إسبر يؤكد البحث في إبقاء قوات أميركية قرب آبار النفط شمال شرقي سوريا

TT

إسبر يؤكد البحث في إبقاء قوات أميركية قرب آبار النفط شمال شرقي سوريا

تأكيد وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر نبأ احتمال إبقاء قوات أميركية في شمال شرقي سوريا، وتحديداً قرب آبار النفط وحقول الغاز، بدا تراجعاً تكتيكياً هو الآخر من قبل إدارة الرئيس دونالد ترمب، في ظل موجة الاعتراضات التي واجهها قراره سحب تلك القوات بشكل كامل من المنطقة، أمام هجوم القوات التركية.
وأعلن إسبر، خلال زيارته لأفغانستان، أن إبقاء بعض القوات في تلك الأجزاء من سوريا أمر ممكن لضمان عدم سيطرة تنظيم داعش أو جهات أخرى (يقصد قوات النظام السوري) على إيرادات تلك الحقول قبل معرفة اتجاهات التسوية السياسية في هذا البلد. وأضاف أنه تجري مناقشة إمكانية ذلك، لكن لم يتخذ القرار بعد فيما يتعلق بالأعداد وما إلى ذلك.
وتابع إسبر أن سحب القوات الأميركية المتواصل يترافق مع تعاونها مع «قوات سوريا الديمقراطية» قرب حقول النفط، وأن مناقشات جرت معها بخصوص بقاء بعض القوات الأميركية هناك. وأكد أن هذا الاقتراح لم يقدمه بعد إلى الرئيس للبت به، لكن وزارة الدفاع مهمتها بحث وتقديم الخيارات كافة.
وفي هذا الوقت، وصلت عشرات الآليات والمدرعات الأميركية وعلى متنها جنود إلى قاعدة أميركية في شمال غربي العراق، بعدما عبرت الحدود السورية من جهة إقليم كردستان العراق، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وعبرت الآليات أولاً جسور فيش خابور المتاخم للمثلث العراقي - السوري - التركي، قبل المرور بمحافظة دهوك، والالتحاق بقاعدة عسكرية قريبة من مدينة الموصل (شمال غربي العراق). وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، لوكالة الصحافة الفرنسية إن القافلة أخلت مطار صرين، القاعدة الأكبر للقوات الأميركية في شمال سوريا، وهي القاعدة الرابعة التي تنسحب منها خلال نحو أسبوعين.
وفي هذه الأثناء، يتواصل النقاش في واشنطن حول الجهة التي ستتولى الإشراف على ذلك المثلث الحدودي، في الوقت الذي تتحدث فيه بعض الأوساط عن رغبة واشنطن بأن يتولى الأتراك هذه المهمة، لقطع الطريق على ممر طهران - بغداد - دمشق - بيروت.
وعلى صعيد آخر، خفّت وتيرة الجهود التي يبذلها مجلس الشيوخ الأميركي لفرض عقوبات فورية على تركيا بسبب عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا.
وبعدما كان الحديث يجري عن احتمال قيام كبير الجمهوريين في المجلس، ميتش ماكونيل، بتحديد موعد هذا الأسبوع لمناقشة المشروع الذي تقدم به السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والسيناتور الديمقراطي كريس فان هولن، فإن شيئاً لم يعلن حتى الساعة.
ونقلت مصادر عن أوساط الكونغرس أن احتمال فرض تلك العقوبات بات يصطدم بمعارضة كبيرة من الأعضاء الجمهوريين الذين أصبحوا أكثر اتفاقاً مع استراتيجية ترمب في سوريا، وما قام به مع تركيا حتى الآن.
ومع تصاعد الانقسامات بين صفوف الجمهوريين، رغم معارضتهم العلنية الأولى لقرار سحب القوات، فإن لا شيء يوحي بأن الكونغرس سيكون قادراً على التحرك بسرعة، خصوصاً أن اللجنة التي ستناقش مشروع القرار منقسمة، ما بات يلقي بشكوك أكبر على احتمال تمكن مجلس الشيوخ من التصويت بغالبية كبيرة لمنع الرئيس من استخدام الفيتو الرئاسي ضد أي قرار بحق تركيا.
وقال السيناتور الجمهوري جون ثون إنه «كان هناك كثير من الاهتمام بين أعضاء اللجنة الجمهوريين لمناقشة العقوبات، لكن لم يتم التوصل إلى ما يؤكد حصول إجماع على ذلك داخل اللجنة حتى الآن».
كانت إدارة الرئيس ترمب قد وافقت على عدم تنفيذ أي عقوبات إضافية على تركيا خلال وقف إطلاق النار لمدة 5 أيام، للسماح للمقاتلين الأكراد بالخروج من المناطق التي ترغب أنقرة في إقامة منطقتها الآمنة عليها. وبعد ذلك، سيتم وقف إطلاق نار دائم، على أن ترفع بعدها واشنطن العقوبات التي فرضت الأسبوع الماضي على أنقرة. وعدت تلك الالتزامات تعقيداً لجهود الجمهوريين لتمرير تشريع يعاقب أنقرة التي يبدو أنها ملتزمة بتطبيق الاتفاق.
وقال النائب الجمهوري مايكل ماكول، الذي شارك في تقديم مشروع قانون عقوبات في مجلس النواب، لقناة «فوكس نيوز»، إنه يريد إعطاء استراتيجية الإدارة فرصة للعمل.
وقال زعيم الأقلية الجمهوري في مجلس النواب، كيفن مكارثي، إنه يعتقد أن استراتيجية الإدارة قد نجحت، وأن عليها أن تأخذ زمام المبادرة.
هذا، وأجل مجلس النواب جلسة للنظر في «حزمة عقوبات قوية من الحزبين» ضد تركيا، بحسب رئيسة المجلس نانسي بيلوسي، بسبب وفاة النائب إيليا كامنغز.
وفي مجلس الشيوخ، أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية والخدمات المسلحة، جايمس إينهوف، عن معارضته لمشروع غراهام وفان هولن. كما أعلن السيناتور الجمهوري في اللجنة جيم ريش، والسيناتور روبرت مينينديز كبير الديمقراطيين فيها، عن معارضتهما، واستعدادهما لتقديم مشروع آخر لفرض عقوبات على تركيا. وينص المشروع على تقييد مبيعات السلاح لتركيا، ومعاقبة مسؤولين أتراكاً، وتقديم مساعدات إنسانية للسوريين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم