عجز الميزانية الأميركية الأسوأ في أوقات السلم والثبات الاقتصادي

شارف على تريليون دولار وتوقعات بمزيد من الارتفاع لمستويات تاريخية

عجز الميزانية الأميركية الأسوأ في أوقات السلم والثبات الاقتصادي
TT

عجز الميزانية الأميركية الأسوأ في أوقات السلم والثبات الاقتصادي

عجز الميزانية الأميركية الأسوأ في أوقات السلم والثبات الاقتصادي

ارتفع العجز في ميزانية الولايات المتحدة بنسبة 26 في المائة في السنة المالية 2019، مقترباً من تريليون دولار، رغم نمو الاقتصاد وعائدات الرسوم الجمركية الجديدة التي نجمت عن الحرب التجارية مع الصين.
ويتجه العجز، الذي لم يسبق له مثيل عند هذه المستويات عدا في أوقات الركود والحروب، إلى الاتساع بشكل أكبر مع زيادة الإنفاق على برامج إلزامية، وسداد الفائدة على القروض. ويثير العجز المتضخم جدلاً قوياً بشأن مقدار ما يمكن أن تقترضه الحكومة وتنفقه من دون أن تتسبب في دفع أسعار الفائدة أو التضخم للارتفاع. وفي الوقت نفسه، تظل ارتفاعات الأسعار وعوائد الفائدة متدنية بشكل قياسي، رغم اتساع العجز.
ووفقاً لوكالة أنباء «بلومبرغ»، تؤكد الزيادة الرابعة على التوالي أن العجز تحت إدارة ترمب يسير في طريق الصعود إلى مستويات تاريخية. وذكرت «بلومبرغ» أن عدداً قليلاً من خبراء الاقتصاد من خارج الإدارة الأميركية يتوقعون أن تحقق الاستقطاعات الضريبية - وقدرها 1.5 تريليون دولار - دفعة اقتصادية مستدامة من شأنها أن تقلص الفجوة.
وختمت الحكومة الأميركية السنة المالية بعجز ميزانية هو الأضخم في 7 سنوات، حيث طغت زيادة الإنفاق، وتنامي مدفوعات خدمة الدين، على زيادة حصيلة الضرائب. وهذه ثاني سنة ميزانية كاملة تحت حكم الرئيس الجمهوري دونالد ترمب. وتأتي الأرقام في وقت تتوسع فيه القاعدة الضريبية للبلاد بفضل نمو اقتصادي قوي، ومعدل بطالة قرب أدنى مستوى في 50 عاماً.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية، مساء الجمعة، إن عجز الدولة الفيدرالية للسنة المالية 2019، التي انتهت في سبتمبر (أيلول) الماضي، يبلغ 984 مليار دولار، أي 4.6 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي. وكان عجز السنة المالية السابقة 779 مليار دولار، بنسبة 3.8 في المائة. وزادت الإيرادات الإجمالية 4 في المائة، في حين نمت المصروفات 8.2 في المائة.
وهذا العجز هو الأكبر منذ عام 2012، عندما بلغ 1.1 تريليون دولار في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، بينما كان أول اقتصاد في العالم يخرج من الأزمة المالية ومن الانكماش الكبير، مع اتخاذ إدارة أوباما والكونغرس إجراءات عاجلة لدعم النظام المصرفي بالبلاد، في خضم الأزمة المالية العالمية، وتحفيز الاقتصاد الذي كان في حالة ركود.
وتراجع عجز الميزانية السنوية إلى 585 مليار دولار بنهاية الفترة الثانية للرئيس الديمقراطي أوباما في 2016. وقد انتقده الجمهوريون في الكونغرس آنذاك لعدم تقليصه بدرجة أكبر. ويشهد عجز الميزانية قفزات منذ ذلك الحين لأسباب من بينها الإصلاح الجمهوري لنظام الضرائب، الذي قلص في المدى القصير إيرادات ضريبة الشركات تقليصاً حاداً، فضلاً عن زيادة الإنفاق العسكري.
وبنهاية السنة المالية 2019، كانت مدفوعات ضريبة الشركات مرتفعة 5 في المائة. أما الرسوم الجمركية التي تأثرت بحرب إدارة ترمب التجارية مع الصين وآخرين، فقد زادت 70 في المائة على أساس سنوي.
وقال المسؤولون في وزارة الخزانة الأميركية، يوم الجمعة، إن الرسوم الجمركية العقابية التي فرضت على السلع الصينية، في إطار المواجهة التجارية التي تخوضها إدارة ترمب مع بكين، حققت عائدات قياسية بلغت 30 مليار دولار، بزيادة نسبتها 70 في المائة عن الأحوال العادية. لكن ذلك لم يمنع زيادة العجز 205 مليارات دولار إضافية عن 2018. وأكد وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أن «البرنامج الاقتصادي للرئيس ترمب يجدي»، داعياً المشرعين إلى الحد من «التبذير والنفقات اللامسؤولة».
وسجلت الواردات ارتفاعاً نسبته 4 في المائة، وبلغت 3.462 تريليون دولار، وهو مبلغ قياسي، لكن وتيرة زيادة النفقات كانت ضعف ذلك (أي 8 في المائة)، لتبلغ 4.447 تريليون دولار، وهو رقم قياسي تاريخي أيضاً.
وفيما يتعلق بالنفقات، كان لشيخوخة السكان التي تتزامن مع ارتفاع رواتب التقاعد (+6 في المائة)، ونفقات التأمين الصحي (+8 في المائة) للأكثر فقراً (ميدي أيد) والأكبر سناً (ميديكير)، تأثير كبير في هذا العجز.
لكن العجز سجل ارتفاعاً أيضاً بسبب زيادة خدمة الدين التي بلغت 51 مليار دولار (10 في المائة)، وزيادة النفقات العسكرية (+9 في المائة)، والمساعدات للمزارعين الذين يعانون من حرب الرسوم الجمركية الأميركية الصينية.
وقال ستيفن منوتشين: «لتتمكن أميركا من امتلاك مالية عامة دائمة، علينا تبني مقترحات مثل خطة ميزانية 2020 التي تقدم بها الرئيس ترمب، وتهدف إلى خفض النفقات غير المجدية واللامسؤولة».


