يعود الشاعر المغربي محمد بلمو، بديوان شعري رابع، تحت عنوان «طعنات في ظهر الهواء»، وهو يضم 15 قصيدة.
وسبق لبلمو أن أصدر قبل عمله الشعري الجديد، ثلاث مجاميع شعرية: «صوت التراب» (2001)، و«حماقات السلمون»، (2007) وهو عمل مشترك مع الشاعر عبد العاطي جميل، و«رماد اليقين» (2013)، فضلاً عن مسرحية «حمار رغم أنفه» (2018) بالاشتراك مع الكاتب والسيناريست عبد الإله بنهدار، فيما سيصدر له قريباً، ضمن أدب الرحلة، كتاب تحت عنوان «خمسة أيام في فلسطين المحتلة».
وكتب الجامعي والباحث الجمالي محمد الشيكر، تحت عنوان «محمد بلمو وشعرية التراجيدي»، في تقديمه للديوان الجديد، أن الشاعر «كابد من تباريح الوقت وتصاريف القدر، ما شذب وعيه الجمالي وألبس منجزه الشعري لبوساً تراجيدياً لماحاً»، ولذلك «لن يعسر على القارئ أن يلفي في تضاعيف ديوانه الأخير (طعنات في ظهر الهواء) تعبيراً شعرياً شفيفاً وكثيفاً عن هذه الاستتيقا التراجيدية. ولئن كان الموت، بحق، يحول الحياة إلى قدر، على حد قول أندري مالرو، فإن حياة بلمو قد تحولت، مع نكبته في حفيدته الصغيرة الأثيرة أريج، إلى نزيف شعري منذور لطوارق القدر وطعناته الموجعة. ومع هذا الفقد الذي كابده الشاعر، في ظرفية وجودية بالغة الهشاشة، تعمق شعوره بتراجيدية الشرط الإنساني، وتناهيه الأنطولوجي، وتمزقه الجذري على الحواف الواصلة الفاصلة بين الحياة والموت».
بالنسبة للشيكر، فمع الرحيل المأساوي للحفيدة «صارت حياة الشاعر، بحق، قدراً تراجيدياً مشدوداً بين أنشوطتي الحياة والموت، تقضمه في خلوته الجنائزية التياعات الفقد، ووحده كان يتكبد جرحه الأنطولوجي، ويجتره في قمقم أشبه بخزان موصد، دون أن تمتد إليه يد حانية».
ولأن «الوعي التراجيدي الأصيل ليس انتكاساً أمام صروف الزمن، وليس انهياراً في وجه النوائب القاصمة، بل هو مواجهة جسورة للقدر، وممانعة بروميثيوسية للشر المعمم ولاستراتيجياته المدمرة»، فإن شاعرنا، يضيف الشيكر، قد «أسبغ على شعريته التراجيدية ميسماً بطولياً، جعله يضحك في وجه الحزن المر»، من غير أن يتحلل من إثيقا مواجهة ضوضاء الوقت، وممانعة زيف العالم، والتصدي لسلطه الغاشمة». لذلك لا تنحل شعرية التراجيدي عند الشاعر في صورة «جرح نرجسي»، ولا ترتد إلى «مأساة شخصية»، إنها «شعرية تعانق جرح الإنسانية جمعاء، وتتواشج مع مآسي الناس كافة، لتنتفض في وجه الشر حيثما كان وكيفما كان سمته». لذلك، وباسم يوتوبيا الأمل: «يحرص الشاعر على تخلية بلاغته التراجيدية من حمولتها السلبية ومن بكائيتها النوستالجية ومسوحها الرمادية، ليجعلها فعلاً خلاقاً وطاقة إيجابية وقوة محررة وإرادة معاكسة لقطب الشر، مناوئة لطغمة الظلم». كما أن بلمو «من منطلق يقينه بأن الأمل، يتفتق (في تراب المآسي).. برعماً هشاً»، و«يجترح طريقه طويلاً في غابات الأمل»، لا يتردد في «ضم صوته التراجيدي الجريح إلى أصوات كافة المكلومين والمعذبين والمقهورين والغرباء والمنفيين والمضطهدين، في فلسطين التي شهدت وما زالت تشهد طلقات القتل الممنهج بأصابع هاغاناه، وإيتسيل، وليحي، وبالقنابل الأكثر حداثة، وفي كل نقطة جغرافية أخرى، قاصية أو دانية».
«شعرية التراجيدي» في «طعنات في ظهر الهواء» للمغربي محمد بلمو
«شعرية التراجيدي» في «طعنات في ظهر الهواء» للمغربي محمد بلمو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة