تجدد الاشتباكات في رأس العين وإصابة 5 جنود أتراك

إردوغان يتعهد «سحق ما تبقى من الوحدات الكردية في المنطقة الآمنة»

TT

تجدد الاشتباكات في رأس العين وإصابة 5 جنود أتراك

أعلنت وزارة الدفاع التركية أمس، إصابة 5 جنود أتراك في اشتباكات وقعت في مدينة رأس العين شمال شرقي سوريا، في وقت أكدت فيه أن الاتصالات لا تزال مستمرة مع الجانب الروسي للاتفاق على آليات مراقبة اتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه الثلاثاء الماضي، بشأن المنطقة الآمنة.
وتعهد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأن تستخدم تركيا حقها في سحق مقاتلين أكراد لم ينسحبوا من المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا بموجب اتفاق هدنة وُقِّع مع الولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
وشهدت مناطق عدة من المنطقة أمس، تجدد الاشتباكات، منها اشتباكات في شرق مدينة رأس العين، إلى جانب هجوم للفصائل الموالية لتركيا على نقاط لجيش النظام السوري في قريتي الكوزلية وتل اللبن في ريف تل تمر. واتهمت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردية، تركيا بشن هجوم استهدف ثلاث قرى في شمال شرقي سوريا رغم الهدنة، لكن روسيا قالت إن الاتفاق المبرم هذا الأسبوع يُنفّذ بسلاسة.
وقال القائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي، إن تركيا والفصائل الموالية لها مستمرة في شن هجمات على الجبهة الشرقية لمنطقة رأس العين، رغم إعلان الأتراك انتهاء العمليات العسكرية. وطالب عبدي روسيا وأميركا بوقف النار والقيام بمسؤولياتهما في لجم الأتراك وإيقاف عملياتهم، مؤكداً أن تركيا ووكلاءها ما زالوا ينتهكون وقف إطلاق النار شمال سوريا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات متقطعة وقعت بين الفصائل الموالية لتركيا و(قسد) في ريفي رأس العين وتل أبيض، قاطعةً الهدوء النسبي والحذر في منطقة شرق الفرات.
وانفجرت سيارة مفخخة قرب مبنى المركز الثقافي القديم في مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي، أمس. وقال نشطاء محليون إن السيارة المفخخة انفجرت قرب أحد مقرات «فيلق المجد»، أحد فصائل المعارضة المدعومة من تركيا قرب فرع حزب البعث السوري عند مبنى لجنة الأفران الذي يتخذه فيلق المجد مقراً له، وأسفر عن وقوع 4 إصابات بينهم مدنيان، في حصيلة أولية.
وقال إردوغان، متحدثاً أمام اجتماع في القصر الرئاسي في أنقرة، أمس، إن تركيا ستنفّذ خططها إذا لم تنسحب وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة الحدود وفقاً للاتفاق مع روسيا. وانتقد زعماء العالم الذين يجتمعون مع قادة وحدات حماية الشعب الكردية قائلاً إن مثل هذه الخطوات تعطل الحرب ضد الإرهاب. وكرر إردوغان تهديده بفتح الأبواب أمام اللاجئين للتوجه إلى أوروبا، قائلاً إنه عندما يأتي الأوان ستفتح تركيا حدودها للمهاجرين ليتوجهوا صوب أوروبا. وأضاف: «نخوض اليوم كفاحاً دولياً ونقف صامدين أمام هجمات كبرى الدول... انتقلنا إلى استراتيجية القضاء على الهجمات الموجّهة ضد بلادنا في مصدرها مباشرة... حينما أقول سنفتح حدودنا أمام المهاجرين يرتبك الأوروبيون، عندما يأتي الوقت سنفتح الأبواب».
من جانبها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع التركية نديدة شبنام أك طوب، أن «الإجراءات مستمرة مع محاورينا الروس بشأن الآليات التي سيتم تشكيلها لتفعيل ومراقبة اتفاق سوتشي»، مشيرةً إلى أنه تم تفكيك 40 لغماً و227 قنبلة مصنوعة يدوياً في منطقة عملية «نبع السلام»، شمال شرقي سوريا.
وأضافت أن الأعمال مستمرة بدقة لتفكيك الألغام والمتفجرات في المنطقة بهدف تأسيس الأمن وتوفير الظروف اللازمة لعودة الأهالي إلى منازلهم بشكل آمن وطوعي. وأشارت إلى استمرار الكشف عن شبكة الأنفاق الطويلة التي أنشأها مقاتلو الوحدات الكردية داخل المناطق المأهولة بالسكان، قائلة إنه يتم أيضاً توزيع الخبز على أهالي المنطقة عبر فرن أنشأته القوات المسلحة التركية في منطقة تل أبيض، وتوفير الخدمات العلاجية في محطة للإسعافات الأولية، وبخاصة للأطفال. وذكرت أنه سيتم تشكيل إدارات محلية وقوات حماية من الأهالي في تل أبيض ورأس العين، على غرار منطقتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون»، عقب استكمال التطهير.
في سياق متصل، التقى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، بعد أن رحبت طهران بالاتفاق التركي - الروسي حول وقف العمليات في شمال شرقي سوريا، في باكو، أمس، على هامش اجتماعات دول عدم الانحياز، لبحث آخر التطورات في شمال شرقي سوريا وعملية آستانة، واللجنة الدستورية السورية.
في غضون ذلك، أرسلت القوات التركية تعزيزات عسكرية جديدة، أمس، إلى نقاط المراقبة في منطقة خفض التصعيد في إدلب. ودخلت تعزيزات عسكرية ولوجيستية من معبر كفرلوسين شمال إدلب مؤلفة من 30 سيارة تقل ضباطاً وجنوداً، برفقة 4 سيارات تابعة للجيش الوطني السوري الموالي لتركيا، واتجهت إلى نقاط المراقبة من الأولى إلى السابعة من بين النقاط التركية الاثنتي عشرة المنتشرة في ريف محافظتي حلب وإدلب. ويعد هذا الرتل من التعزيزات العسكرية هو الثاني من نوعه الذي يصل إلى نقاط المراقبة في إدلب منذ مطلع الشهر الجاري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».