الجزائر: مرشحان لـ«الرئاسية» يتعهدان بتحقيق مطالب «الحراك»

في أول تصريحات لهما بعد إيداع أوراق الترشيحات

جانب من الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الجزائرية (إ.ب.أ)
جانب من الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الجزائرية (إ.ب.أ)
TT

الجزائر: مرشحان لـ«الرئاسية» يتعهدان بتحقيق مطالب «الحراك»

جانب من الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الجزائرية (إ.ب.أ)
جانب من الاستعدادات للانتخابات الرئاسية الجزائرية (إ.ب.أ)

في الوقت الذي تعهد فيه عبد المجيد تبون، مرشح السلطة لـ«رئاسية» الجزائر، بـ«السعي لبناء الجمهورية الثانية» التي يريدها الحراك الشعبي، أسدل الستار أمس عن الترشيحات لاستحقاق 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وانطلقت عملية دراسة ملفات المترشحين، التي تدوم أسبوعاً، حسبما ينص عليه قانون الانتخابات.
كانت الأنظار موجهة أمس إلى رئيس الوزراء السابق تبون، وما يقوله بخصوص «رهان السلطة عليه»، وذلك عندما دخل إلى مقر «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات»، بغرض تسليم رئيسها محمد شرفي أوراق ترشحه. وقد حضر مع مساعديه وأنصاره، وهم يحملون عدداً كبيراً من العلب وبداخلها استمارات اكتتاب التوقيعات، وهي شرط أساسي للترشح (50 ألف توقيع من 25 ولاية على الأقل).
وصرح تبَون (72 سنة)، في مؤتمر صحافي، بعد إيداعه ملف الترشح، بأنه «استوفى كل الشروط التي يتضمنها قانون الانتخابات»، مؤكداً أن برنامجه الانتخابي «يتضمن حلولاً لأغلب المشكلات التي يواجهها الجزائريون... صحيح أنه سيصعب علينا تنفيذ الحلول. لكن بإرادة الجزائريين سنتغلب على الصعاب، وسنبلغ الجمهورية الثانية»، في إشارة إلى أحد أهم مطالب الحراك الشعبي، الذي يندد كل جمعة بترشح تبون للرئاسة، وبأغلب المترشحين، الذين يعتبرهم المتظاهرون «تمديداً لحكم العصابات».
وحسب تبون، فإن الجزائر «تعيش مرحلة تاريخية، إذ تجري لأول مرة انتخابات بسلطة مستقلة»، مبرزاً أن الأسابيع الثلاثة المخصصة للحملة الانتخابية، لن تكون كافية لزيارة كل الولايات الـ84.
وقال تبون، متحدثاً عن نفسه، «أنا أميل إلى التهدئة والحوار، وإلى إعادة التلاحم بين الجزائريين... فالشعب يطالب بتطبيق المادة 7 و8 من الدستور، وأنا أعتبره مصدر السلطة التي يفوضها لمن يشاء عن طريق الانتخابات»، في إشارة إلى المادتين الدستوريتين اللتين تؤكدان أن «الشعب هو مصدر كل السلطات».
ورفض تبون الرد بوضوح عن سؤال حول عدد التوقيعات التي جمعها، واكتفى بأنه «تجاوز سقف الرقم المطلوب».
يُشار إلى أن تبون كان وزيراً للبناء والسكن مرتين لسنوات طويلة، كما تولى وزارة الإعلام والتجارة. أما كرئيس للوزراء، فلم يتعد عمره في هذا المنصب شهرين (ما بين يونيو/ حزيران وأغسطس/ آب 2017)؛ حيث تمت تنحيته بقرار من السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق المسجون حالياً، على أثر خلاف حاد مع رجال أعمال نافذين، أغلبهم يوجد حالياً في السجن بتهم فساد.
من جهته، أودع رئيس الوزراء السابق علي بن فليس، أوراق ترشحه أمس، وهو يرأس حزباً معارضاً يسمى «طلائع الحريات». وكان بن فليس (74 سنة) قد وصف تبون، عندما أعلن رغبته في كرسي الرئاسة، بأنه «يكرس حكم بوتفليقة من دون بوتفليقة»، وكان يقصد بذلك أنه من أكثر المسؤولين الذين اشتغلوا مع الرئيس المستقيل منذ 6 أشهر.
وقال بن فليس، في مؤتمر صحافي، «ترشحت لإنقاذ بلدي من الدوامة التي يتخبط فيها»، والتي يتحمل مسؤوليتها نظام بوتفليقة، حسب تعبيره، موضحاً أن «تنظيم انتخابات نزيهة من شأنها لمّ شمل الشعب حول مشروع وطني، يحقق الجمهورية الجديدة». وبخصوص برنامجه الانتخابي، أوضح بن فليس أن «الأولوية ستكون لإعادة الشرعية لمؤسسات الدولة، ومراجعة الدستور وأخلقة الممارسة السياسية»، وتعهد بـ«تنقية المناخ الاقتصادي، وإعادة تأهيل الصناعة، وإطلاق إصلاحات هيكلية، وإعادة الاعتبار للتخطيط والاستشراف. علاوة على تحرير الاستثمار من البيروقراطية، وتوزيع الثروة الوطنية بعدل على أقاليم الوطن»، مؤكداً أنه «سيعرض قريباً برنامج استعجال وطني يتضمن حلولاً للمشكلات».
يُشار إلى أن بن فليس كان مدير حملة الرئيس السابق في انتخابات 1999، وعمل إلى جنبه مديراً للديوان، ثم أميناً عاماً للرئاسة، وبعدها رئيساً لوزرائه. لكن حدث الطلاق بينهما عشية «رئاسية» 2004 بعدما أظهر بن فليس رغبة في منافسته على السلطة، وخاض المعترك ضده وخسر، وخاضه مرة ثانية ضده في 2014، لكنه خسر أيضاً.
ويعتقد في الأوساط السياسية والإعلامية أن الجيش يملك مرشحين لرئاسية العام، بعكس كل المواعيد السابقة التي راهن فيها دوماً على شخص واحد، وهما تبون وبن فليس.
كان رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، قد نفى بشدة أن يكون للجيش مرشح للاستحقاق المرتقب. وعلق وزير الجامعات السابق عبد السلام راشدي، على مشهد الترشيحات، في حسابه بـ«فيس بوك»، قائلاً: «كيف يمكن لمترشحين أميين، لا أحد منهم صاحب كاريزما، أن ينتخبا من طرف غالبية كبيرة يرفضون التوجه إلى صناديق الاقتراع؟».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.