40 قتيلاً في احتجاجات العراق... و«الداخلية»: المظاهرات انحرفت عن مسارها

البرلمان يجتمع اليوم لمناقشة مطالب النمتظاهرين وإصلاحات عبد المهدي

مجتجون نزلوا إلى شوارع بغداد اليوم في إطار المظاهرات المناهضة للحكومة (أ.ب)
مجتجون نزلوا إلى شوارع بغداد اليوم في إطار المظاهرات المناهضة للحكومة (أ.ب)
TT

40 قتيلاً في احتجاجات العراق... و«الداخلية»: المظاهرات انحرفت عن مسارها

مجتجون نزلوا إلى شوارع بغداد اليوم في إطار المظاهرات المناهضة للحكومة (أ.ب)
مجتجون نزلوا إلى شوارع بغداد اليوم في إطار المظاهرات المناهضة للحكومة (أ.ب)

قُتل أكثر من 40 شخصاً، أمس (الجمعة)، في بغداد وجنوب العراق مع استئناف الحركة الاحتجاجية التي أسفرت منذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) عن مقتل أكثر من 150 شخصاً، غالبيتهم بالرصاص الحي.
وقالت مصادر أمنية وطبية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن ثمانية أشخاص قُتلوا في بغداد، أكثرهم قُتل حين حاول متظاهرون اقتحام أحد مقار «عصائب أهل الحق»، أحد أبرز فصائل «الحشد الشعبي».
ومن بين القتلى أيضاً، ثلاثة في مدينة البصرة النفطية في جنوب البلاد. وقتل 11 متظاهراً مساء (الجمعة) حرقاً بعد إضرام النار بمقر منظمة «بدر»، أكبر فصائل «الحشد» في مدينة الديوانية بجنوب العراق، بحسب ما أفادت به مصادر أمنية.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية، اليوم (السبت)، أنها ستتعامل مع قاتلي المتظاهرين بحزم وقوة وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب.
وقالت القيادة في بيان إنه «في الوقت الذي تشهد فيه البلاد مظاهرات للمطالبة بالحقوق التي كفلها الدستور العراقي، فقد استغل البعض هذه المظاهرات وعمل على قتل المواطنين، وإصابة آخرين وحرق الممتلكات العامة والخاصة ونهبها، دون أي واعز ضمير».
وأضاف البيان أن «قواتنا الأمنية البطلة بجميع صنوفها ستتعامل مع هؤلاء المخربين المجرمين بحزم وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب». وحذرت القيادة من العبث بأمن المواطنين، مشيرة إلى أنه «ستكون هناك إجراءات صارمة بحق هؤلاء الذين لا يمتون للمتظاهرين السلميين بصلة».
ودعت قيادة العمليات المتظاهرين إلى «التبليغ عنهم (المخربين) وعدم السماح لهم بالتواجد في صفوفهم».
بدورها، أعلنت وزارة الداخلية أن القوات الأمنية تعرضت لاعتداءات في صفوفها، وأن المعتدين على المؤسسات العامة «ستتم معاقبتهم»، مشيرة إلى أن المظاهرات انحرفت عن مسارها السلمي.
وكشف مصدر لـ«وكالة الأنباء العراقية»، صدور أوامر قبض قضائية ضد معتدين على ممتلكات عامة وخاصة ومقرات حزبية.
وقال المصدر إن «أوامر القبض القضائية ضد العابثين جاءت استناداً لبيان مجلس القضاء الأعلى وطبقاً لأحكام المادة (197) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل التي قد حددت عقوبات مشددة ضد كل من يحاول بالقوة احتلال جزء من أملاك أو المباني العامة أو المخصصة للمصالح أو الدوائر الحكومية أو المرافق أو المؤسسات العامة».
وأعلن البرلمان العراقي أنه سيجتمع اليوم (السبت) في جلسة مخصصة لدراسة مطالب المتظاهرين، والإصلاحات التي أعلنها عبد المهدي.
وأعلنت السلطات العراقية حظراً للتجول في البصرة، وبابل، والناصرية، كما فرقت القوات الأمنية محتجين في كربلاء المقدسة لدى الشيعة، بخراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع.
وأضرم متظاهرون النار بمبنيي محافظتي ذي قار والديوانية، وأحرقوا أكثر من عشرة مقار لأحزاب سياسية في جنوب البلاد، وصدت القوات الأمنية بوابل من القنابل المسيلة للدموع، أمس (الجمعة)، آلاف المتظاهرين المحتشدين في وسط بغداد.
ووُضِعت جميع القوّات الأمنية في حالة تأهب منذ مساء أول من أمس (الخميس) من قبل حكومة عادل عبد المهدي التي أكملت، أمس (الجمعة)، عامها الأول في الحكم.
واستخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع في محاولة لصدّ تقدم المتظاهرين وإبعادهم عن المنطقة الخضراء، التي تضم مقارّ حكومية ودبلوماسية، خصوصاً سفارة الولايات المتحدة، ودفع ذلك المتظاهرين للعودة إلى ساحة التحرير الرمزية، التي يفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية.
وكانت القوات الأمنية فرقت بخراطيم المياه، ليل أول من أمس (الخميس)، متظاهرين عند مدخل المنطقة الخضراء.
وكان هتاف المتظاهرين موحداً: «كلهم حرامية»، داعين إلى إسقاط الحكومة، في بلد غني بالنفط، لكنّه يعاني عجزاً مزمناً في التغذية بالتيار الكهربائي ومياه الشرب.
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أمس (الجمعة) «الانتهاكات الكبيرة» من قبل قوات الأمن لحقوق الإنسان في العراق، قائلاً: «بحسب أولى استنتاجاتنا من المؤكد حصول انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان... لا بد من إدانتها بشكل واضح»، دون مزيد من التفاصيل.
وليل أول من أمس، وجّه رئيس الوزراء العراقي خطاباً إلى الأمّة دافع فيه عن إنجازاته، واتّهم أسلافه بأنهم سلّموه دولة ذات اقتصاد مستنزف وأمن هش.
وكانت الحكومة العراقيّة أصدرت في 6 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي سلسلة قرارات خلال جلسة استثنائيّة عُقدت برئاسة عبد المهدي، تضمّنت حزمة إصلاحات من أجل تهدئة غضب المتظاهرين.
ويشير خبراء إلى أن عدم اعتماد إصلاحات جذرية يطالب بها العراقيون بعد أربعة عقود من الحرب في بلد يحتل المرتبة 12 في لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم، ليس إلا تأجيلاً للمشكلة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.