محادثات بين أنقرة وموسكو لشراء المزيد من الأسلحة الروسية

واشنطن مستمرة في تحذيراتها وتحث تركيا على عدم نشر منظومة «إس ـ 400»

TT

محادثات بين أنقرة وموسكو لشراء المزيد من الأسلحة الروسية

تجري تركيا محادثات مع روسيا لشراء مزيد من أنظمة الصواريخ «إس - 400»، بحسب ما أفادت به شركة تصدير الأسلحة الحكومية الروسية، رغم تحذيرات واشنطن المتكررة من قيام أنقرة بذلك. وقال ألكسندر ميخييف رئيس شركة «روزبورونكسبورت» الحكومية للأسلحة لوكالة «إنترفاكس» للأنباء إن البلدين يناقشان تمويل صفقة الشراء و«موعد التسليم». ولم يكشف مزيداً من التفاصيل عن المحادثات الجارية. ولم تنفِ مصادر في الصناعات الدفاعية التركية تصريحات المسؤول الروسي. وأصبح في حكم المؤكد انتهاء علاقة تركيا ببرنامج إنتاج وتطوير المقاتلة الأميركية «إف - 35»، الذي كانت تشارك فيه مع عدد من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، رغم تأكيداتها السابقة أنه «من المستحيل إخراجها من البرنامج».
وقال الرئيس التركي طيب إردوغان إن تركيا ليست زبوناً فيما يتعلق بمقاتلات «إف - 35» الأميركية، إنما شريك في إنتاجها من بين 9 دول، كما أن هناك أجزاء من هذه المقاتلات يتم إنتاجها في تركيا، مشيراً إلى أن العدول عن تسليم تلك الطائرات لتركيا لا يليق بالشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وخطوة غير صائبة. ولا تزال تركيا تنتج 900 مكون، وستستمر في ذلك حتى يتم نقل خط الإنتاج المسؤولة عنه إلى بلد آخر في نهاية مارس (آذار) المقبل، ولن يكون بوسعها الحصول على 100 طائرة من هذا النوع كانت قد تعاقدت عليها في إطار البرنامج المشترك لإنتاجها، ودفعت مبلغ 1.4 مليار دولار للحصول عليها.
وقالت نائبة وزير الدفاع الأميركي، إلين لورد، السبت الماضي، إنه «لا يوجد حديث عن عودة أنقرة إلى برنامج إنتاج وتطوير المقاتلة (إف - 35)، التي سبق إعلان إخراجها منه بسبب اقتنائها منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس - 400)».
وأضافت لورد أنه من المقرر أن يتم تقليص إنتاج مكونات المقاتلة في تركيا بحلول نهاية مارس المقبل. بينما لم تتم مناقشة مسألة عودتها، ولم يحدث أي تغييرات بشأن استمرارها ضمن برنامج الطائرة أو اقتنائها بسبب عدم توافقها مع أنظمة الدفاع الجوي الروسية «إس - 400» التي اشترتها تركيا.
كانت الولايات المتحدة قد طلبت من تركيا التخلي عن شراء منظومة «إس - 400» الروسية، التي تعاقدت عليها في نهاية عام 2017 مقابل 2.5 مليار دولار ممولة بقروض من روسيا، وعرضت في المقابل شراء منظومة «باتريوت» الأميركية مقابل 3.5 مليار دولار، إلا أن تركيا تمسكت بالصواريخ الروسية، قائلة إنها لا تمانع أيضاً في الحصول على «باتريوت» بشرط نقل التكنولوجيا والمشاركة في التصنيع. وأواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إنه يجب ألا تفسد مسألة اقتناء تركيا صواريخ «إس - 400» الدفاعية الروسية، العلاقات التركية - الأميركية، لافتاً إلى أن تركيا بحاجة إلى هذه المنظومة، واضطرت إلى شرائها، بعد أن رفض الجانب الأميركي بيعها منظومة «باتريوت».
ولا تزال الولايات المتحدة تسعى إلى دفع تركيا إلى التخلي عن نشر منظومات «إس - 400» للصواريخ الروسية على أراضيها. ونقلت وسائل إعلام عن مسؤول رفيع في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قوله: «آمل في ألا تواصل تركيا نشر منظومات (إس - 400) وأن تعود إلى ما نعتبره ممارسة تقليدية في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو)، التي تتمثل بعدم اقتناء أنظمة دفاعية روسية كبيرة».
وأشار إلى أن بلاده تواصل الإعراب عن استيائها من شراء تركيا صواريخ «إس - 400» من روسيا عبر «مناقشات علنية وشخصية»، واصفاً نشر هذه المنظومات على الأراضي التركية بـ«الفكرة السيئة». وأكد المسؤول استبعاد تركيا من برنامج إنتاج وشراء المقاتلات الأميركية «إف - 35» والمشاريع العسكرية البارزة الأخرى حال مواصلتها التعاون مع روسيا في إطار «إس - 400».
وكانت إدارة ترمب أكدت أنها لا تزال تدرس إمكانية فرض عقوبات على تركيا على خلفية شرائها «إس - 400»، لكنها ستكون جاهزة لمراجعة إجراءاتها في حال إبعاد الحكومة التركية المنظومات الروسية من أراضي البلاد، مشيرة إلى أن مجرد عدم تشغيل هذا السلاح ليس خطوة كافية.
وأعلنت روسيا وتركيا في 15 سبتمبر (أيلول)، عن اكتمال عملية تصدير الدفعة الثانية من منظومات الصواريخ الروسية للدفاع الجوي من طراز «إس - 400» إلى الجانب التركي.
ومن المقرر نشر المنظومة الروسية في أبريل (نيسان) المقبل، بعد تحديد المواقع التي ستُنصب فيها. وأشار إردوغان، مراراً، إلى امتلاك بلدان أخرى أعضاء مثل اليونان وبلغاريا وسلوفاكيا أنظمة سلاح روسية، رغم أنها أعضاء أيضاً مثل تركيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الذي تقول أميركا إن أنظمة تسليحه لا تتوافق مع الأنظمة الروسية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».