قمة سوتشي... الميلاد الروسي الجديد في أفريقيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجتمع مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش «قمة روسيا أفريقيا» (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجتمع مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش «قمة روسيا أفريقيا» (أ.ف.ب)
TT
20

قمة سوتشي... الميلاد الروسي الجديد في أفريقيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجتمع مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش «قمة روسيا أفريقيا» (أ.ف.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجتمع مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي على هامش «قمة روسيا أفريقيا» (أ.ف.ب)

يفتتح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأربعاء)، مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الاتحاد الأفريقي، «قمة روسية أفريقية» هي الأولى من نوعها، ترمز إلى طموحات موسكو المتزايدة في منطقة تقدم فيها الصينيون والأوروبيون بفارق كبير.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، حصرت جاسمين أوبرمان خبيرة الإرهاب في جنوب أفريقيا، وجود 203 من الجنود، أكثرهم روس، و3 مروحيات مقاتلة، وتقنيات عسكرية من أحدث طراز، وصلوا حسب أوبرمان، إلى إقليم «كابو ديلجادو» المتوتر والغني بالغاز، في موزمبيق، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
وحتى إن غابت التأكيدات الرسمية بشأن هذا الوجود العسكري، فإن روسيا عادت لتلوح بعلمها من جديد في أفريقيا. وأفضل دليل على ذلك هو أول «قمة روسية أفريقية» في مدينة سوتشي الروسية على البحر الأسود؛ حيث ينتظر المُضيف فلاديمير بوتين، حضور نحو 44 من رؤساء دول وحكومات القارة الأفريقية.
ووُجهت الدعوة إلى نحو 10 آلاف مشارك في القمة، من 54 دولة أفريقية وروسيا. وقال بوتين في تصريح لوكالة «تاس» الروسية قبل القمة: «أفريقيا تصبح بشكل متزايد قارة للفرص»، وأعلن عن استثمارات بالمليارات في أفريقيا.
وتسعى روسيا من خلال القمة، وبعد نحو ثلاثة عقود من انهيار الشيوعية، لاستغلال واستثمار علاقاتها القديمة التي تعود لفترة الاتحاد السوفياتي.
وأعاد الخبير الروسي في الشؤون الأفريقية ليونيد فيتوني، في مقال لصحيفة «نيسافيسمايا جازيتا» إلى الأذهان أن المستعمرات الغربية السابقة حصلت على حريتها بتأثير من موسكو، وقال إن الاتحاد السوفياتي ساعد الدول آنذاك في بناء اقتصاد خاص بها، وإن مئات الآلاف من الأفارقة تعلموا في روسيا.
وأكد فيتوني نائب رئيس المعهد الأفريقي التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، قناعته بأن روسيا يمكن أن تستفيد اليوم من «قواعد التنقيب عن الذهب» في أفريقيا، مشيراً إلى الصينيين الذين يوسعون نفوذهم في القارة منذ سنوات.
وقال إن روسيا يمكن أن تستغل السوق الأفريقية المتنامية تحت ضغط العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا، «حيث إن لدى الدول الأفريقية اهتماماً كبيراً بأسلحتنا، خاصة منذ استخدامها بشكل ناجح في مناطق النزاعات الإقليمية».
ولكن من المنتظر أن يتجاوز الأمر المعدات العسكرية؛ حيث تريد روسيا تصدير الحبوب والآلات الزراعية والطائرات وتقنية الفضاء، على سبيل المثال، إضافة للشاحنات والمنتجات الكيماوية والدوائية، إلى أفريقيا؛ حيث تحتاج موسكو بعد خمس سنوات من العقوبات الغربية، لشركاء وأسواق لتعزيز نموها المتباطئ.
ومن الممكن أن يرتفع حجم التبادل التجاري الروسي مع أفريقيا من 20 مليار دولار عام 2018 إلى ثلاثة أمثال هذا الحجم في السنوات المقبلة، حسبما يرى الخبراء المعنيون.
وللمقارنة، فإن حجم التجارة الصيني الأفريقي بلغ بالفعل عشرة أمثال حجم التجارة بين روسيا وأفريقيا، وبالتحديد 204 مليارات دولار (عام 2018).
ولكن من الواضح أيضاً أن روسيا مهتمة، إلى جانب مصالحها الاقتصادية، بحسابات جيوسياسية؛ حيث لا تريد القوة العظمى التي عادت لها ثقتها بنفسها في وجود بوتين، أن تترك أفريقيا لا للصين ولا للغرب؛ حيث اعتبر معلقون روسيون أفريقيا بالفعل ساحة معركة في حرب باردة جديدة مع الغرب.
ووفقا لوسائل إعلام روسية فإن روسيا أبرمت بالفعل اتفاقات عسكرية وسياسية مع نحو 30 دولة أفريقية.
وحسب مفوض الحكومة الألمانية لشؤون أفريقيا جونتر نوكه، من الحزب المسيحي الديمقراطي، فإن «روسيا نشطة بقوة على الصعيد العسكري خاصة في جمهورية أفريقيا الوسطى، وهناك دلائل متزايدة على وجود نشاط روسي في أفريقيا».
وغالبا ما يأخذ هذا النشاط شكل خدمات حراسة شبه عسكرية تكون لها صفة الاستثمارات الخاصة، أو مستشارين عسكريين ترسلهم روسيا إلى هذه الدول.
ويتضمن برنامج «قمة روسيا أفريقيا» التي تشكل نسخة عن «منتديات التعاون الصينية الأفريقية» التي سمحت لبكين بأن تصبح الشريك الأول للقارة، يومين من المناقشات التي تتناول سلسلة من القضايا بدءاً من «التقنيات النووية في خدمة تنمية القارة» إلى جعل «المناجم الأفريقية في خدمة شعوب أفريقيا».
ومثل النسخة الصينية، ستعقد هذه القمة كل ثلاث سنوات.
لكن طريق موسكو لمنافسة الصين أو الغربيين طويل. وقال بول سترونسكي من معهد «كارنيغي» في موسكو إن «روسيا ليست الاتحاد السوفياتي... تنقصها موارد وعقيدة وجاذبية سلفها».



