «تحرير» العاصمة طرابلس من قبضة الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق»، التي حذر رئيسها فائز السراج مما وصفه «بتطور العدوان إلى حرب أهلية شاملة مدمرة، ستؤثر سلبا على كامل المنطقة، وستكون لها تداعيات خطيرة على الجميع».
وفي كلمة نشر مكتبه ملخصها، بعدما ألقاها خلال أعمال مؤتمر القمة الـ18 لدول حركة عدم الانحياز في باكو عاصمة أذربيجان، دعا السراج مجددا «الدول الداعمة للمعتدي بمراجعة موقفها، وأن تلتزم بمبادئ الحركة، بعد أن اتضح أن مواصلة هذا النهج لا طائل منه، ولا نتيجة له سوى قتل مزيد من الليبيين».
كما تطرق السراج إلى «ما تمر به البلاد من ظروف استثنائية شديدة الخطورة، تمثلت في تطور الانقسام السياسي والمؤسساتي، الذي تغذيه وتدعمه أطراف خارجية، إلى اعتداء على طرابلس، استهدف الانقلاب على الشرعية، ونسف المسار السياسي، والاستيلاء على السلطة». مستعرضا «نتائج العدوان المستمر منذ أكثر من ستة أشهر، من خسائر لا تعوض في أرواح الشباب الليبي، وموجات نزوح من مناطق القتال، وتدمير مئات المنازل والمستشفيات والممتلكات العامة والخاصة، والبنية الأساسية. إضافة لارتكاب الميليشيات المعتدية انتهاكات موثقة، تعتبر وفق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقرارات مجلس الأمن الدولي، جرائم حرب».
في المقابل، قال مسؤول عسكري بارز في «الجيش الوطني» إن سيطرة وحدات الجيش على منطقتي «الأحياء البرية والكزيرما» جنوب العاصمة، تعني تقدم القوات حسب الخطة الموضوعة لتحرير المدينة، مقابل دحر الميليشيات وإجبارها على التخلي عن مواقعها.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن «المعركة النهائية اقتربت بالفعل، والاجتياح قريب، وسيكون هناك تغيير جذري في الميدان، وربما خلال فترة قصيرة جدا ستنتهي هذه الحرب لصالح قوات الجيش»، لافتا إلى «نجاح قوات الجيش في إبعاد قوات العدو عن مطار طرابلس الدولي المهجور حاليا، والذي اعتادت هذه الميليشيات على تهديده من وقت لآخر».
ووزعت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، مشاهد مُصوّرة لبعض المواقع التي قامت وحدات الجيش بإحكام سيطرتها عليها، وتأمينها في منطقتي الأحياء البرية والكزيرما بعد اشتباكات عنيفة، لكنها امتنعت عن نشر المواقع الأخرى بداعي سرية العمليات العسكرية، وحفاظاً على سلامة الجنود.
وكان الجيش الوطني قد كشف في بيان لمركزه الإعلامي النقاب عن اتجاه ميليشيات مدينة مصراتة المسلّحة، التي توجد في محاور طرابلس، للانسحاب، لافتا إلى أن هذا القرار، الذي تمت مناقشته خلال اجتماع غرفة عمليات مصراتة مؤخرا، وتسرّبت معلومات عن إصداره، جاء بناء على معطيات ميدانية. معتبرا أن التفكير في الخروج من محاور طرابلس بالنسبة لميليشيات مصراتة «قد يكون محاولة لمناورة ما»، مستدركا: «لكن خروجهم من طرابلس أمر لا بد من حدوثه، عاجلا أم آجلا؛ لأن هذه نتيجة المعركة في النهاية».
وأضاف بيان الجيش الوطني: «فوجئت هذه الميليشيات بحرب طويلة لم تتعود عليها، وبتكتيكات عسكرية بأساليب جديدة، لم تجد محاولات غرفة العمليات التركية، وضباطها وطائراتها المسيّرة سوى مزيد من الخسائر».
في المقابل، نقلت وسائل إعلام موالية لحكومة السراج عن قادة ميدانيين، تابعين لها، استمرار سيطرة قوات الحكومة على جميع تمركزاتها في محيط مطار طرابلس، وإفشال محاولة تسلل لقوات الجيش باتجاه معسكر اليرموك، حيث سادت حالة من الهدوء النسبي محاور القتال في جنوب طرابلس.
من جانبها، أدانت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا بشدة الهجمات على أي أهداف مدنية، بما في ذلك المرافق الصحية، والمستشفيات الميدانية والفرق الطبية، وقالت في بيان لها مساء أول من أمس إن الأمم المتحدة وثقت ما لا يقل عن 58 هجوما على الطواقم الطبية، والمرافق الصحية خلال العام الحالي.
ونفت البعثة نفياً قاطعاً «الإشاعات التي تفيد بأنها تلقت إحداثيات للمستشفيات والعيادات الميدانية، العاملة جنوب طرابلس، ونقلتها إلى أحد أطراف النزاع»، وأكدت مجدداً أنها لم تتلق أي إحداثيات للمستشفيات والعيادات الميدانية، ولم تقم بتزويد أي طرف من أطراف النزاع بها.
واعتبرت البعثة الأممية أن «استهداف المدنيين والبنى التحتية المدنية» يعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وقد يرقى إلى جرائم حرب، ويتعين في جميع الأوقات الحيطة الكلية واحترام مبادئ التمييز والتناسب احتراماً كاملاً، وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني».
وجاء البيان بعد يوم واحد على اتهام وجهته قوة مكافحة الإرهاب، الموالية لحكومة السراج، إلى البعثة الأممية بشأن تسريب إحداثيات مواقع تم قصفها مؤخرا من قبل قوات الجيش الوطني في العاصمة طرابلس.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».