تونس: حقوقيون يطالبون الرئيس الجديد بإلغاء «الطوارئ وعقوبة الإعدام»

قيس سعيد يُشدّد على «معيار الكفاءة» في تشكيل الحكومة خلال لقائه الغنوشي

TT

تونس: حقوقيون يطالبون الرئيس الجديد بإلغاء «الطوارئ وعقوبة الإعدام»

بعد أيام قليلة من أدائه اليمين الدستورية، بدأ الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيد يواجه ضغوطاً سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة، بعضها صادر عن الأحزاب السياسية التي تطالبه باستمرار بالتدخل لتقريب وجهات النظر المتضاربة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة ووجود مخاوف من فشل المشاورات، ومن ثم التوجه إلى انتخابات برلمانية مبكرة، والبعض الآخر صادر عن بعض المنظمات الحقوقية التي تطالبه هي الأخرى بضرورة ضمان الحريات، وتتهم أنصاره بإطلاق تهديدات، والتلويح بمهاجمة قنوات تلفزيونية ومنظمات نقابية لمجرد أنها انتقدت السلطة المنبثقة عن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة، حسب تعبيرها.
وفي هذا السياق، دعت منظمات حقوقية تونسية ودولية الرئيس الجديد إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، ومن بينها إلغاء حالة الطوارئ المطبّقة في تونس منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، وتعليق عقوبة الإعدام لإثبات التزامه بحقوق الإنسان، حسب تعبير هذه المنظمات.
وأجمع كل من «مرصد الحقوق والحريات بتونس»، وهو مرصد حقوقي مستقل، وفرع «منظمة العفو الدولية» في تونس على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام، التي لم تُنفذ في البلاد منذ تسعينات القرن الماضي، رغم استمرار القضاء في إصدار أحكام تقضي بالإعدام، وإخراج تونس من «حالة الطوارئ»، التي ألحقت أضراراً فادحة بحقوق الإنسان.
وفي هذا الشأن، قال أنور أولاد علي، رئيس «مرصد الحقوق والحريات» بتونس لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس المنتخب سعيد «وعد بإعلاء راية القانون، وعلى رأسه أحكام الدستور، والعمل على حماية حقوق التونسيين وحرياتهم المضمونة دستورياً، دون تمييز، وقد لاحظ المرصد تضرر آلاف التونسيين من حالة الطوارئ، التي ضيّقت الخناق عليهم، ومنعت الكثير من التمتع بحرية التنقل».
وأضاف أولاد علي موضحاً أن «حالة الطوارئ اتخذت ذريعة لانتهاك عدد من الحقوق، وتقييد الكثير من الحريات، ومن بينها تعطيل تنقل آلاف المواطنين بسبب الإجراءات الحدودية، أو وضع المئات منهم قيد الإقامة الإجبارية، وانتهاك حرمات المنازل والمعطيات الشخصية، دون إذن قضائي، إضافةً إلى تهديد حرية التعبير والتفكير والمعتقد، وقمع حرية التظاهر ونشاط الجمعيات بقرارات من الوالي (المحافظ)، أو بقرارات حكومية لا تكتسي صبغة دستورية».
كما طالب «المرصد» باستعادة الأطفال التونسيين العالقين في ظروف غير إنسانية داخل المعتقلات أو المخيمات السورية والليبية، خصوصاً بعد الأحداث الأخيرة التي عرفها البلدان المذكوران، والتي أصبحت تهدد بوقوعهم مجدداً في أيادي عصابات الإرهاب أو الاتجار بالبشر. مشدداً على ضرورة إطلاق حوار مجتمعي حول «آليات مكافحة الإرهاب والتطرف»، لكن دون المساس بالحقوق والحريات التي يكفلها الدستور التونسي.
في السياق ذاته، دعت «منظمة العفو الدولية» الرئيس الجديد إلى إعطاء الأولوية لخمسة إجراءات رئيسية، تروم تعزيز حقوق الإنسان، وتشمل الإسراع بوضع حد للانتهاكات التي تقترفها قوات الأمن، بما في ذلك الاستخدام التعسفي لإجراءات حالة الطوارئ، والالتزام بتنفيذ توصيات «هيئة العدالة الانتقالية»، خصوصاً في مجال المظالم المرتبطة بحقوق الإنسان، وانتخاب الأعضاء الباقين من المحكمة الدستورية، علاوةً على الإبقاء على التعليق الاختياري لعقوبة الإعدام في حال عدم إلغائها. في غضون ذلك، استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء أول من أمس، في قصر قرطاج راشد الغنوشي، رئيس حزب حركة النهضة.
وأفاد راشد الغنوشي بأن اللقاء مثّل مناسبة جدّد فيها تهانيه للرئيس المنتخب على ما حظي به من تفويض كبير من الناخبين التونسيين، مؤكّدا أهميّة هذه الشرعيّة الواسعة في جمع كلمة التونسيين وإعطاء مزيد من الأمل للشباب.
وأوضح الغنوشي أنّه أطلع رئيس الدولة على النتائج الأولية للمباحثات التي أجراها حزب حركة النهضة مع عدد من الأحزاب والمنظمات الوطنيّة في إطار تكوين الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى سبل دعم العلاقات في الفضاء المغاربي، وتعزيز دور تونس في تحقيق السلام في ليبيا.
من جانبه، جدّد رئيس الدولة تأكيد دوره الجامع لكلّ التونسيين، والضامن لوحدتهم خدمةً للمصلحة الوطنية، كما شدّد على أهمية اعتماد معيار الكفاءة في تكوين الحكومة الجديدة، وتقديم برنامج في مستوى طموحات التونسيين، بعيداً عن كل المحاصصات الحزبيّة.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.