«الصحة العالمية» تخفض موازنتها 20 % بعد انسحاب واشنطن

المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)
المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)
TT
20

«الصحة العالمية» تخفض موازنتها 20 % بعد انسحاب واشنطن

المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)
المدير العام لمنظّمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس (أ.ف.ب)

اقترحت منظمة الصحة العالمية خفض موازنتها بنسبة 20 في المائة إثر قرار الولايات المتحدة، أكبر مساهم فيها، الانسحاب، الأمر الذي يستدعي تقليص مهماتها وأفراد طاقمها، وفق ما أعلن مديرها في رسالة إلكترونية داخلية اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية.

وأوضح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في رسالة وجهها إلى العاملين في المنظمة التابعة للأمم المتحدة، يوم الجمعة، أن الهيئة تواجه عجزاً يناهز 600 مليون دولار في 2025 و«لا خيار آخر أمامها» سوى البدء باقتطاعات.

وفضلاً عن إعلان بدء انسحاب بلاده بعد عودته إلى البيت الأبيض، قرر الرئيس دونالد ترمب تجميداً عملياً لكامل المساعدات الأميركية الخارجية، بما يشمل برامج مهمة تهدف إلى تحسين الصحة في مختلف أنحاء العالم.

وكانت الولايات المتحدة باشرت خلال ولاية ترمب الأولى في 2020 اتخاذ خطوات للخروج من «منظمة الصحة العالمية».

وحذر تيدروس نهاية يناير (كانون الثاني) من أن المنظمة ستتخذ إجراءات للاقتصاد في نفقاتها.

وتعتبر الولايات المتحدة المساهم الأكبر في منظمة الصحة وبفارق كبير. ففي آخر دورة مالية لعامي 2022 و2023، أمنت واشنطن 16.3 في المائة من 7.89 مليارات دولار شكلت مجموع موازنة المنظمة.

وأضاف تيدروس في رسالته أن «اقتطاعات كبيرة في المساعدات الحكومية للتنمية قامت بها الولايات المتحدة ودول أخرى، تتسبب باضطرابات هائلة بالنسبة إلى دول ومنظمات غير حكومية ووكالات أممية، بينها منظمة الصحة العالمية».

وحتى قبل بدء الانسحاب الأميركي، واجهت المنظمة صعوبات مالية وبدأت، قبل تسعة أشهر، العمل على إجراءات لتحسين فاعليتها، بحسب المصدر نفسه.

وقال تيدروس إن «إعلان الولايات المتحدة، مقروناً باقتطاعات أخيرة في المساعدة العامة للتنمية من بعض الدول بهدف زيادة نفقات الدفاع (لديها)، جعلت وضعنا حرجاً أكثر».

وتابع: «رغم أننا اقتصدنا في النفقات الحيوية، فإن الظروف الاقتصادية والجيوسياسية الراهنة تزيد من صعوبة تعبئة الموارد».

في فبراير (شباط)، خفض المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة الموازنة المقترحة لعامي 2026 و2027 من 5.3 إلى 4.9 مليارات دولار.

وقال تيدروس: «من وقتها، تدهورت إمكانات المساعدة في التنمية واقترحنا تالياً على الدول الأعضاء موازنة أقل، تناهز 4.2 مليارات دولار، أي بخفض نسبته 21 في المائة مقارنة بالموازنة التي طرحت في البداية».

وخلص مدير المنظمة إلى أنه «رغم كل جهودنا (...) لا خيار آخر لدينا سوى تقليص مساحة عملنا وطاقمنا»، لافتاً النظر إلى أن «هذه التدابير ستطبق أولاً على مستوى مقر (الوكالة) عبر البدء بالمسؤولين الكبار. لكن تأثيرها سيطال كل المستويات وكل المناطق».