بعد أسبوع على اندلاع الاحتجاجات وما رافقها من أعمال عنف في كاتالونيا ضد قرار المحكمة العليا سجن القيادات الانفصالية التي كانت وراء الاستفتاء حول حق تقرير المصير في خريف عام 2017، تحولت الأزمة الكاتالونية إلى عملية شد حبال بين الأحزاب السياسية الإسبانية، وداخل معسكر القوى الانفصالية نفسه، على أبواب الانتخابات العامة المقررة في العاشر من الشهر المقبل.
تتأرجح مواقف الأحزاب والقوى الانفصالية، التي تتنافس في الانتخابات المقبلة على نسبة من الناخبين لا تزيد عن 48 % حسب آخر الاستطلاعات، بين تصعيد الاحتجاجات لكسب الجماعات المتشددة التي تؤيد الذهاب في المغامرة الانفصالية حتى النهاية أياً كانت العواقب، ومقاربة الأزمة بعقلانية وتروٍ لإعادة تنظيم الصفوف والسعي إلى تشكيل أغلبية انتخابية وازنة ما زالت الحركة الانفصالية تفتقر إليها للضغط بشكل فاعل على الحكومة المركزية.
الأحزاب الوطنية من جهتها تخلت عن استراتيجياتها وبرامجها الانتخابية الجاهزة منذ فترة، ورهنت تحركاتها ومواقفها بتطورات الأزمة في إقليم كاتالونيا، سعياً لتحقيق مكاسب انتخابية، لكن من دون تقديم أي حلول واضحة لمعالجتها أو الخروج منها.
آخر هذه التحركات كانت الزيارة المفاجئة التي قام بها رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز إلى برشلونة ظهر أمس الاثنين، لتفقد الجرحى من قوات الشرطة الذين أصيبوا في مواجهات الأسبوع الماضي مع المتظاهرين، والإعراب لهم عن دعم الحكومة. وخلافاً للمألوف، لم تعلن رئاسة الحكومة عن زيارة سانشيز إلا في ساعة متأخرة من صباح البارحة، ولم يُكشَف عن برنامجه تحاشياً لإعطاء الجماعات الانفصالية فرصة تنظيم احتجاجات ضده. ويذكر أن زعماء الأحزاب اليمينية يوجهون لسانشيز، منذ بدايات الأزمة، انتقادات لعدم اتخاذه مواقف متشددة لمعالجتها ومواجهة الاحتجاجات العنيفة.
وكانت رئاسة الحكومة قد أعلنت عن الزيارة في الوقت الذي كشفت نص الرسالة التي رد فيها سانشيز على رئيس الحكومة الإقليمية جواكيم تورا، الذي حاول مرات عدة في الأسبوع الماضي الاتصال برئيس الحكومة لكن من غير جدوى.
وجاء في الرد القاسي لسانشيز على طلب تورا: «الواجب الأول لأي مسؤول سياسي هو الحرص على أمن المواطنين والسهر على سلامة الأماكن العامة والخاصة في وجه التصرفات العنيفة. كما عليه صون التعايش بين كل أطياف المجتمع المدني ومنع الانقسامات بين المواطنين. وتصرفك في الأيام الماضية كان في الاتجاه المعاكس تماماً».
وقالت مصادر رئاسة الحكومة إن تورا تعمد إدارة ظهره لقوات الأمن والشرطة، الإقليمية والوطنية، وإنه كان يحرض المتظاهرين علـى تصعيد المواجهة معها، حتى على مقربة من مكتبه، متجاهلاً أكثر من نصف سكان كاتالونيا لمجرد أنهم لا يؤيدون أفكاره، عوضاً أن يتصرف كرئيس لجميع الكاتالونيين.
وأضاف سانشيز في رسالته إلى تورا: «أرى من واجبي تذكيرك بأن الواجبات التي على الحاكم إتمامها، لكي يمثل جماعته بكرامة أمام أي طرف آخر، هي التالية: إدانة العنف بشكل واضح وحازم، دعم القوى الأمنية التي تواجه العنف، ومنع الانقسام المدني». ويتبدى بوضوح من مضمون هذه الرسالة أن فرص الحوار المباشر أصبحت مقطوعة نهائياً بين الحكومتين المركزية والإقليمية، قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات العامة في العاشر من الشهر المقبل.
وأفادت مصادر الحكومة الإقليمية «الجنراليتات» أن تورا رد برسالة أخرى على سانشيز بعد الإعلان عن زيارته، يطلب فيها عقد لقاء «اليوم بالذات»، ويبلغه أنه سيحاول مكالمته مجدداً ليعرض عليه «حواراً من غير شروط مسبقة». ويذكر أن سانشيز كان قد طالب تورا في الساعات الأخيرة أن «يدين أعمال العنف خطياً»، كشرط مسبق للحديث معه.
زعيم الحزب الشعبي بابلو كاسادو، الذي قام بزيارة أمس الاثنين إلى برشلونة، علق على رسالة سانشيز بقوله: «كان من المفترض أن يوجه إليه مذكرة تحذيرية تمهيداً لتفعيل المادة 155 من الدستور»، وهي المادة التي تجيز للحكومة تعليق الحكم المحلي والإشراف على المؤسسات والأجهزة الإقليمية، والتي سبق أن لجأت إليها الحكومة السابقة التي كان يرأسها الزعيم السابق للحزب الشعبي ماريانو راخوي مطلع العام الماضي.
رئيسة بلدية برشلونة «آنا كولاو» قالت من ناحيتها إنه من الصعب جداً تشكيل أي طاولة للحوار قبل الانتخابات العامة المقبلة، لكنها شددت على ضرورة إجراء محادثات بعيداً عن الأضواء «لأن من يعمل في المعترك السياسي عليه أن يفكر بأن الحوار دائماً ممكن، وإلا فعليه أن يستقيل».
زعيم الحزب الاشتراكي الكاتالوني «ميكيل إيسيتا» دعا من جهته رئيس الحكومة الإقليمية إلى عقد لقاء مع جميع الأحزاب الكاتالونية تمهيداً لنقل موقف شامل لهذه الأحزاب في لقائه المحتمل مع سانشيز، وليس فقط موقف الأحزاب الانفصالية. ورد تورا بقوله إن رفض سانشيز الحديث معه يعني «التخلي عن مهامه» كرئيس للحكومة، وأنه كان من المفترض بسانشيز أن يوجه إليه رسالة عبر «الواتساب» يعرب فيها عن أسفه الشديد لقرار المحكمة العليا.
وفي ساعة مبكرة من بعد ظهر أمس، عاد سانشيز إلى مدريد منهياً زيارته السريعة إلى برشلونة من غير عقد اجتماع مع تورا، مما يؤشر إلى تكريس القطيعة بين الحكومتين المركزية والإقليمية في أوج الأزمة الانفصالية وعلـى أبواب الانتخابات التشريعية الشهر المقبل.
تبدد فرص الحوار بين قيادات مدريد وبرشلونة قبل الانتخابات التشريعية
https://aawsat.com/home/article/1956031/%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%AF-%D9%81%D8%B1%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A8%D8%B1%D8%B4%D9%84%D9%88%D9%86%D8%A9-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9
تبدد فرص الحوار بين قيادات مدريد وبرشلونة قبل الانتخابات التشريعية
سانشيز وجه رسالة شديدة اللهجة لرئيس الحكومة الإقليمية
- برشلونة: شوقي الريّس
- برشلونة: شوقي الريّس
تبدد فرص الحوار بين قيادات مدريد وبرشلونة قبل الانتخابات التشريعية
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة