عبد المهدي يصفي حسابات مؤجلة مع خصومه السياسيين

السيستاني يدعو إلى حصر السلاح بيد الدولة... ويرفض نتائج لجنة التحقيق في استهداف المتظاهرين

عبد المهدي يخاطب العراقيين أمس (رويترز)
عبد المهدي يخاطب العراقيين أمس (رويترز)
TT

عبد المهدي يصفي حسابات مؤجلة مع خصومه السياسيين

عبد المهدي يخاطب العراقيين أمس (رويترز)
عبد المهدي يخاطب العراقيين أمس (رويترز)

تنفس رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، الصعداء بعد تطمينات، بدا أن المرجعية الدينية العليا في النجف منحتها له مجدداً، بتحقيق المزيد من الإصلاحات الجادة للخروج من المأزق الحالي.
فبعد خطاب ألقاه في ساعة مبكرة من فجر أمس، أطلق فيه حزمة إصلاحات؛ تبدأ بتعديل وزاري خارج إطار المحاصصة، إلى جملة من المسائل التي تتعلق بمكافحة الفساد، وفرص العمل، وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين، لا سيما لذوي الدخل المحدود، خلط عبد المهدي الأوراق على نفسه، عندما خرج على النص المعد للتقرير، ليبدأ سلسلة مصارحات لم يرتح لها خصومه السياسيون، من بينهم رئيسا الوزراء السابقان حيدر العبادي ونوري المالكي اللذان حملهما مسؤولية التداعيات التي يواجهها الآن.
وبدأ القياديون التابعون لائتلافي «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«النصر» بزعامة حيدر العبادي، انتقاد أو مهاجمة عبد المهدي على ما بدا فتحه «دفاتر عتيقة»، بينما يتحمل هو مسؤولية ما جرى من إسالة دماء في الأسبوع الأول من مظاهرات الشهر الحالي، وتشكيله لجنة لم ترتفع من وجهة نظرهم إلى الحد الأدنى مما كان يجب اتخاذه من قرارات وإجراءات حيال سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى.
بدوره، انتقد المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله في كربلاء، التي كانت تنتظرها الطبقة السياسية والمتظاهرون معاً، تقرير لجنة التحقيق التي شكلها عبد المهدي لأنه لم يكشف الحقائق للناس. ودعت المرجعية إلى تشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة. لكن المرجعية أسعفت رئيس الوزراء، حين حذرت من دخول البلد في الفوضى، وتحول العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات، ودعت إلى إجراء إصلاحات جادة، واتخاذ إجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، وهو ما عده عدد من السياسيين العراقيين بأنه «يتناغم كثيراً مع خطاب رئيس الوزراء»، طبقاً لما أبلغ به «الشرق الأوسط» السياسي العراقي والنائب السابق في البرلمان العراقي حيدر الملا، الذي أضاف: «كنا ننتظر غير هذا الكلام الذي قالته المرجعية، التي كان لها خطاب قوي قبل أسبوعين وضع الكثير من النقاط على الحروف». وأضاف الملا أن «الخطاب الحالي مثلّ إلى حد كبير فرصة ثمينة لعادل عبد المهدي، بل كان بمثابة حبل إنقاذ له، بينما خروج هذه المظاهرة العارمة يمثل دليلاً على فشل هذه الطبقة التي حكمت البلاد منذ عام 2003 وإلى اليوم، لأنها لم تقرأ الواقع العراقي جيداً، ولم تدرك أن هناك جيلاً جديداً بدا أنه القوة الرابعة التي بدأت تفرض نفسها على الواقع السياسي».
وبشأن القوى الثلاث الأخرى، يقول الملا إن «الطبقة السياسية الحالية كانت طوال الستة عشر عاماً الماضية تتعامل مع ثلاث قوى رئيسية هي الولايات المتحدة وإيران والمرجعية الدينية، بينما الآن فوجئت بجيل يمثل ما نسبته أكثر من 60 في المائة من مجموع سكان العراق، وهو جيل الشباب الذي يريد وطناً خارج سياق كل الحسابات والأجندات، بينما هي لا تملك أدوات التعامل مع هذا الجيل، الذي لم يصوت على الدستور، ولم يشارك في كل الانتخابات الماضية، ولا صلة له بالماضي وعقده، بل يبحث عن مستقبل مشرق ووطن بلا محاصصة ولا تدخلات خارجية».
كان السيستاني وجه بياناً تلاه ممثله في خطبة الجمعة بكربلاء الشيخ عبد المهدي الكربلائي، تضمن الدعوة إلى «الالتزام التام بسلمية المظاهرات، وعدم السماح بانجرارها إلى استخدام العنف وأعمال الشغب والتخريب». وأكد أن «الاعتداء على عناصر الأمن برميهم بالأحجار أو القناني الحارقة أو غيرها، والإضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بالحرق والنهب والتخريب، مما لا مسوّغ له شرعاً ولا قانوناً، يتنافى مع سلمية المظاهرات، ويبعّد المتظاهرين عن تحقيق مطالبهم المشروعة، ويعرّض الفاعلين للمحاسبة».
وأشار الكربلائي إلى «تأكيد المرجعية الدينية على ضرورة أن تكون المظاهرات الاحتجاجية سلمية خالية من العنف، لا ينطلق فقط من اهتمامها بإبعاد الأذى عن أبنائها المتظاهرين والعناصر الأمنية، بل ينطلق أيضاً من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد الذي يعاني من تعقيدات كثيرة، يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل إلى الفوضى والخراب، ويفسح ذلك المجال لمزيد من التدخل الخارجي، ويصبح ساحة لتصفية الحسابات بين بعض القوى الدولية والإقليمية، ويحدث له ما لا يحمد عقباه، مما حدث في بعض البلاد الأخرى من أوضاع مريرة لم يمكنهم التخلص من تبعاتها حتى بعد مضي سنوات طوال».
وجاءت خطبة المرجعية منسجمة مع خطاب عبد المهدي، الذي قدم فيه حزمة إصلاحات، فقد دعا السيستاني إلى «مكافحة الفساد، واتّباع آليات واضحة وصارمة لملاحقة الفاسدين، واسترجاع أموال الشعب منهم، ورعاية العدالة الاجتماعية في توزيع ثروات البلد بإلغاء أو تعديل بعض القوانين التي تمنح امتيازات كبيرة لكبار المسؤولين وأعضاء مجلس النواب، ولفئات معينة على حساب سائر أبناء الشعب، واعتماد ضوابط عادلة في التوظيف الحكومي بعيداً عن المحاصصة والمحسوبيات، واتخاذ إجراءات مشددة لحصر السلاح بيد الدولة، والوقوف بحزم أمام التدخلات الخارجية في شؤون البلد، وسنّ قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية، ويرغّبهم في المشاركة فيها». لكن المرجع الشيعي انتقد بشدة التقرير الخاص بنتائج التحقيق: «لم يحقق الهدف المترقّب منه، ولم يكشف عن جميع الحقائق والوقائع بصورة واضحة للرأي العام، فمن المهم الآن أن تتشكل هيئة قضائية مستقلة لمتابعة هذا الموضوع وإعلام الجمهور بنتائج تحقيقها بكل مهنية وشفافية».
وفي سياق التداعيات السياسية، فإن من المتوقع أن يعقد البرلمان العراقي اليوم جلسة حاسمة تتضمن متابعة تحقيق مطالب المتظاهرين والتصويت على حزم الإصلاحات التي أعلنها عبد المهدي، فضلاً عن التصويت على تعديل وزاري سوف يطال حسب التسريبات 5 وزارات، بالإضافة إلى الهيئات المستقلة وأصحاب الدرجات الخاصة. لكن ليث شير، المستشار السابق لعبد المهدي، دعا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «اعتماد خريطة طريق للخروج من الأزمة الحالية، ومن أجل الخروج من شفى الفوضى والانفلات هي استقالة الحكومة بحيث تتحول إلى حكومة تصريف أعمال»، داعياً إلى «اختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة مصغرة لا تتدخل فيها أي قوة داخلية أو خارجية».
وأضاف أن «ذلك يتطلب أن تتعهد القوى السياسية بحل مجلس النواب خلال ستة أشهر، وإجراء انتخابات مبكرة، مع التعهد بإعداد قانون انتخابات لا تهيمن عليه القوى السياسية الكبيرة». وأوضح شبر أن «خريطة الطريق تتطلب أيضاً العمل على إجراء التعديلات الدستورية من خلال استفتاء يتضمن كل المطالب الجماهيرية ليتم التصويت عليها».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.