«غوغل»: اختراق تقني مثير في عالم الكومبيوتر الكمّي

نفذ مهمة لا تتمكن الكومبيوترات الفائقة من تنفيذها في 10 آلاف سنة

كومبيوتر «غوغل» الكمي
كومبيوتر «غوغل» الكمي
TT

«غوغل»: اختراق تقني مثير في عالم الكومبيوتر الكمّي

كومبيوتر «غوغل» الكمي
كومبيوتر «غوغل» الكمي

أعلنت شركة «غوغل» أمس أنها حققت اختراقا كبيرا في «التفوق في ميدان الحوسبة الكمّية» سيتيح لكل أنواع الكومبيوترات إجراء عمليات حسابية بسرعات لا يمكن تصورها في عالم التكنولوجيا اليوم.
وفي بحث علمي نشرت نتائجه في مجلة «نتشر» العلمية، قالت «غوغل» إن مختبرها العلمي في سانتا بربارا في ولاية كاليفورنيا، حقق إنجازا علميا للعلماء الذين جاهدوا منذ ثمانينات القرن الماضي لتحقيقه.
وأضافت الشركة أن الكومبيوتر الكمي لها نفذ مهمة لا يمكن للتكنولوجيا الحديثة تنفيذها، إذ أجرى في تلك المهمة حسابات رياضية في غضون 3 دقائق و20 ثانية، لا تتمكن أقوى الكومبيوترات الفائقة (السوبر) من تنفيذها في 10 آلاف سنة من العمل.
وشبه بعض العلماء هذا الاختراق التكنولوجي الكبير بالنجاح الذي حققه الإخوة رايت بالتحليق بطائرة لأول مرة عام - 1903 - الذي اعتبر برهانا على وجود إمكانية ما قبل أن تتحقق فعليا بعد سنوات لاحقة.
الكومبيوتر الكمي
والكومبيوتر الكمي حصيلة ناتجة عن أكثر من قرن من الأبحاث في مجال علم الفيزياء المسمى «الميكانيك الكمي» (أو الكوانتي، نسبة إلى كلمة كوانت - التي تعني كمّة الطاقة)، وهو يعمل بطريقة مختلفة جدا عن عمل الكومبيوترات الحالية. ويعتمد الكومبيوتر الكمي على طرق لا يصدقها العقل لتصرفات بعض الجسيمات على المستوى الذري، عند تعريضها للبرودة الشديدة الشبيهة بتعريض المعادن لحرارة تصل إلى 460 درجة فهرنهايت تحت الصفر (273 مئوية تحت الصفر)، في كومبيوتر غوغل الكمي.
ويعتقد العلماء أن هذه الأجهزة ستعزز قدرات نظم الذكاء الصناعي وستحقق اختراقات في نظم التشفير التي تحمي الأمن الوطني. ولذلك تعتبر الولايات المتحدة والصين الحوسبة الكمية من أولويات الأمن الوطني.
إلا أن العلماء ظلوا يشككون في إمكانية بناء كومبيوتر كمي، ويحذر بعضهم من مشاعر الإثارة المصاحبة لإعلان غوغل، لأن هناك الكثير من الأعمال التي يجب تنفيذها قبل انتقال مثل هذا الكومبيوتر من المختبرات العلمية. كما أن سعر الكومبيوتر الكمي الواحد يكلف ملايين الدولارات.
وتتنافس شركات كبرى، ومنها «مايكروسوفت» و«إنتل» و«آي بي ام» إضافة إلى «غوغل» في مساعيها لإنتاج كومبيوتر كمي، وحسب دراسة جديدة فقد بلغ حجم الاستثمارات في هذا الميدان أكثر من 450 مليون دولار.
وتنفق الصين 400 مليون دولار على مختبرات الأبحاث الكمية الوطنية، وقدمت براءات اختراع أكثر بمرتين خلال السنوات الأخيرة مما قدمته الولايات المتحدة. وقدمت إدارة الرئيس ترمب هذا العام «مبادرة الأبحاث الكمية الوطنية» واقترحت تقديم 1.2 مليار دولار لأبحاث الفيزياء الكمية والكومبيوترات الكمية.
مبدأ العمل
