«حماس» ترفض دعوة السلطة للانتخابات

عريقات يقول إنه لا يحق لأحد منعها حتى لو لم يشارك

فلسطينيون في بيت لحم تضامنوا مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينيون في بيت لحم تضامنوا مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

«حماس» ترفض دعوة السلطة للانتخابات

فلسطينيون في بيت لحم تضامنوا مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)
فلسطينيون في بيت لحم تضامنوا مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون إسرائيل (أ.ف.ب)

قال محمود الزهار عضو المكتب السياسي لـ«حركة حماس» إن الدعوة لإجراء انتخابات تقتصر على المجلس التشريعي غير مقبولة على الإطلاق، كونها تعد موقفا يعاكس مواقف الفصائل الأخرى وفق المبادرة الأخيرة «القوى الثمانية»، وإفضاء تلك الانتخابات إلى عدم إجراء انتخابات أخرى.
ودعا الزهار خلال ندوة سياسية لإجراء انتخابات عامة تشمل الرئاسة والمجلس الوطني، وتكون متزامنة مع ضرورة الاتفاق على ضمانات من جميع الفصائل الفلسطينية ومكونات الشعب في الضفة والقدس والقطاع؛ لتحقيق أعلى درجة من التمثيل الحقيقي للشعب، وعدم استثناء أي فصيل من فصائل المقاومة أو القيام بعمليات تزوير أو الإلغاء تحت أي حجة واهية.
وحمل الزهار إصرار أي طرف فلسطيني على إجراء انتخابات متجزأة مسؤولية عدم إجراء الانتخابات العامة، معتبراً إياه المسؤول الأول عن الانقسام. ودعا إلى أن تشمل الانتخابات العامة القدس على وجه الخصوص والضفة وغزة، ولا تستثني أيا من تلك المناطق تحت أي حجة من الحجج.
وشدد الزهار على ضرورة إجراء انتخابات مجلس وطني لانتخاب من يمثل شعبنا بأوسع صورة، وعدم استفراد أي طرف فلسطيني بالقرار المتعلق بمصير الشعب. وحذر حال إجراء انتخابات عامة من محاولات تزوير أي انتخابات على أي مستوى أو أي مكان، وحث حال إجراء انتخابات عامة على دعوة مؤسسات دولية للمشاركة في العملية الانتخابات في جميع مراحلها لضمان النزاهة، لافتاً إلى أهمية وجود مراقبين دوليين محايدين لمراقبة الانتخابات ووضع تقارير صحيحة. كما دعا إلى تشكيل محكمة قضايا الانتخابات من قضاة مشهود لهم بالنزاهة والمهنية العالية قبل إجراء الانتخابات.
وجاء حديث الزهار ليؤكد صعوبة الاتفاق على إجراء الانتخابات مع وجود تباين كبير في المواقف بين السلطة الفلسطينية و«حماس». وكان عباس أعلن نيته إجراء الانتخابات العامة ثم أطلق سلسلة اجتماعات داخلية من أجل وضع خريطة طريق لإجراء هذه الانتخابات التي يعتقد أن تواجه تعقيدات في القدس وغزة.
وتريد «حركة فتح» إجراء انتخابات لضمان إنهاء الانقسام، على قاعدة أن الذي سيفوز سيتسلم الحكم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتخطط السلطة لإجراء انتخابات تشريعية أولا، يتلوها الرئاسية، ولا توجد أي خطط حول انتخابات المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير، لكن «حماس» التي تسيطر على قطاع غزة تريد أن تكون الانتخابات ضمن توافق عام واحد ضمن مخرجات المصالحة وليس مدخلا لها وتشمل المجلس الوطني.
إلى ذلك، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات إن «الانتخابات العامة استحقاق للشعب الفلسطيني تعطل كثيراً»، مؤكداً أنه «لا يحق لأي جهة أو طرف أو أي شخص كان أن يحرم شعبنا من حقه في اختيار ممثليه، وأن يحرمنا من العودة إلى إرادة الشعب بانتخابات حرة ومباشرة ونزيهة وبإشراف دولي كامل على غرار الانتخابات الثلاثة الأخيرة».
وأوضح عريقات خلال مؤتمر صحافي، عقده أمس، في مقر دائرة شؤون المفاوضات في مدينة رام الله أن «القيادة الفلسطينية في اجتماعاتها الأخيرة برئاسة الرئيس محمود عباس اتخذت قراراً بإجراء الانتخابات العامة، التشريعية والرئاسية، وجرى تكليف رئيس لجنة الانتخابات المركزية المستقلة حنا ناصر ببدء المشاورات والعودة للرئيس لإصدار المرسوم الرئاسي المتعلق بالانتخابات»، مشيراً إلى أن رئيس لجنة الانتخابات سيتوجه إلى غزة خلال اليومين المقبلين للقاء جميع الفصائل الفلسطينية بما فيها «حركة حماس».
وأضاف «لا يجوز لأي شخص أو أي حركة سياسية أن تحرم الشعب الفلسطيني من اختيار ممثليه، نتفهم أن يكون هناك شخصيات أو حركات أو أحزاب لا تريد أن تشارك في الانتخابات فهذا جزء من العملية الديمقراطية، ولكن لا يحق لأحد أن يضع فيتو على إجراء الانتخابات وأن يمنع الناس من التوجه إلى صناديق الاقتراع أو من ترشيح أنفسهم».
ولفت عريقات إلى أن لقاءه مع ممثلي البعثات الدبلوماسية جاء لإطلاعهم على آخر المستجدات في ملف الانتخابات، حيث طلب مساعدتهم بإلزام الحكومة الإسرائيلية بالاتفاق الموقّع معها عام 1995 حول ترتيبات إجراء الانتخابات في القدس الشرقية وعدم التنكر للاتفاق. وقال: «جرت الانتخابات في القدس الشرقية أعوام 1996 2005 و2006 وفقاً للاتفاق، ونأمل ألا تضع إسرائيل أي عراقيل أمام إجراء الانتخابات فيها، على غرار ما تم في الانتخابات الثلاثة السابقة».
وأكد عريقات أنه لا بد من إجراء الانتخابات في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة «ونأمل ألا نحتاج لطلب تدخل ومساعدة دول في مسألة إجراء الانتخابات في قطاع غزة... هذا استحقاق لكل فلسطيني».
وأضاف «عندما نختلف... ونحن نختلف... نعود إلى صناديق الاقتراع ونحتكم لإرادة الشعب وليس إلى صناديق الرصاص، هذه الحقيقة، وهذا المطلوب». وأشار إلى أن سجل الناخبين الحالي الذي لم يحدّث بعد، يضم نحو مليونين و203 آلاف فلسطيني لهم حق الاقتراع في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة،



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.