العراق ينتقد إخراجه من عضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي

وزارة الخارجية وصفت القرار بـ«المسيّس»

TT

العراق ينتقد إخراجه من عضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي

بالتزامن من الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت مطلع الشهر الجاري، خسر العراق موقعه في عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعيّة العامّة للأمم المتحدة الذي شغله منذ عام 2017. وبخسارة العراق لهذا الموقع الاعتباري والمهم، يضاف إلى حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي التي بالكاد أكملت سنتها الأولى في السلطة، تحدٍّ آخر يتعلق بعدم التزامه بمعايير حقوق الإنسان العالمية في تعاملها مع مواطنيها وما يترتب على ذلك من مواقف وإجراءات ضدها، إلى جانب ما تواجهه من تحديات كبيرة على المستوى المحلي في ظل موجة الاحتجاجات الأخيرة التي يُتوقع أن تتواصل الجمعة المقبلة، بطريقة أكبر وأشد اتساعاً.
وفيما يشير عضو في مفوضية حقوق الإنسان العراقية المستقلة إلى مجموعة أسباب وقفت وراء إلغاء عضوية العراق، من بينها عمليات القمع التي مارستها السلطات العراقية ضد المحتجين وأوقعت عشرات القتلى وآلاف الجرحى بين صفوفهم، اتهمت وزارة الخارجية العراقية، قرارات وإجراءات الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ«التسييس».
وتعليقاً على خسارة العراق لعضوية مجلس حقوق الإنسان، قال المتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف: «قد كان لنا دور إيجابي فعّال فيه (مجلس حقوق الإنسان)، وعملنا جاهدين على إبعاد قرارات المجلس، وإجراءاته عن التسييس».
وذكر الصحاف أن وزارته بوصفها الجهة المعنيّة بحشد الدعم الدولي للتصويت لصالح تجديد عضوية العراق في المجلس لعامين آخرين «سعت حثيثاً لاستحصال هذا الدعم، وبذلت جهوداً كبيرة حتى الساعات الأخيرة، وقد نجحت في الحصول على وعود من 130 دولة منها دول دائمة العضويّة في مجلس الأمن؛ وحصدت فعلاً 121 صوتاً، أي بفارق صوتين عن التأهيل، لكنّ بعضاً من هذه الدول لم تلتزم بوعودها».
ولم يسمِّ الصحاف الدول التي لم تلتزم بوعودها حيال العراق، لكنه عزا ذلك إلى «مواقف العراق المبدئيّة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ونهجه الثابت إزاء بعض الأحداث السياسيّة، والأمنيّة، والتي يبدو أنّها ما كانت متوافِقة مع توجهات سياسات بعض الدول، فلم تصوّت لصالحنا».
من جانبه، عدّ عضو مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي، أن خسارة العراق عضويته في مجلس حقوق الإنسان «تراجع دولي مؤسف». وقال البياتي لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق في مرحلة حرجة ويواجه الكثير من التحديات على مستوى ملف حقوق الإنسان والالتزامات الدولية الموقَّعة من قِبل العراق، حيث إن هناك حاجّة ماسّة إلى الوجود في هذا المحفل الذي يعد مطبخ العالم ومنصة للدفاع عن العراق».
وطالب البياتي السلطات بـ«تقديم أجوبة منطقية وقانونية ومواجهة كل ما يُرفع حول العراق من تقارير واتهامات، إضافة إلى إظهار الجانب الإيجابي داخل الدولة العراقية والعمل المؤسساتي والنظام الديمقراطي»، مشيراً إلى أن «الموضوع يحتاج إلى وقفة من لجنة حقوق الإنسان ولجنة الشؤون الخارجية في البرلمان العراقي لمعرفة أسباب هذا التراجع والخطوات المتخَذة لتجاوز الموضوع في الانتخابات القادمة واستعادة وضع العراق».
وحول ما حدث في المظاهرات الأخيرة من عمليات الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين وعلاقته بخسارة العراق عضوية مجلس حقوق الإنسان، قال البياتي إن «الموضوع فيه جانب متعلق بحقوق الإنسان وهو تراكمي بكل تأكيد، حيث هنالك عدم التزام للعراق بتنفيذ الاتفاقيات الدولية التي وقّع عليها سواء قبل أو بعد عام 2003، سواء من خلال تشريع قوانين متعلقة بهذه الاتفاقيات أو تنفيذ خطوات عملية على أرض الواقع من خلال مؤسسات الدولة، وهي على المستويات كافة؛ الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية».
كانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد اتهمت، الأسبوع الماضي، قوات الأمن العراقية بـ«استخدام القوة القاتلة المفرطة وغير الضرورية ضد المتظاهرين الذين كانوا في بعض الأحيان يرمون الحجارة».
ويتفق البياتي مع ما أشارت إليه وزارة الخارجية العراقية بشأن الأسباب السياسية التي تقف وراء حرمان العراق من العضوية، وذكر أن «ثمة جانباً سياسياً متعلقاً بمصالح الدول الأعضاء مع العراق ووجهة نظرها حول مواقف العراق في الكثير من الملفات الدولية والإقليمية».
ونفى البياتي علاقة مفوضية حقوق الإنسان العراقية بموضوع عضوية العراق في مجلس حقوق الإنسان، مبيناً أنها «مؤسسة مستقلة وغير حكومية، ولدينا منصات دولية مختلفة نتعامل معها مثل التحالف الدولي لمؤسسات حقوق الإنسان العالمية حيث المفوضية عضو فيها، إضافة إلى الارتباط الاختصاصي مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف».



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.