تصعيد غير مسبوق في المناطق المسيحية

وزراء حزب «القوات» يتجهون للاستقالة والعونيون يصفونهم بـ«الميليشيا بلباس مدني»

قوات أمن وراء سياج فولاذي في مواجهة المحتجين في العاصمة اللبنانية أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن وراء سياج فولاذي في مواجهة المحتجين في العاصمة اللبنانية أمس (أ.ف.ب)
TT

تصعيد غير مسبوق في المناطق المسيحية

قوات أمن وراء سياج فولاذي في مواجهة المحتجين في العاصمة اللبنانية أمس (أ.ف.ب)
قوات أمن وراء سياج فولاذي في مواجهة المحتجين في العاصمة اللبنانية أمس (أ.ف.ب)

بلغ التصعيد في الشارع المسيحي مستويات غير مسبوقة على وقع الحراك المطلبي المستمر منذ أيام الذي انضم إليه حزب «القوات اللبنانية» الذي بات محسوماً أنه يتجه للاستقالة من الحكومة. وتنسق قيادة الحزب موقفها مع رئيس الحكومة سعد الحريري كما مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، بحيث تطمح أن يعلن الحريري الاستقالة بعد نفاد الساعات الـ72 التي حددها في خطابه مساء أول من أمس، ما يؤدي تلقائياً إلى استقالة الحكومة ككل، وإلا تتجه لإعلان انسحاب وزرائها من مجلس الوزراء وهو ما قد يحصل بشكل متزامن مع إعلان مماثل من قبل وزراء «الاشتراكي».
وتشهد المناطق المسيحية حراكاً كبيراً منذ أيام بعدما كانت تتركز الاعتراضات والمظاهرات في السنوات الماضية في مناطق وشوارع محددة، أصبح اليوم قسم كبير من هذه المناطق مشلولاً تماماً بفعل قطع الطرقات وخروج المتظاهرين بأعداد كبيرة إلى الشوارع. وطالت التحركات مناطق حيوية كالدورة وجل الديب والذوق والصالومي التي تم قطع الطرق الرئيسية فيها بالدواليب المشتعلة والسيارات. وانضم «القواتيون» إلى المتظاهرين بعد دعوة قائدهم سمير جعجع للمشاركة بالتحركات الشعبية الجارية «وفق منطق وأجواء هذه التحركات، أي من دون شعارات وأعلام حزبية، والالتزام بأقصى درجات المناقبية والتصرفات السلمية».
وبهذا القرار يعود حزب «القوات» ليتلاقى مسيحياً مع حزب «الكتائب اللبنانية» الذي كان قد لاقى سريعاً المعترضين في الشارع من منطلق أنه الحزب الوحيد الذي يلتزم صفوف المعارضة منذ فترة. ويبدو أن «القواتيين» لن يتأخروا بالانضمام إلى هذه الصفوف من جديد، وهو ما أكدته مصادر «القوات»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التوجه هو للاستقالة من الحكومة أياً كان قرار الرئيس الحريري بعد انقضاء الساعات الـ72. وأضافت المصادر: «المشاورات مستمرة مع رئيس الحكومة ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، لكن التوجه بات محسوماً خاصة أننا ندرك تماماً أن القوى السياسية المشاركة في الحكم غير قادرة على التعهد بشيء، وهي لا تستطيع ولا تريد تحقيق الإصلاح الذي تعدنا فيه منذ 3 سنوات، وتسعى من خلال مواقفها الحالية لتجاوز ما يحصل في الشارع لا أكثر ولا أقل». وشددت على أن ما تشهده المناطق المسيحية، كما المناطق اللبنانية كافة، من اعتراضات «ليس على الإطلاق تظهيراً لصراع عوني - قواتي، إنما صراع بين الناس والتيار الوطني الحر وبالتحديد رئيسه (جبران باسيل) الذي يتحمل مسؤولية جزء يسير مما آلت إليه الأمور نتيجة تصرفاته وممارساته ومواجهاته المتنقلة والعناوين الاستفزازية التي يطرحها وعدم إعطائه الأولوية للواقع الاقتصادي والمعيشي».
وفي مقابل تحميل حزبي «القوات» و«الاشتراكي» عهد الرئيس ميشال عون و«الوطني الحر» مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البلد، شنت الهيئة السياسية لـ«التيار الوطني الحر» أمس حملة عنيفة على الحزبين، معتبرة أن «الحركة المطلبية تتعرض لاستغلال لحرفها عن أهدافها من جانب طرفين أساسيين في الحكومة اللبنانية هما حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي اللذان يتمسكان بالسلطة لتحقيق مكاسب خاصة بهما»، لافتة إلى أنهما «عمدا إلى ركب موجة المعارضة لا بل الإيحاء بقيادتها فيما هما أكثر من عرقل عمل الحكومة بمواقفهما وفسادهما السياسي والمالي». وأضافت: «نذكّر الرأي العام أن هؤلاء كانوا ميليشيا ترهيب وتشبيح أثناء الحرب وهم اليوم ميليشيا بلباس مدني، فمن أين لهم ثرواتهم وقصورهم؟». ونبه «الوطني الحر» اللبنانيين من أن «هؤلاء مخربون بطبعهم والطبع يغلب التطبع، ويكفي مشاهدة ما قاموا به من أعمال تخريبية في اليومين الماضيين».
وفي جبهة «الكتائب»، أشار رئيس الحزب النائب سامي الجميل إلى أن المطلوب من الحراك الحالي «تحقيق انتقال سلمي وطبيعي للسلطة وإلا ستذهب السلطة طرداً»، لافتاً إلى أن «الخطوة التالية يجب أن تكون انتخابات نيابية جديدة، وإذا لم تقبل السلطة بحكومة جديدة حيادية فلتتحمّل مسؤولية ما يحصل في الشارع».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.