يواصل «داعش» تقدمه نحو مدينة كوباني (عين العرب) الكردية على الحدود مع تركيا، على وقع استمرار ضربات التحالف الدولي لمواقع التنظيم في سوريا.
وتمكن مقاتلو التنظيم ليل الأحد من السيطرة على الجزء الجنوبي من هضبة «مشته نور» الواقعة جنوب شرقي المدينة، مستهدفين المدينة بالقصف المدفعي والقذائف في محاولة منهم لتسهيل وصولهم إلى المدينة، فيما أعلن الجيش الأميركي أن الولايات المتحدة واصلت هجماتها الجوية على مواقع التنظيم. وأوضح الجيش في مدينة تامبا بولاية فلوريدا أن المقاتلات الأميركية شنت 3 هجمات جوية في سوريا السبت والأحد، مؤكدا أنّ مقاتلاته عادت سالمة إلى قواعدها.
وأوضح الجيش أن المقاتلات الحربية أصابت وحدة كبيرة تابعة لتنظيم داعش شمال غربي مدينة الرقة في سوريا كما دمرت 6 مواقع أخرى، مشيرا إلى تدمير دبابتين وعدة سيارات بالقرب من مدينة الميادين السورية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الغارات التي تنفذها طائرات التحالف العربي الدولي تعيق تقدم التنظيم في اتجاه كوباني، مشيرا إلى غارات جديدة «استهدفت 7 مواقع لـ(داعش) عند أطراف الهضبة (أو ما تعرف بتل مستانور) وفي محيطها ليل الأحد تسببت بخسائر بشرية».
وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن نجاح مقاتلي «داعش» في السيطرة «على كامل الهضبة يعني أن كوباني ستصبح كلها في مرمى نيرانهم، بسبب ارتفاعها وإشرافها على كامل المدينة وبالتالي السيطرة عليها عمليا بالنار، ويصبح دخولها أمرا سهلا». وأشار إلى أن الطرفين «يعيدون تجميع قواتهم بعد كل هجوم».
وقال أوجلان أيسو نائب قائد القوات الكردية المدافعة عن كوباني بأن الاشتباكات خلال الليل تركزت على التل الذي يقع إلى الجنوب الشرقي من كوباني. وأضاف لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» قوات داعش تقف الآن على مسافة نحو كيلومتر من كوباني.
وفي هذا الإطار، قال أنور مسلم، رئيس الهيئة التنفيذية في مقاطعة كوباني، بأنّ مقاتلي وحدات حماية الشعب في كوباني باتوا مستعدين للسيناريو الأسوأ في أي لحظة، وهم جاهزون للمواجهة. وأشار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ التقدّم الوحيد الذي أحرزه مقاتلو «داعش» خلال الساعات الأخيرة تمثّل بسيطرتهم على الجزء الجنوبي من هضبة «مشتى نور». وأوضح أنّه ورغم خطر وجودهم على هضبة مشتى نور، جنوبا، لكن ذلك لا يعني سقوط المدينة، لافتا إلى أنّ مساحة الهضبة تبلغ نحو 7 كيلومترات من الشمال إلى الجنوب، مضيفا: «مقاتلونا يواجهون بشراسة ويقاتلون في كل الأماكن، رغم القصف المستمر من قبل التنظيم على المدينة».
ولفت مسلّم إلى أنّ الأكراد قادرون على الصمود أشهر طويلة مطالبا قوات التحالف الدولي بتوسيع ضرباته وتكثيفها، مضيفا: «نطلب منهم فقط مؤازرتنا جوا ونحن قادرون على القيام بالمهمة برا».
وفيما كشف مسلّم أنّ عدد قتلى المقاتلين الأكراد في كوباني وصل إلى 50 لفت إلى أنّ عدد عناصر وحدات حماية الشعب الكردية الذين يقاتلون على الأرض هم نحو 5 آلاف ومثلهم عدد المدنيين الصامدين في المدينة.
من جهته، قال المرصد، بأنّ حصيلة قتلى القصف والمعارك والغارات الجوية بلغت يوم السبت الماضي 23 شخصا بين وحدات حماية الشعب الكردية و33 على الأقل بين عناصر «داعش» بحسب المرصد.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أنّ سحبا من الدخان تصاعدت أمس، لليوم الثالث على التوالي، من محيط كوباني التي لا تزال تتعرض للقصف من مواقع تنظيم «داعش» الذي بات في بعض الأماكن على بعد مئات الأمتار من المدينة، بينما يخوض مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردية مواجهة شرسة مع المهاجمين.
وكان مقاتلو التنظيم بدأوا هجوما ترافق مع قصف عنيف ومعارك ضارية أوّل من أمس على الجبهة الشرقية والجبهة الجنوبية الشرقية لكوباني، محاولين الاستيلاء على هضبة مشتى نور المرتفعة والمطلة على المدينة.
وقال الناشط الإعلامي مصطفى عبدي الموجود في المنطقة لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «لولا غارة التحالف بالأمس لكانت داعش في قلب كوباني».
وأوضح مسلّم أنّ وجود داعش لا يزال على بعد مسافة ما بين 2 و3 كيلومترات على الجهة الشرقية، وهي الجهة التي حاول مرارا الوصول عبرها إلى كوباني، لكن محاولتهم باءت بالفشل، وعلى الجهتين الغربية والجنوبية على بعد ما بين 4 و5 كيلومترات.
وقال بارور محمد علي وهو مترجم مع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري في كوباني بأن مقاتلي داعش يقصفون «تل ميستانور» بقذائف الدبابات ومدافع الهاون في محاولة للاستيلاء على التل وهو من شأنه تسهيل الوصول إلى المدينة.
وقال علي لـ«وكالة رويترز» بأن القوات الكردية تمكنت من منع داعش من الاستيلاء على التل، مضيفا: «خلال الليل شنّت 3 أو 4 غارات على محيط التل». وأشار إلى أن هناك «قصفا متقطعا على المدينة، بمعدل قذيفة كل عشرين دقيقة تقريبا».
ويسعى التنظيم المتطرف الذي بدأ هجوما واسعا في اتجاه المدينة منذ 16 سبتمبر (أيلول)، إلى السيطرة على كامل الشريط في شمال سوريا الحدودي مع تركيا.
ولوقف زحف التنظيم دعت وحدات حماية الشعب الكردية في بيان الشبان الأكراد في سوريا إلى التطوع للدفاع عن المدينة، وتعهدت بمقاومة «لا تنتهي أبدا» ضد «داعش»، حيث «كل شارع وكل منزل سيكون مقبرة لهم» وفقا للبيان.
وقال عبد الرحمن بأن «مئات المقاتلين قتلوا من الطرفين» منذ بدء الهجوم في اتجاه كوباني في 16 سبتمبر، مؤكدا أنه لا توجد حصيلة دقيقة لديه بعد.
وتمكن التنظيم من السيطرة على مساحة واسعة في المنطقة ذات الغالبية الكردية في طريقه إلى كوباني، تمتد، بحسب المرصد، على قطر يبلغ نحو 40 كيلومترا تقريبا. وتسببت المعركة بنزوح أكثر من 300 ألف شخص عبر أكثر من 180 ألفا منهم الحدود نحو تركيا.
ويسعى بعض النازحين إلى العودة إلى كوباني من أجل المشاركة في القتال، لكن السلطات التركية تمنعهم من العبور في الاتجاه المعاكس.
ويرى خبراء أن وضع مدينة عين العرب يجسد تماما الفاعلية المحدودة للضربات الجوية في القضاء على التنظيم الذي يثير الذعر في أماكن انتشاره في سوريا والعراق وفي العالم، مشددين على الحاجة الملحة لتدخل عسكري بري من أجل المساهمة في القضاء على التنظيم.
ويقول المستشار العسكري سابقا في الولايات المتحدة سيث جونز «الأكراد يواجهون مقاتلين منظمين ومجهزين بشكل جيد. إنها مشكلة كبيرة مرتبطة بكل الوضع السوري، لا سيما أن التدخل الأميركي غير منسق مع قوى على الأرض. وأحد أسباب انعدام التنسيق هذا هو عدم وجود عدد كاف من المقاتلين الذين يمكن للولايات المتحدة أن تتعاون معهم في المعارضة».
ونفذت مقاتلة كردية أمس عملية انتحارية ضد موقع «داعش» عند أطراف مدينة عين العرب (كوباني) الكردية مما تسبب بوقوع العديد من الضحايا، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال المرصد: «اقتحمت قيادية في وحدات حماية المرأة التابعة لوحدات حماية الشعب الكردي تجمعا لعناصر تنظيم داعش عند الأطراف الشرقية لمدينة عين العرب (كوباني) واشتبكت مع عناصر التنظيم وفجرت بهم قنابل كانت بحوزتها قبل أن تفجر نفسها بقنبلة».
وأكد 4 فارين من سجون تنظيم داعش في ريف الحسكة الجنوبي، للمرصد السوري لحقوق الإنسان في محافظة الحسكة، أنهم تمكنوا من الفرار من سجانيهم بعد غارات نفذتها طائرات التحالف العربي - الدولي على منطقة الشدادي ومحيطها في جنوب الحسكة، قبل يومين، حيث أبلغ أحد الفارين المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه بعد الانفجارات العنيفة التي هزت المنطقة جراء غارت التحالف أتى أحد الأشخاص وفتح لهم باب المكان الذين كان يحتجزهم فيه تنظيم داعش، ويقدر عدد الفارين بـ16 شخصا على الأقل. وأشار إلى أنه لدى خروجهم من مكان احتجازهم شاهدوا جثثا لمقاتلي التنظيم على الأرض.
وأبلغ شخص آخر تمكن من الفرار المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الفارين الـ12 الآخرين لم يعلم مصيرهم حتى اللحظة، ولا يعرف ما إذا كانوا قد اعتقلوا مجددا من قبل التنظيم في المنطقة أم أنهم تمكنوا من الوصول إلى منازلهم.
«داعش» يتقدم جنوب كوباني.. و5 آلاف مقاتل يتصدون له بـ«شراسة»
التحالف يستهدف 7 مواقع للتنظيم ويعيق تقدمه نحو المدينة
«داعش» يتقدم جنوب كوباني.. و5 آلاف مقاتل يتصدون له بـ«شراسة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة