الحكومة المصرية تتبرأ من تداعيات الأمطار... وبرلمانيون يتهمون وزراء بـ«التقصير»

في الوقت الذي سعت فيه الحكومة المصرية للتبرؤ من مسؤولية تداعيات أزمة الأمطار التي شهدتها البلاد، أول من أمس، ركز نواب برلمانيون هجومهم على وزراء ومسؤولين محليين؛ بحجة أنهم «لم يستعدوا» للموجة التي حذرت هيئة الأرصاد من حدوثها قبل أيام.
وتسببت موجة الطقس السيئ، وتراكم المياه التي لم تستوعبها شبكات الصرف، في وفاة 6 أشخاص على الأقل، بعضهم صعقاً بالكهرباء في محافظات مختلفة، فضلاً عن شل حركة السير في القاهرة لأكثر من خمس ساعات.
واستعرض أمس «مجلس الوزراء»، بحسب بيان رسمي، الإجراءات التي اتخذتها الجهات المختلفة للتعامل مع «أمطار غزيرة تصل حد السيول في بعض المناطق»، مؤكداً أن «جميع المسؤولين تواجدوا على مدار اليوم في الشوارع للتعامل الفوري مع تداعيات سقوط الأمطار الغزيرة، بداية من محافظ القاهرة، ومدير الأمن، ومدير المرور. إلى جانب مسؤولي الجهات المعنية؛ وذلك بهدف دفع العمل في المواقع المختلفة، وإزالة أي معوقات، واتخاذ الإجراءات للتخفيف من الآثار الناجمة، والتعامل على أرض الواقع».
في المقابل، شن برلمانيون هجوماً كبيراً ضد وزراء في الحكومة، محملين إياهم مسؤولية عدم الاستعداد بشكل مناسب لموجة الأمطار، في حين أعلن أعضاء في البرلمان تقدمهم بطلبات إحاطة لوزراء في الحكومة بشأن تداعيات الأزمة، التي طالت محافظات عدة، والتوقعات الجوية باستمرار موجة الطقس السيئ. واعتبر ثلاثة نواب، هم علاء والي ومحمد المسعود وحسن عمر، في طلبات إحاطتهم أن هناك ما وصفوه بـ«الفشل» في التعامل مع أزمة الأمطار.
كما اعترف مجلس الوزراء أمس بأنه لا توجد «شبكة تصريف أمطار في مدننا المختلفة. فهي مخططة دون هذه الشبكة؛ نظراً لأن بلادنا تعتبر من البلاد الجافة»، مضيفاً أن «إنشاء شبكة منفصلة لتصريف الأمطار يكلف مليارات الجنيهات، وإمكاناتنا المالية لم تكن تسمح بذلك، ومعظم الدول لا تنفذ هذه الشبكات الباهظة التكاليف، خصوصاً عندما لا تتعرض لمثل هذه الظروف الجوية الصعبة إلا لفترات نادرة، كل عام أو اثنين، ويتم التعامل الفوري مع حدوث مثل هذه الأزمات بهدف التخفيف من الآثار الناجمة، وهو ما حدث بالفعل من الأجهزة المحلية».
وبحسب ما أفادت وسائل إعلام محلية، بينها صحف مملوكة للدولة، فإن طفلة (9 سنوات) توفيت صعقاً بالكهرباء، جراء الأمطار في مدينة العاشر من رمضان التابعة لمحافظة الشرقية، كما لقي مزارع وابنته مصرعيهما جراء السيول في مدينة الحسنة بشمال سيناء، في حين شهدت محافظة الغربية وفاة رجل وسيدة في واقعتين منفصلتين، بعد أن «سقطا أثناء محاولة إزاحة الأمطار من أعلى منزليهما».
وحذرت الحكومة المصرية من أن «ما شهدته البلاد من سوء أحوال جوية يمكن أن يتكرر في أكثر من مكان على مستوى الجمهورية خلال الفترات المقبلة، وذلك في ضوء ما يشهده العالم من تغيرات مناخية، وموجات من الطقس السيئ». مطالبة بضرورة توخي المواطنين «الحذر في محافظات شمال الدلتا، وذلك على خلفية التقارير الواردة من الجهات المعنية بأن يوم الجمعة المقبل سيشهد موجة من الطقس السيئ».
ولجأت السلطات أمس إلى تعليق الدراسة في محافظات القاهرة الكبرى، بسبب صعوبة التنقل في ظل تراكم المياه، كما دعت سلطات المطار المسافرين على رحلاتها الدولية والداخلية إلى «ضرورة التواجد بمطار القاهرة والمطارات المصرية قبل موعد إقلاع رحلاتهم بثلاث ساعات على الأقل».
في سياق ذلك، حوّلت تعليقات مصرية، مجرى الحديث عن الأمطار، التي ضربت البلاد أول من أمس، إلى طوفان سخرية ممزوج بالسخط من تبعات تراكم المياه في الشوارع، وهو ما عطل حركة السير لفترات قياسية، باتت معها «العوّامة» وسيلة انتقال مستقبلية في رأي بعضهم، بينما دخل آخرون في جدل بشأن مدى ملاءمة بعض شوارع شرق القاهرة الحيوية لتنظيم «ماراثون سباحة» وفق المعايير الأوليمبية.
وكعادة المصريين في التعامل بـ«التنكيت» مع متغيرات الأمور الجادة، قدم المُنظّرون المجتمعون فوق «مائدة عائمة» في منطقة مدينة نصر (شرق)، أطروحة جيوسياسية برّاقة ربطت بين موقع البلد الذي يقع كمصب لنهر النيل، والمفاوضات السياسية الممتدة منذ سنوات بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن «سد النهضة»، وببساطة تليق بسيولة الموقف، رأى هؤلاء أن «مياه الأمطار المتراكمة في الشوارع هي البديل للكميات التي قد تُحرَم منها القاهرة بفعل السد الذي تشيده أديس أبابا».
وإذا كانت السخرية عبر الأفكار الجادة استهوت كبار السن، فإن بعض مكوني شريحة الشباب، هالهم تغير شكل الشوارع تحت وقع المياه، واختفاء علاماتها البارزة، فاستلهموا صورة للفنان الكوميدي عادل إمام، تعود إلى مشهد من فيلمه «جزيرة الشيطان»، عندما لعب دور غواص يبحث عن كنز غارق، وعبر الاستعانة بخليط علوم الهندسة والبحار سألوا: «إحنا ماشيين على كام عقدة؟».
المشاحنات الرجالية - النسائية كانت حاضرة هي الأخرى في عرض التعليقات الساخرة، إذ أظهرت صورة سيدة تركب سيارتها بعد أن أحاطت بها المياه وأخفت أكثر من ثلثها، فلم تجد من هول الصدمة سوى رفع يديها من على مقود السيارة، ونقلت تعبيرات وجهها حالة من الرعب. لكن الجانب الآخر من الصورة أظهر رجلاً يركب دراجة بخارية وهو يرفع قدميه من المياه، غير مكترث بما حوله، ومنخرطاً باهتمام في استكمال تدخين سيجارته.