مقالات ذات صلة

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

الاقتصاد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا خلال اجتماعات صندوق والبنك الدولي في واشنطن 25 أكتوبر 2024 (رويترز)

صندوق النقد يتوقع استقرار النمو العالمي عند 3.3 % في 2025 و2026

توقع صندوق النقد الدولي أن يظل النمو العالمي ثابتاً عند 3.3 في المائة خلال العامَيْن الحالي والمقبل، وهو ما يتماشى بشكل عام مع الاتجاهات العالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)

«غولدمان ساكس»: عمليات إعادة شراء الأسهم الأميركية قد تتجاوز تريليون دولار

تكتسب سوق الأسهم الأميركية زخماً متزايداً في ظل الترقب العالمي لعودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وهو حدث يتوقع المستثمرون أن يكون له تأثير ملحوظ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«حراس السندات»... القوة الخفية التي تهدد خطط ترمب الاقتصادية

مع مساهمة الأسواق في توجيه قرارات السياسة، أصبح «حرَّاس السندات» بمثابة القوة الخفية التي تحدد مصير الرؤساء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أوراق نقدية بقيمة 100 دولار أميركي (رويترز)

ترمب يعيد الدولار إلى الواجهة وسط توقعات اقتصادية داعمة

دفعت عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض والتوقعات الباهتة بشأن خفض أسعار الفائدة بشكل حاد، الدولار إلى أعلى مستوياته في عدة سنوات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافيين بعد اجتماع مع القيادة الجمهورية في الكابيتول (أ.ب)

البنك الدولي يحذر من تأثيرات الرسوم الجمركية الأميركية على النمو العالمي

حذَّر البنك الدولي من أن الرسوم الجمركية الأميركية الشاملة المتوقع أن تبلغ 10 في المائة قد تقلِّص النمو الاقتصادي العالمي الضعيف بالفعل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ليل الجمعة - السبت، إطلاق عملته المشفرة التي تحمل اسمه، ما أثار موجة شراء زادت قيمتها الإجمالية إلى عدة مليارات من الدولارات في غضون ساعات.

وقدّم ترمب، في رسالة نُشرت على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» وعلى منصة «إكس»، هذه العملة الرقمية الجديدة بوصفها «عملة ميم»، وهي عملة مشفرة ترتكز على الحماس الشعبي حول شخصية، أو على حركة أو ظاهرة تلقى رواجاً على الإنترنت.

وليس لـ«عملة ميم» فائدة اقتصادية أو معاملاتية، وغالباً ما يتم تحديدها على أنها أصل مضاربي بحت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح الموقع الرسمي للمشروع أن هذه العملة «تحتفي بزعيم لا يتراجع أبداً، مهما كانت الظروف، في إشارة إلى محاولة اغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية في يوليو (تموز) التي أفضت إلى انتخابه رئيساً».

وسرعان ما ارتفعت قيمة هذه العملة الرقمية، ليبلغ إجمالي القيمة الرأسمالية للوحدات المتداولة نحو 6 مليارات دولار.

ويشير الموقع الرسمي للمشروع إلى أنه تم طرح 200 مليون رمز (وحدة) من هذه العملة في السوق، في حين تخطط شركة «فايت فايت فايت» لإضافة 800 مليون غيرها في غضون 3 سنوات.

ويسيطر منشئو هذا الأصل الرقمي الجديد، وبينهم دونالد ترمب، على كل الوحدات التي لم يتم تسويقها بعد، وتبلغ قيمتها نظرياً نحو 24 مليار دولار، بحسب السعر الحالي.