عقبات أمام مطالبة المحتجين بانتخابات مبكرة

الحريري وجنبلاط يدعمان الطرح... و«الوطني الحر» و«حزب الله» يعارضانه

TT

عقبات أمام مطالبة المحتجين بانتخابات مبكرة

لا يبدو أن طرح الانتخابات النيابية المبكرة، الذي يرفعه المتظاهرون في الشوارع اللبنانية سعياً لإنتاج طبقة سياسية جديدة، قابل للتنفيذ، أقله في المدى المنظور، نتيجة عقبات، أبرزها غياب التوافق بين الأطراف السياسية على إطاحة مجلس النواب الحالي، والنص الدستوري الذي يقيد إجراءات حلّ المجلس قبل انتهاء ولايته في 2022.
وشكّل إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري خلال المؤتمر الصحافي، الذي عقده مطلع الأسبوع بعد انقضاء مهلة الـ72 ساعة، التي أعطاها للقوى السياسية للسير بورقته الإصلاحية، عن تأييده مطلب المتظاهرين إجراء انتخابات نيابية مبكرة، مفاجأة لكثيرين؛ خصوصاً لشركائه في الحكم، وعلى رأسهم «التيار الوطني الحر» وحليفه «حزب الله»، اللذان يعارضان هذا الطرح.
وكان الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله قد استبق موقف الحريري بإعلانه عدم تأييد انتخابات مبكرة «تؤدي لمزيد من الإنفاق المالي وتعيد إنتاج المجلس نفسه»، فيما لم يتأخر رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بملاقاة رئيس الحكومة، في اعتبار أن «الطريقة الوحيدة للاستجابة للمطالب الشعبية هي التوجه نحو إجراء انتخابات مبكرة، وفقاً لقانون انتخابات غير طائفي».
وفي وقت كان حزب «الكتائب اللبنانية» الموجود حالياً في صفوف المعارضة أول من دعا إلى انتخابات نيابية مبكرة لاعتباره أن السلطة الحالية فشلت بتحقيق كل ما وعدت به قبل الانتخابات، لا يزال موقف حزب «القوات اللبنانية» من هذه الدعوة غير متبلور تماماً.
ويضع عضو تكتل «لبنان القوي» الذي يقوده «التيار الوطني الحر»، النائب ماريو عون، دعم الرئيس الحريري وغيره مطالبة الحراك الشعبي بانتخابات نيابية مبكرة، في إطار «السعي لتنفيس الشارع والوضع»، معتبراً أن «المطالب والدعوات يتوجب أن تكون منطقية، لكن الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة برأينا مطلب غير منطقي، من منطلق أن الانتخابات الأخيرة أنتجت مجلساً يضم نحو 60 في المائة من الوجوه الجديدة، ومعظمها شبابية، أضف إلى ذلك أنه أكثر برلمان منتج منذ سنوات».
وقال عون لـ«الشرق الأوسط» إنه «بمقابل الدعوة لانتخابات مبكرة، هناك من يدعو أو يتوقع التمديد للمجلس الحالي. أما نحن فنشدد على وجوب احترام المواعيد الدستورية، ونؤكد أنه لن تكون هناك انتخابات إلا بموعدها الدستوري».
وغياب التوافق السياسي على وجوب السير بانتخابات مبكرة، ليس العقبة الوحيدة التي تحول دون السير بهذا الاتجاه، إذ إن عقبات دستورية تحول دون ذلك أيضاً. وفي هذا الإطار، يشير الوزير السابق زياد بارود إلى أن «حلّ مجلس النواب يحصل بطلب من رئيس الجمهورية وموافقة أكثرية الثلثين في مجلس الوزراء، حتى إن الآلية الدستورية تشترط وفق المادتين 65 و77 من الدستور أن يكون المجلس قد امتنع عن الاجتماع لعقد عادي كامل، أو طوال عقدين استثنائيين متتاليين، أو أن يكون قد رد الموازنة لشلّ عمل الحكومة، أو أنه لم يوافق على مشروع للحكومة لتعديل الدستور، وهذه كلها شروط غير متوافرة حالياً».
وقال بارود لـ«الشرق الأوسط» إن «الحديث عادة عن انتخابات مبكرة يحصل عندما يكون هناك تغيير في نبض الشارع وتشكيك بصحة تمثيل الهيئات الناخبة، ولعل ما يحصل في الشارع يوحي بنبض جديد من دون أن يرتقي لانعدام شرعية الهيئات بشكل حاسم. لكن في ظل عدم توافر العناصر الدستورية والسياسية للسير بطرح مماثل، يبدو أن المطلب الأكثر واقعية وقابلية لمسار دستوري يتبعه، هو استقالة الحكومة أو إجراء تعديل حكومي، لا يستدعي مشاورات حكومية. ليبقى الأهم أن يثق الشارع بما تُقدمه هذه الطبقة، لأن الأزمة الحالية هي أزمة ثقة قبل أي شيء آخر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.