الجزائر: طلاب الجامعات يحتجون في الشارع ضد «انتخابات العصابات»

جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

الجزائر: طلاب الجامعات يحتجون في الشارع ضد «انتخابات العصابات»

جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرات التي جابت شوارع العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

تظاهر في العاصمة الجزائرية أمس مئات الطلاب للأسبوع الـ35 ضد النظام، الذي يصرّ على إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وكذلك للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين.
وسار الطلاب بهدوء من ساحة الشهداء بأسفل حي القصبة، حيث تجمعوا منذ الصباح مع مواطنين نحو وسط المدينة في ساحة البريد المركزي، وسط مراقبة عناصر الشرطة الذين لم يتدخلوا لتفريقهم.
وهتف المتظاهرون «لا للانتخابات»، و«باي باي (إلى اللقاء) قايد صالح مكانش (لا توجد) انتخابات هذا العام». في إشارة إلى رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، الرجل القوي في الدولة منذ رحيل بوتفليقة.
وإضافة إلى قايد صالح يطالب المحتجون برحيل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، رافضين أن يشرفوا على الانتخابات الرئاسية في نهاية السنة.
كما ندّد المتظاهرون بقانون المحروقات الجديد، الذي اعتبروا أنه «يبيع ثروات الجزائر بثمن بخس»، خاصة بالنسبة لبلد يعتمد اقتصاده بنسبة 95 في المائة على تصدير النفط والغاز، هاتفين «قانون المحروقات إلى المزبلة»، و«العصابة تقرر والبرلمان يمرّر»، حيث ينتظر أن يتم عرضه على النواب للمناقشة خلال الأيام القادمة، بعد أن صادق عليه مجلس الوزراء.
وبالإضافة إلى العاصمة، خرج الطلاب أمس إلى شوارع وهران، كبرى مدن غرب البلاد، وتيزي وزو، عاصمة منطقة القبائل الأمازيغية، للتعبير عن رفضهم «تنظيم الانتخابات من طرف حكم العصابات»، في إشارة إلى رموز الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ممن لا يزالون في الحكم.
وهاجم الطلاب المتظاهرون المترشحين للانتخابات، واعتبروهم «امتدادا لحكم العصابة»، في إشارة بشكل خاص، إلى رئيسي الوزراء سابقا عبد المجيد تبون وعلي بن فليس، ووزير الثقافة سابقا عز الدين ميهوبي.
في غضون ذلك، قال محامون في الجزائر إن السجين الثمانيني لخضر بورقعة رفض أمس الرد على أسئلة قاضي التحقيق بمحكمة بالعاصمة «لأنه على اقتناع بأنه متابع من أجل أفكاره ومواقفه السياسية».
وقالت زبيدة عسول، محامية رجل الثورة لصحافيين بالمحكمة إن بورقعة «رفض الخوض مع قاضي التحقيق في الوقائع، التي يتابع بسببها، وكانت سببا في سجنه منذ 21 يونيو (حزيران) الماضي، وكمحامين كان علينا احترام قراره». ونقلت عنه قوله للقاضي «أنتم تمثلون عدالة غير مستقلة، وأنا هنا بسبب متابعة سياسية لا علاقة لها بالقضاء ولا القانون. وأنتم هنا لاستجوابي بناء على تعليمات من السلطة، وعلى هذا الأساس لن أرد على أسئلتكم». وقال له أيضا، حسب المحامية التي ترأس حزبا معارضا: «سأبقى في السجن حتى يستعيد باقي الشباب حريتهم»، وكان يشير إلى أكثر من 100 ناشط بالحراك، تم إيداعهم الحبس الاحتياطي بناء على تهم مختلفة.
ولوحظ في محيط المحاكمة على سبيل التضامن مع بورقعة، قياديون بحزبي «جبهة القوى الاشتراكية» و«حزب العمال»، التي أدان القضاء العسكري زعيمته اليسارية لويزة حنون بـ15 سنة سجنا، بتهمة «التآمر على الجيش». وقال شقيق بورقعة إن «سنه (87 عاما) لا يسمح ببقائه في السجن»، وحمل السلطات «المسؤولية في حال وقع له أي مكروه».
كما تم أمس تمديد الحبس الاحتياطي للناشط سمير بلعربي، الذي اعتقل في 21 من الشهر الماضي، بسبب نشره تصريحات بمنصات التواصل الاجتماعي، عدتها السلطات «معادية للجيش». ولنفس الأسباب والظروف، يوجد ناشط آخر بارز في السجن، هو الكاتب الصحافي فضيل بومالة. ويعتقد مراقبون أن سجن ناشطي الحراك يعود إلى إصرار السلطات على إسكات الأصوات المعارضة لانتخابات الرئاسة، التي يعارضها قطاع من الجزائريين، ويعبرون عن ذلك مرتين في الأسبوع بواسطة مظاهرات كبيرة: الجمعة للحراك، والثلاثاء لطلاب الجامعات.
من جهة أخرى، طلب ممثل النيابة أمس بإنزال عقوبة عامين بالسجن النافذ بحق متهمين في قضية «رفع الراية الأمازيغية»، في ختام مرافعته بمحكمة سيدي أمحمد بالعاصمة. وسأل القاضي أحد المتهمين الثلاثة، يدعى مسعود لفتيسي عن سبب «حمل راية أخرى في الحراك بينما لا يملك الجزائريون إلا راية واحدة»، فرد عليه قائلا: «كل ما فعلته كان عن قناعة، ولست هنا لأبرر موقفي. لم أرتكب أي جريمة، وأنا حر ومستعد لرفع الراية (الأمازيغية) مجددا حتى لو سجنت مرة أخرى».
في غضون ذلك، أكد الرئيس الجزائري المؤقّت عبد القادر بن صالح، أمس، على توافر شروط الذهاب إلى الانتخابات الرئاسية، التي تقرر إجراؤها يوم 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتعهد بن صالح في الكلمة التي ألقاها أمس بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للصحافة وحرية التعبير في بلاده، بالتصدي الصارم لكل أشكال الإخلال بسريان المسار الانتخابي، أو «باختلاق الإرباك والتعطيل بنوايا وخلفيات مشبوهة، لا تنطلي على فطنة ووعي عموم الشعب الجزائري، الذي نهيب به ليهب الهبة الوطنية في توجهه بقوة وكثافة إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس الجمهورية».
وأضاف بن صالح، في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الألمانية، أن من يقف في وجه الانتخابات «يقف في وجه بناء مؤسساته في جزائر جديدة، قادرة على كسب التحديات الراهنة داخلياً، وفي محيطها الإقليمي وعلى الصعيد الدولي».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم