دراسات تمهد لمواجهة الأورام السرطانية قبل تشكلها

تبدو الجهود الضخمة التي يبذلها العلماء في مختلف دول العالم للقضاء على الأورام السرطانية، مثل خط مواجهة متقدم في معركة حامية الوطيس، تتوارد منها يومياً أنباء حول «انتصارات» مرحلية جديدة يحققها العلماء، تقربهم من النصر النهائي على «الخبيث». وتشمل الدراسات والأبحاث العلمية في هذا المجال محاولات إيجاد علاج للإصابة بهذا المرض، فضلاً عن محاولات إيجاد آليات للقضاء عليه في مراحل مبكرة، والأفضل اكتشاف الآليات التي تساعد على الوقاية منه، والحد من إمكانية ظهوره أساساً. في هذا السياق أعلن فريق علمي من جامعة «إيمانويل كانت» في كاليننغراد، غرب روسيا، عن توصلهم لآليات تساعد في اكتشاف الخلايا التي يُحتمل أنها خطرة، وقد تسبب الإصابة بالسرطان، خلال انقسامها السريع، وهو ما يوفر إمكانية التصدي مبكراً للأورام.
في شرح ما توصل إليه الفريق العلمي، قال قسطنطين بوبلادين، البروفسور في جامعة «إيمانويل كانت»، المشرف على الدراسات في هذا المجال، إنّه من الممكن نظرياً دراسة خلايا محددة من الأنسجة وعدد الطفرات التي يمكن بواسطتها تحديد الخلايا الأكثر خطورة، ويمكن أن يسبب انقسامها السريع ظهور ورم خبيث. ورأى أنّ توفر الإمكانيات والمعرفة لتحديد تلك الخلايا يعني أنّه ستكون هناك في المستقبل طريقة لتحييدها، وبالتالي تفادي الإصابة بالمرض. وكشف أنّ الدراسة في هذا الاتجاه بدأت حين حاول العلماء تحديد طبيعة الطفرات التي تجري في «دنا ميتوكوندريا»، أو المتقدرات، وهي الحمض النووي الموجود في عصيات الخلايا البشرية.
وعبر مراقبة الميتوكوندريا، الموجودة في كل الخلايا، وتتميز بسرعة انقسام تفوق عشرات المرات سرعة انقسام الجينات الأخرى، يمكن تحديد الخلية الرئيسة التي تكونت منها خلايا هذا النسيج أو ذاك. وبعد دراسة آليات الانقسام تلك تمكن الفريق العلمي من التعرف على آلية ظهور الطفرات التي يمكن التعامل معها على أنّها إشارة تحذير باحتمال ظهور ورم سرطاني. إلّا أنّهم لم يتمكنوا بعد من اكتشاف الآليات الكيميائية لطفرة النوكليوتيدات، الوحدة الرئيسية في بناء الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين، ويرون أنّ الكشف عنها سيساعد في الكشف المبكر جداً عن الأورام السرطانية، وهو ما سيعزز فرص القضاء عليها في مرحلة مبكرة «استباقية».