«يونيسيف» تحذر من سوء تغذية 16 مليون طفل بالشرق الأوسط

لا يحصل 16 مليون طفل دون سن الخمس سنوات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على التغذية الملائمة، سواء كان ذلك بالحصول على تغذية أكثر من اللازم تصيبهم بالسمنة، أو أقل من اللازم بما يؤدي لإصابتهم بالتقزم الغذائي وسوء التغذية الحاد، وذلك وفق بيان أصدرته أمس منظمة يونيسيف بمناسبة الذكرى الثلاثين لصدور اتفاقية حقوق الطفل، التي تتضمن في بنودها حقه في الحصول على الغذاء المفيد للصحة.
ووفق البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن هناك 5.4 مليون طفل يعانون من زيادة الوزن في جميع أنحاء المنطقة، أي بزيادة قدرها 3.4 مليون، مقارنة مع عام 2000، مما يضع الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المرتبة الثانية عالمياً بالنسبة للأطفال الذين يعانون من زيادة في الوزن.
وفي المقابل، يعاني نحو 11 مليون طفل من سوء التغذية المزمن أو الحاد، من ضمنهم أكثر من 7 ملايين طفل يعانون من التقزم، و3.7 مليون من سوء التغذية الحاد.
وقال البيان إن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد هم أكثر عرضة للوفاة بمعدل 11 ضعفاً، بالمقارنة مع أقرانهم الذين يحظون بتغذية جيدة.
وعزا البيان هذا الارتفاع في منطقة الشرق الأوسط إلى التأثير المروع للنزاعات في سوريا واليمن وليبيا والسودان، مشيراً إلى بعض من هذه التأثيرات السلبية، ومنها أن نحو ثلث مُجمل الحوامل والمرضعات في شمال غربي سوريا مصابات بفقر الدم، مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على نتائج الولادة، وعلى النمو الجسدي والعقلي لدى الأطفال، كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السودان يؤدي إلى سوء التغذية بين الأطفال، حيث يعاني ما يقدر بنحو 2.3 مليون طفل من سوء التغذية، وترتبط نصف وفيات الأطفال ممن هم دون سن الخمس سنوات بسوء التغذية بشكل مباشر، ويعاني في اليمن نحو مليوني طفل من سوء التغذية الحاد، من ضمنهم نحو 360 ألفاً دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد جداً، وهم يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويعلق تيد شيبان، المدير الإقليمي لليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على هذه الأرقام، قائلاً: «يمثل أطفال المجتمعات الأكثر فقراً وتهميشاً الحصة الأكبر من بين مُجمل الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، مما يؤدي إلى استمرار الفقر جيلاً بعد جيل، حيث إن الأطفال الذين يعانون من الجوع لا يستطيعون التركيز في المدرسة أو التعلم، كما أن الإمكانيات لكسب لقمة العيش بين أولئك الذين يعانون من التقزم تكون منخفضة بسبب نقص النمو».
ووفقاً لخبراء التغذية، ومن بينهم الدكتور رضا سكر، المدير التنفيذي لبنك الطعام المصري، فإن الفقراء والأغنياء في المنطقة يشتركون معاً في افتقاد الثقافة الغذائية.
ويقول سكر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «إن امتلاك تلك الثقافة سيعين الأسر الفقيرة على توظيف إمكانياتها المحدودة لتوفير وجبة متكاملة، تحتوي على أربعة عناصر يحتاج إليها الطفل، وهي: الكربوهيدرات - البروتينات - الفيتامينات - الأملاح المعدنية. كما سيعين الأسر الغنية على توجيه إمكانيتها المادية لتوفير وجبة تحتوي على تلك العناصر، بدلاً من الوجبات السريعة مرتفعة الثمن، التي تشعر من يتناولها بالامتلاء لاحتوائها على نسب عالية من الكربوهيدرات، في مقابل افتقارها للعناصر الأخرى».
ويؤكد د. سكر على أهمية الوجبة المدرسية لعلاج الخلل، سواء عند الأسر الغنية أو الفقيرة، مشيراً إلى أن الوجبات التي تقدم في كثير من دول المنطقة تفتقر إلى الثقافة الغذائية.
ويشدد على ضرورة أن تولي الحكومات مزيداً من الاهتمام بهذه الوجبات المدرسية، لأن مشكلات سوء التغذية التي يرثها الطفل ستستمر معه طوال العمر، وهو ما سيوثر على إنتاجيته الاقتصادية في المستقبل، ويؤدي أيضاً إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض، لافتاً إلى أنه من الأفضل أن تنفق الحكومات على التغذية المدرسية، بدلاً من إنفاق أضعاف المبالغ المخصصة للتغذية مستقبلاً في علاج الأمراض، وتحمل تبعات انخفاض إنتاجية الموظف.
وفي بعض بلدان المنطقة التي لا تشهد نزاعات، يعاني الأطفال أيضاً من أشكال مختلفة من سوء التغذية، بما في ذلك «الجوع الخفي» أو نقص المغذيات الدقيقة نتيجة الوجبات الغذائية الفقيرة التي تهدد بقاء الأطفال ونموهم وتطورهم العقلي، بالإضافة لإصابتهم بزيادة في الوزن.
وأوصت المنظمة ببعض الحلول التي تساهم في تحسين وضع تغذية الأطفال في المنطقة، ومنها وضع تغذية الطفل في صميم الحملات المدعومة حكومياً لكل من الحكومات والقطاع الخاص، وذلك لتوفير الأغذية الصحية للأطفال، بجانب تقديم الدعم للأمهات والعائلات العاملة، بما في ذلك منح إجازة للأم مدفوعة الأجر، وتخصيص الوقت والمرافق لإتاحة الرضاعة الطبيعية في مكان العمل، واستخدام الحماية الاجتماعية، التي تشمل خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة والتعليم والنظم الصحية.