«حكايا الحيطان»... معرضٌ في غزة يعكس الواقع بأيدي اليافعين

ضمّ عدداً من الزوايا الكتابية

إحدى الزائرات داخل المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى الزائرات داخل المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«حكايا الحيطان»... معرضٌ في غزة يعكس الواقع بأيدي اليافعين

إحدى الزائرات داخل المعرض (الشرق الأوسط)
إحدى الزائرات داخل المعرض (الشرق الأوسط)

برفقة مجموعة من صديقاتها تتجول الطفلة إيمان الريفي (13 عاماً)، بين زوايا معرض «حكايا حيطان» الذي عُقد مساء الاثنين الماضي في مدينة غزة، تتأمل بدقة العبارات التي خطّها أبناء جيلها بأساليب مختلفة، يروون من خلالها الواقع الفلسطيني من أبعادٍ مختلفة، وتقول بصوتٍ مرتفع: «كأنّها تحكي قصتي»، ثمّ تمضي باتجاهٍ آخر والدهشة تعتليها، وتهمس لإحدى زميلاتها مادحة «الجهد المميز» المبذول لأجل إنجاح هذا العمل.
لم تكن الطفلة الريفي هي وحدها من عاشت هذا الشعور، فإلى جانبها كان عشرات الطلبة الغزيين، الذين أمّوا معرض «حكايا حيطان» الذي عُقد في قاعة رشاد الشوا غرب مدينة غزة، وعُرض خلاله أنشطة تفاعلية لحكايات جدران الشوارع، وجاء كذلك ضمن فعاليات مشروع «كتابات»، الذي يقع ضمن مشاريع التكوين المهني، التي يعمل عليها برنامج البحث والتطوير التربوي في مؤسسة «عبد المحسن القطان».
وضمّ المعرض زوايا متعددة، عَرَضت مخطوطات وعبارات مختلفة، وحملت إحدى الزوايا اسم «أحلام باريسية»، للتعبير عن مدى الصعوبات التي تواجهها أحلام الفلسطينيين، وأُطلق على زاوية ثانية اسم «كيف بتشوف غزة»، وتضمنت حديثاً عن الواقع الغزّي وتفاصيله، فيما حملت الزوايا المتبقية أسماء تسرد حكايا أخرى مثل: «عيشوني بقصة حلوة» و«اللي منغص حياتي» و«زابط ومش زابط» و«رسالة مصالحة» و«اضحك لو مش زابطة معك».
في أحد الجوانب كان يقف الشابّ محمد أبو طالب، أمام عباراته المكتوبة باللغات القديمة، يشرح لكلّ من يصله، عن حكايا تلك اللوحات التي نقشها على قطعٍ طينية شكلها بيديه خلال الفترة الماضية. يقول: «إن مشاركته في هذا المعرض الذي يعبر عن أحلام وآمال الفلسطينيين بطريقة محكية بسيطة، تعني له الكثير وتسهم في إيصال رسائله بشكلٍ مباشر للجمهور».
بدورها ذكرت مديرة مكتب غزة لبرنامج البحث والتطوير في «مؤسسة عبد المحسن القطان» علا بدوي أنّ هذا المعرض، يذهب في ناحية أخرى تميزه عن باقي الفعاليات المحلية، كونه يسهم بدمج الحضور في الواقع من خلال دفعهم لاستحضار الذكريات المرتبطة بزواياه، مبيّنة أنّ المشروع ككلّ بدأ قبل عامين؛ لأجل تحسين مستوى الطلبة في الكتابة وبعد ذلك تحوّلت الفكرة وتطورت ووصلت لهذا الحد.
واستلهم القائمون على المعرض فكرة العبارات التي عُرضت من الكلمات التي يخطها الشبّان على حوائط الشوارع والمدارس والأماكن العامّة الأخرى. وتنوه علا بدوي إلى أنّ المشروع حصر العبارات المنتشرة واختار الأفضل منها وقدّمها للجمهور في الزوايا التفاعلية.
وأشارت إلى أنّ الطلبة خرجوا خلال المعرض من الإطار التعليمي التقليدي والمنهجي، وذهبوا نحو تعلّم الكتابة باللغات القديمة، وكتبوا على الحيطان باللغة الكنعانية والمسمارية، واختاروا هم بأنفسهم العبارات الأكثر إلهاماً وتأثيراً، لافتة إلى أنّ الطلبة برعوا في تفسير بنية الرموز القديمة وطوروها وربطوا بينها وبين الحروف العربية، وخرجوا بثمانية أحرف لا يوجد لها مقابل في الأبجدية الكنعانية.
لحظاتٌ طويلة قضتها الفتاة رغد الباشا، تقرأ العبارات المخطوطة في زاوية «اضحك لو مش زابطة معك بتزبط بعدين»، تطلق لذاتها عنان الضحكات كلما قرأت عبارة تدعو في مضمونها لترك هموم الدنيا والعيش بشخصية اللامبالي، توضح في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ معظم الكلام المكتوب هنا يعبر بصورة كبيرة عن المواقف المضحكة التي يعيشها الناس، كما أنّه يبيّن الوجه البسّام لغزة، رغم كلّ الظروف الصعبة التي نحياها.
وكان لافتاً في المعرض تلك الزاوية التي تركها القائمون عليه كمساحة حرّة للزوار، للتعبير عن أحلامهم وتطلعاتهم، فكتبت الطالبة حنان الوادية (14 عاماً)، «ما في أمنية غير أن يصير حال البلد أحسن، ونعيش الحرية»، وخطّ الطالب إحسان أبو شنب أمنيته التي أفصح فيها عن حلمه بالسفر للحاق بأخوته الأربعة الذين هاجروا للبحث عن حياة أفضل من تلك الموجودة في قطاع غزة.



السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».