الجيش يتخذ قرار فتح الطرقات وسط تنامي الاحتجاجات

مصادر سياسية: الحكومة لا تجد من يحاورها ولم تتلقَّ لائحة مطالب

عناصر من قوات الجيش اللبناني تمنع المتظاهرين من دخول الطريق السريع في جل الديب أمس (رويترز)
عناصر من قوات الجيش اللبناني تمنع المتظاهرين من دخول الطريق السريع في جل الديب أمس (رويترز)
TT

الجيش يتخذ قرار فتح الطرقات وسط تنامي الاحتجاجات

عناصر من قوات الجيش اللبناني تمنع المتظاهرين من دخول الطريق السريع في جل الديب أمس (رويترز)
عناصر من قوات الجيش اللبناني تمنع المتظاهرين من دخول الطريق السريع في جل الديب أمس (رويترز)

اتخذ الجيش اللبناني أمس قراراً بفتح الطرقات وتسيير عجلة الحياة في لبنان إثر تنامي المطالب بتوفير السلع الأساسية في البلاد بعد أسبوع من المظاهرات التي تصاعدت أمس ووصلت إلى قطع الطرقات التي اصطدم بعض القائمين بها مع عناصر الجيش، وهو ما دفع الجيش لتوضيح الإجراءات، مؤكداً دعمه مطالب الناس الحياتية المحقة، والتزامه بحماية حرية التعبير والتظاهر السلمي بعيداً عن إقفال الطرق.
والتوتر، هو الأول من نوعه منذ بداية الاحتجاجات المتنامية اعتراضا على سياسات الحكومة الاقتصادية، وتصاعدت أمس مع موجة إقفال الطرقات بموازاة الاعتصامات التي عمت مناطق لبنانية واسعة، وسط غياب لأي أفق للحل حتى الآن، رغم إقرار الحكومة خطوات إصلاحية، رفضها المتظاهرون. وبينما تتكثف المشاورات الدولية على خط البحث عن حل سريع للأزمة، والالتزام بحماية المتظاهرين وتنفيذ الإصلاحات التي تم إقرارها، قالت مصادر سياسية لبنانية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة قدمت إجابات على مطالب الناس عبر الورقة الإصلاحية والدفع باتجاه إقرار موازنة المالية العامة، والورقة الإصلاحية التي أعلن عنها رئيس الحكومة سعد الحريري يوم الاثنين الماضي، لكنها في المقابل «لا تجد من يحاورها ويتفاوض معها من الشعب، وسط مطالب غير محددة وغير موحدة»، قائلة: «هل نحاور أشباحاً؟».
وسألت المصادر: «ما المطلوب الآن؟». معتبرة أن «المشهد غير مكتمل حتى الآن». وإذ شددت المصادر على أن ما يجري «هو صرخة وجع، وحق مطلبي»، جددت التأكيد أن «المطالب غير محددة، ولم يتضح مع من يريد المتظاهرون أن يتحاوروا»، وذلك بموازاة المطالب بإسقاط الحكومة.
ووسط هذا المشهد الضبابي في الأوساط السياسية التي تتعامل مع المطالب بشقها الاقتصادي فقط، تتراكم الأزمات مع ازدياد اندفاع الناس للتظاهر في الشوارع، وتصاعدت أمس وتيرة الاحتجاجات، حيث انتقل المتظاهرون إلى إقفال الطرقات بعد أربعة أيام، على أن يكون الاكتفاء بالاعتصامات في الساحات والإحجام عن الالتحاق بالوظائف والجامعات، وهو ما دفع الجيش اللبناني إلى تنفيذ خطة فتح الطرقات.
وبينما أظهرت مقاطع تلفزيونية توترات بين مواطنين وعناصر من الجيش رفضوا إقفال الطرقات أمام الناس، نشر الجيش اللبناني في حسابه في «تويتر» مجموعة تغريدات خاطب فيها المتظاهرين قائلاً: «الجيش يقف إلى جانبكم في مطالبكم الحياتية المحقة، وهو ملتزم بحماية حرية التعبير والتظاهر السلمي بعيداً عن إقفال الطرق والتضييق على المواطنين واستغلالكم للقيام بأعمال شغب». وقالت قيادته في تغريدة أخرى: «نفتح الطرق لأجلكم ولأجل تسهيل وصول الحاجات الأساسية للمواطنين من مواد طبية ومواد غذائيّة ومحروقات وغيرها»، لافتة إلى أن «جنودنا منتشرون على الأراضي اللبنانية كافة على مدار الساعة لمواكبة تحرّككم السلمي وحمايتكم في هذه المرحلة الدقيقة وهم بين أهلهم».
وأكدت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» أنه لا قرار سياسيا بفتح الطرقات، بل القرار اتخذه قائد الجيش العماد جوزيف عون. وأوضحت المصادر أن «الجيش حمى المتظاهرين ورد عنهم قافلة الدراجات النارية أول من أمس، لكن في مكان آخر، هناك عدد كبير من المواطنين لا يستطيعون الوصول إلى مصالحهم وأرزاقهم، وأثر قطع الطرق على إمكانية وصول الفيول والطحين والمواد الطبية، كما أن المواطنين لا يستطيعون الوصول إلى المستشفيات، وهو ما دفع الجيش لاتخاذ هذا القرار بفتح الطرقات ودعوة المتظاهرين للاعتصام في الساحات العامة حيث يحميهم».
وشهد أوتوستراد نهر الكلب توترا بين المتظاهرين والجيش بعدما عملت عناصره على فتح الطريق أمام السيارات. وذكرت غرفة التحكم المروري أن أوتوستراد نهر الكلب والطريق البحرية أعيدت فتحها.
وتوقفت المصادر عند المشاهد التي أظهرت عناصر الجيش يفتحون الطرقات بالقوة، موضحة أن الجيش «حريص على عدم استخدام القوة المفرطة، فلم يستعمل القنابل المسيلة للدموع ولا خراطيم المياه، ولم تلجأ عناصره إلى ضرب أحد... فالجيش لا يمانع التظاهر، ودوره حماية حرية التعبير، لكنه يرفض أذية الناس ومصالحهم، ويعمل على تأمين سير الحياة الطبيعية».
وإذ أكدت المصادر أن الأزمة سياسية، ولا حل لها إلا بالسياسة، كشفت أن قائد الجيش تواصل مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين وأبلغهم أن الوضع خطير، ويجب أن يتم علاجه بالسياسة، مشددة على أن الجيش لا يريد الاصطدام بتاتاً مع الناس.
وأكدت قيادة الجيش أنها «لم تألُ جهداً في الأيام الماضية في التواصل مع كل الأفرقاء المعنيين للحؤول دون حصول احتكاك أو تصادم بين المواطنين»، متمنياً على المواطنين «التعاون معه من أجل إبقاء الطرق سالكة تسهيلاً لتنقل المواطنين واستقامة الدورة الحياتية». وأكد أن «الجيش ملتزم بالدفاع عن حماية الوطن أرضاً وشعباً». وقال: «كلنا لبنانيون... نحن عائلة واحدة».
واحتوى الجيش حوادث الاحتكاك المحدودة، وتفاعل اللبنانيون على نطاق واسع معها، حيث أظهرت مقاطع فيديو عنصراً بالجيش يبكي، تأكيداً على أن الجيش هو من الشعب، ويحميه، وتناقل اللبنانيون المقطع على نطاق واسع.
وبدا أن الجيش والقوى الأمنية حصلا على غطاء سياسي حكومة، حيث تابع الرئيس الحريري التطورات الأمنية في البلاد، فأجرى سلسلة اتصالات بالقيادات الأمنية والعسكرية واطلع منها على الأوضاع الأمنية في مختلف المناطق، مشددا على «ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار والحرص على فتح الطرق وتأمين انتقال المواطنين بين كل المناطق»، بحسب ما ذكر بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أمس.
وأعلنت وزيرة الداخلية ريا الحسن أنه «بناء على توجيهات صريحة وواضحة من رئيس الحكومة ومن خلالي، لقيادة قوى الأمن الداخلي، نقوم بالحفاظ على سلامة المواطنين، والمتظاهرين في آن معاً، ومنع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة»، لافتة إلى «أننا نتحاور مع المتظاهرين لفتح الطرق وتأمين وصول الخدمات للناس».
وأكدت الحسن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الحلّ ليس بالأمن، وهذا ما قاله الرئيس سعد الحريري وأؤكد عليه، إنما بالسياسة»، مضيفة: «المشكلة سياسية، ويجب التعاون سريعاً لاستعادة ثقة المواطن وتوفير الحلول للأزمات التي نمر بها».
إلى ذلك، استمر مسلسل قطع الطرقات والتظاهر في المناطق، بموازاة توافد الناس إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء في وسط بيروت للاعتصام. وتزايدت الجموع عصراً حيث وفد الآلاف إلى وسط بيروت، بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات في جل الديب وأنطلياس وطرابلس وصيدا وصور والنبطية ومناطق أخرى.



حراك يمني في ميونيخ استجلاباً للدعم الدولي في مواجهة الحوثيين

رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي خلال افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي (سبأ)
رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي خلال افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي (سبأ)
TT

حراك يمني في ميونيخ استجلاباً للدعم الدولي في مواجهة الحوثيين

رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي خلال افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي (سبأ)
رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي خلال افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي (سبأ)

يقود رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، ووزير خارجيته، شائع الزنداني، حراكاً دبلوماسياً على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي، لجهة استجلاب الدعم الاقتصادي والسياسي والتأكيد على خطر الجماعة الحوثية على اليمن والمصالح العالمية، إلى جانب التذكير بمخاطر تهريب الأسلحة الإيرانية للجماعة، وطلب الضغط من أجل وقفها.