وبينما تنفذ الكومبيوترات الحالية عملها بمعالجة «بت» من المعلومات (بت هي أصغر وحدة للمعلومات) يكون كل منها أما في حالة 1 أو في حالة الصفر، فإن الكومبيوترات الكمية تعمل على مبدأ آخر يكمن في المفهوم التالي: كل جسم وحيد يتصرف كما لو أنه كان جسمين في نفس الوقت – أي إن له حالتين -، وذلك عندما يكون الجسم إما شديد الصغر، أو أنه واقع تحت ظروف البرودة الشديدة.
وبتوظيف هذا التصرف الغريب، سعى العلماء إلى بناء «بت كمي» أو «كيوبت» الذي تقوم بخزن حالتين: 1 وصفر. وبهذا فإن اثنين من «كيوبت» سيمتلكان أربع قيم، في نفس الوقت. ومع ازدياد أعداد «كيوبت» فإن الكومبيوتر الكمي يصبح قويا جدا بشكل أسّي، محولا الكومبيوترات الحالية إلى نوع من دمى الأطفال.
وكان باحثون يابانيون قد حققوا في دراسات سابقة قبل 20 عاما، الريادة في الحصول على «كيوبت فائق التوصيلية». وتحصل حالة التوصيلية الفائقة عند تعريض بعض المعادن إلى درجات حرارة تقل كثيرا جدا عن الصفر. وهذا ما دفع إلى ظهور مشروعات لشركات «آي بي إم» و«انتل» و«غوغل» لكومبيوترات تختلف عن شكل الكومبيوترات الحالية، إذ إنها تصمم على شكل أسطوانات معدنية كبيرة مغمورة في مجمدات فولاذية، ترسل إليها المعلومات مثلما ترسل إلى الكومبيوترات الحالية.
جدل علمي
وقد أحيط بحث «غوغل» بنوع من الغموض بعد أن نشرت نتائجه على الإنترنت - ثم سحبت - في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. وقد أثار ذلك نوعا من الغضب بين صفوف الباحثين الذي تصوروا أن غوغل تضخم ادعاءاتها.
وفي يوم الاثنين الماضي شككت «آي بي إم» في ادعاءات غوغل بأن حسابات كومبيوترها الكمي لا يمكن تنفيذها بأي كومبيوتر حالي، وقالت إن تلك الحسابات الكمية يمكن تنفيذها بالكومبيوتر الحالي خلال يومين ونصف - وليس 10 آلاف سنة.
وعلق داريو غيل رئيس مختبر أبحاث «آي بي إم» في ولاية نيويورك الذي يجري أبحاثه على الكومبيوتر الكمي: «إن الأبحاث لا تدور حول الهيمنة النهائية على الكومبيوترات الحالية». كما شكك باحثون آخرون في نتائج الحوسبة الكمية من غوغل. وأضاف داريو أن الكومبيوترات الكمية أصبحت أقرب إلى الواقع وقال: «بحلول عام 2020 سيكون بإمكاننا استخدامها في جوانب تجارية وعلمية»
ومثله مثل أي إنجاز تم تحقيقه في مختبرات الشركات فإن جهود غوغل البحثية قد بدأت بتوظيف علماء أكاديميين، ففي عام 2014 استأجرت الشركة فريقا من علماء الفيزياء الذين عملوا لسنوات في مجال الحوسبة الكمية بجامعة كاليفورنيا في سانتا بربارا.
وعلقت غوغل على تصريحات «آي بي إم» بأن الكومبيوترات التقليدية يمكنها تنفيذ حسابات الكومبيوتر الكمي خلال يومين ونصف، وجاء في بيان لناطق باسم الشركة: «لقد انسلخنا بالفعل عن الكومبيوترات التقليدية، نحو مسار مختلف تماما». وأضاف: «إننا نرحب بمقترحات لتقديم تقنيات المحاكاة المتقدمة، رغم أن من الحيوي اختبارها على الكومبيوترات الفائقة الموجودة».

- خدمة «نيويورك تايمز»



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.