وفي حين التقى العليمي عدداً من رؤساء الوفود العربية والمسؤولين الأوروبيين، ذكر الإعلام الرسمي أنه استقبل، السبت، مساعد وزير الخارجية الأميركي بالوكالة لشؤون الشرق الأدنى، تيم ليندركنغ، وبحث معه التحديات المتشابكة التي تواجه الحكومة اليمنية، وفي المقدمة الأزمات الاقتصادية والخدمية والإنسانية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية والشحن البحري.

وتطرق اللقاء، وفق وكالة «سبأ»، إلى مخاطر استمرار خطر الحوثيين المدعومين من النظام الإيراني على الأمن الإقليمي والدولي، فضلاً عن انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان، والضغوط المطلوبة لدفعهم إلى الإفراج عن موظفي الأمم المتحدة ومجتمع العمل الإنساني والمدني دون قيد أو شرط، والتعاطي الجاد مع جهود السلام الشامل وفقاً لمرجعياته المتفق عليها وخصوصاً القرار 2216.

وأشاد العليمي بقرار تصنيف واشنطن الحوثيين «منظمة إرهابية أجنبية»، مشيراً إلى أهمية التحاق المجتمع الدولي بمثل هذه الإجراءات العقابية بوصفها خياراً سلمياً لتجفيف مصادر تمويل وتسليح الجماعة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

العليمي مستقبلاً في ميونيخ مساعد وزير الخارجية الأميركي بالإنابة تيم ليندركنغ (سبأ)

وفي لقاء آخر جمع العليمي مع المفوضة الأوروبية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، دوبرافكا شويكا، تطرق إلى الدعم الأوروبي والدولي المطلوب للاقتصاد اليمني، والحد من آثار الأزمة الإنسانية التي فاقمتها الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية، وسفن الشحن البحري.

وجدد رئيس مجلس الحكم اليمني الدعوة للاتحاد الأوروبي إلى الالتحاق بالإجراءات العقابية ضد الحوثيين وتصنيفهم جماعة إرهابية، وإعادة تخصيص مساعدات الاتحاد لتأمين الاحتياجات الخدمية الأساسية في اليمن.

ونسب الإعلام الحكومي إلى المفوضة الأوروبية، أنها أبدت استجابة للتعاطي الجاد مع الأولويات المطروحة من جانب العليمي، بما في ذلك التنسيق الدائم مع الحكومة بشأن التحديات الأمنية المشتركة، وإعادة تخصيص الدعم الأوروبي ليشمل قطاع الكهرباء والطاقة، والخدمات الأساسية.

الضغط على إيران

التقى العليمي في ميونيخ الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، وتطرق اللقاء إلى مسار الإصلاحات الشاملة والتدخلات الأوروبية والدولية المطلوبة لدعم الاقتصاد اليمني، وتعزيز موقف العملة الوطنية، وتخفيف المعاناة الإنسانية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على منشآت تصدير النفط.

ونقلت وكالة «سبأ» أن العليمي شدد على أهمية مضاعفة الضغوط على النظام الإيراني من أجل وقف دعمه وتسليحه للحوثيين، وكذا تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق، والتفتيش بموجب قرار حظر الأسلحة.

وبحسب ما أورده الإعلام الرسمي، وضع العليمي المسؤولة الأوروبية أمام رؤية مجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة لتحقيق السلام الشامل، والدائم في اليمن والمنطقة، وأشار إلى أهمية دعم الحكومة لتعزيز قدراتها في حماية مياهها الإقليمية.

رئيس مجلس القيادة اليمني يجتمع في ميونيخ مع مسؤولة رفيعة المستوى بالاتحاد الأوروبي (سبأ)

وشدد رئيس مجلس القياد اليمني على أهمية التحاق الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بالإجراءات العقابية الأميركية ضد الحوثيين والعمل على تجفيف مصادر تمويلهم وتسليحهم، وإجبارهم على وقف انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان، ومغامراتهم العسكرية على الصعيدين الوطني والإقليمي، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وخصوصاً القرار 2216.

وأكد رئيس مجلس الحكم اليمني أن الحل لإنهاء خطر الميليشيات الحوثية الإرهابية لن يكون إلا باستعادة مؤسسات الدولة ودعم حكومتها الشرعية لبسط سلطتها على كل أراضيها.

وحذر العليمي من أن عدم التعامل الحازم مع ممارسات الحوثيين وتصعيدهم الإرهابي وانتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان والأمن البحري، «سيشجع جماعات إرهابية أخرى على تصرفات مشابهة في أماكن مختلفة من العالم»، وفق تعبيره.

وضمن الحراك اليمني على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن الدولي، كان العليمي التقى رئيس الوزراء العراقي، ووزير الخارجية البحريني ورئيس الوزراء الكويتي، إلى جانب لقاءات أخرى أجراها وزير الخارجية شائع الزنداني مع مسؤولين أمميين ودوليين.