عزوف مجتمعي واسع عن المساجد هرباً من خطاب الحقد الحوثي

الكشف عن تعميمات تستهدف خطباء وأئمة بمناطق سيطرة الميليشيات

TT

عزوف مجتمعي واسع عن المساجد هرباً من خطاب الحقد الحوثي

عاودت ميليشيات الحوثي الانقلابية من جديد العمل على تنفيذ برامج نزول واسع لعدد من المساجد في العاصمة صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرتها، بهدف إجبار من تبقى من أئمة وخطباء المساجد غير الموالين لها على بث خطاب الحقد وثقافة والكراهية والتحشيد للمشاركة بفعالياتها الطائفية والدعوة للانخراط بالقتال في مختلف جبهاتها.
وأفادت مصادر خاصة في وزارة الأوقاف والإرشاد، الخاضعة لسلطة الميليشيات في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة أصدرت، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، تعميمات عدة إلى مكاتبها بالعاصمة ومناطق يمنية أخرى خاضعة لها، تتضمن تنفيذ نزول ميداني على جميع المساجد والمؤسسات الدينية، وإلزام خطباء وأئمة المساجد بالتحشيد للفعالية السياسية المرتقبة، ودعوة اليمنيين لتقديم الدعم والمشاركة في جبهات القتال الحوثية.
وأضافت المصادر، التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها، لـ«الشرق الأوسط»، أن خطباء المساجد الموالين للميليشيات في عدد من مساجد العاصمة صنعاء كثفوا، في خطبة الجمعة الماضية، من دعوات التحريض على العنف والاقتتال والطائفية، وأهمية الصرخة الحوثية، وكل ما تقوم به الميليشيات من خطوات ميدانية، وضرورة التحشيد للفعاليات رفد الجبهات.
وأكدت المصادر ذاتها إلى أن تلك التوجهات الحوثية عبر منابر المساجد، جاءت عقب تعميمات حوثية سابقة صدرت مؤخراً، بغية تنفيذ تلك المخططات الحوثية الطائفية.
وتحدثت المصادر عن أن جموع المصلين في مناطق سيطرة الجماعة ملّوا كثيراً من الاستماع لخُطب طائفية تحريضية لا تشبههم ولا تشبه توجههم العام. وأشارت إلى مقاطعة كثير من المصلين لصلاة الجمعة في المساجد التي يخطب فيها خطباء حوثيون.
وعلى المنوال ذاته، لجأت الجماعة الانقلابية بمحافظة ذمار، ونتيجة الهزائم التي تلقتها بمعظم جبهات القتال، إلى حيلة جديدة قديمة، تمثلت بإعادة استخدام أئمة المساجد والخطباء وإلزامهم عبر تعاميم بحشد مقاتلين جدد للقتال في جبهاتها، وفق ما رواه سكان محليون.
وأفاد السكان المحليون بذمار، لـ«الشرق الأوسط»، بأن خطباء مساجد موالين للجماعة كثفوا من خطابات التحريض والطائفية والعداء للآخر في خطبة الجمعة الماضية، في أكثر من مسجد بالمدينة. وأكدوا أن الخطب تخللها الترويج لأفكار وأهداف وبرامج الميليشيات الطائفية وشملت الدعوة لتجنيد الشباب وتحفيزهم على القتال لرفد جبهات الميليشيات الحوثية.
وبدوره، كشف أحد المصلين بمسجد وسط مدينة ذمار، لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات الإرهابية أرغمت أمام وخطيب المسجد الواقع في الحي الذي يقطنه، الخميس الماضي، على حث المواطنين على القتال بجبهاتها ومواجهة ما أطلقوا عليه «العدوان الكافر» في خطبة الجمعة.
وقال إن «إمام المسجد اضطر مكرهاً إلى مخاطبة جموع المصلين بتلك التوجهات التحريضية، التي تلقاها من قبل العصابة الحوثية في ذمار».
وفي محافظة إب، وسط اليمن، غادر مصلون عدة مساجد واقعة في المدينة، وبعض مديرياتها، عقب فرض الميليشيات مؤخراً لخطباء جدد موالين لها لتكريس الطائفية.
وقال مصادر محلية، لـ«الشرق الأوسط»، إن جماعة الحوثي فرضت، أول من أمس (الجمعة) عدداً من الخطباء المحسوبين عليها في عدد من مساجد وجوامع مدينة إب ومديريات يريم والعدين وبعدان، وسط استياء واسع من المواطنين لاستغلال الميليشيات للمساجد لتحقيق أهداف طائفية مقيتة.
وأضافت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات وزعت أكثر من 22 إماماً وخطيباً مؤدلجاً طائفياً على 18 مسجداً وجامعاً في تلك المناطق بهدف تكريس خطاب الحقد والكراهية والطائفية بأوساط المصلين.
وبدورهم، شكا عدد من المصلين وسكان قريبون من مساجد في إب، لـ«الشرق الأوسط»، من الخطاب الحوثي المستمر الذي يبث روح الطائفية والمذهبية والتحريض على الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد في تلك المساجد.
وكشفوا عن مغادرة عدد كبير من المصلين تلك المساجد في خطبة الجمعة الماضية، مرجعين السبب إلى الخطاب المؤدلج طائفياً، الذي يُملى على المصلين من على منابر المساجد.
وأكدوا أن «المساجد التي فرضت عليها الميليشيات خطباء جدداً من أتباعها، شهدت على مدى أيام ماضية عزوفاً جماعياً للمصلين في رسالة رفض مجتمعي واضح للخطاب الطائفي الذي تتبناه الجماعة.
وطالبوا، في أحاديث متفرقة مع «الشرق الأوسط»، تجنيب المساجد ودور العبادة المناكفات والبرامج الطائفية، والنأي بها عن تبعات الأحداث وبث خطاب الكراهية والعنف والاقتتال.
وتستمر الميليشيات الموالية لإيران، منذ انقلابها على السلطة الشرعية، في استغلال منابر المساجد ودور العبادة بمناطق سيطرتها، بغية تحقيق أهدافها، وبث خطابات طائفية وتحريضية.
وفي خطوة حوثية جديدة، تداول ناشطون وصحافيون يمنيون، أول من أمس، وثيقة تتضمن تعميماً من ميليشيات الحوثي يلزم المحال التجارية والبساطين بالامتناع عن مزاولة البيع والشراء أثناء خطبتي وصلاة الجمعة.
وبحسب ما نشرته وسائل إعلام محلية، فقد أكدت تدوينات عدة على شبكات التواصل أن التعميم الحوثي لا يهدف إلى إلزام الناس بالصلاة، كون أغلب المنتمين للميليشيات لا يصلّون، ولكنه يهدف لجلب الناس إلى المساجد للاستماع إلى خطباء الجماعة، وهم يبثون الطائفية ويحرضون على القتال في صفوف الجماعة.
وكل مرة تسعى الميليشيات لتحقيق مآربها الطائفية، تنتهج طرقاً وأساليب عدة، كتمهيد أولي للشروع بتنفيذها. وعقب اقتحام الجماعة الكهنوتية للمساجد ودور العبادة في صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لنفوذها، سعت للبدء بالترويج لمشروعها الطائفي الخميني.
وكان مسؤول بوزارة الأوقاف بصنعاء، كشف بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن طرق ووسائل حوثية عدة، وصفها بـ«الممنهجة»، التي استخدمتها الجماعة في المساجد لنشر أفكارها بين أوساط اليمنيين.
وقال المسؤول إن «الجماعة بدأت فور اقتحامها صنعاء تنفيذ حملات ممنهجة سيطرت فيها على معظم مساجد العاصمة، وفرضت خطباء وأئمة ودعاة محسوبين عليها».
وكشف عن تلقيه، مطلع مارس (آذار) الماضي، معلومات تؤكد إجبار الميليشيات خطباء مساجد بصنعاء على حضور دورات طائفية، وفرضت على كوادر الأوقاف بالقوة النزول للمساجد وبعض المدارس لنشر الطائفية، بما يؤدي لتمزيق كيان المجتمع. من جانبهم، اعتبر متابعون وناشطون يمنيون أن جميع الخيارات الفكرية لدى الجماعة دائماً ما تُوجّه للطرف الآخر بشكل مستفز وهمجي ومتعصب. وأشار المتابعون والناشطون، في حديثهم مع «الشرق الأوسط»، إلى أن برامج وأهداف وخطط الميليشيات دائماً ما تصطدم بمعارضة مجتمعية واسعة وشرسة.
وتستولي الميليشيات الموالية لإيران، وفق تقارير محلية عدة، في الوقت الحالي، على أغلب المساجد بصنعاء ومناطق أخرى خاضعة لبسطتها.
وعملت الجماعة على مدى سنوات ماضية ومن أجل تطبيق مشروعها السلالي، على اعتقال أئمة المساجد وتهجير العلماء، وذلك من أجل إفساح الساحة أمام أنصارها للسيطرة الفكرية والدينية على المواطنين ضمن المشروع الإيراني الذي تسعى إليه بالمنطقة العربية، بتحويلها من قبة لمنارة العلم والحضارة السنية إلى أخرى شيعية، وفقاً لأهواء إيران.
وكشف وزير الأوقاف والإرشاد، الدكتور أحمد عطية، في تصريحات سابقة، عن أن الميليشيات هجرت أكثر من 1200 عالم دين، واعتقلت 170 خطيباً، وفي المقابل فإنها عملت على دخول 70 شخصاً من الجنسيتين اللبنانية والإيرانية إلى الأراضي اليمنية بشكل مخالف للأنظمة ومن خلال التهريب، بهدف غرس الأفكار الإيرانية بين شرائح المجتمع.
وبدورها، أكدت تقارير أعدتها منظمات حقوقية، أن الميليشيات حولت أكثر من 300 مسجد في اليمن إلى ثكنات عسكرية ومستودعات للأسلحة.
وأكد تقرير لـ«برنامج التواصل مع علماء اليمن» أن نحو 157 مسجداً عمدت الميليشيات إلى تدميرها أو تحويلها إلى ثكنات عسكرية.
ووفقاً لتقرير وزارة الأوقاف والإرشاد، خلال الفترة من 2014 إلى 2016، فإن الميليشيات فجّرت وقصفت ونهبت أكثر من 750 مسجداً، منها 282 مسجداً في العاصمة صنعاء، تلتها محافظة صعدة بواقع 115 مسجداً، والبقية في مناطق متفرقة، منها 80 مسجداً تم تفجيرها بالكامل، و41 مسجداً قُصِفت بالدبابات، و117 مسجداً تعرضت للاقتحام والعبث والنهب.
وطبقاً للتقرير، فإن الحوثيين اختطفوا 150 من أئمة وخطباء المساجد في عدد من المحافظات اليمنية، وزجوا بهم في سجون سرية، حيث يتعرض أغلبهم للتعذيب اليومي، وذلك لرفضهم الخطاب الطائفي.


مقالات ذات صلة

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يجبرون التجار والباعة والطلاب على التبرع لدعم «حزب الله» اللبناني (إعلام حوثي)

​جبايات حوثية لصالح «حزب الله» وسط تفاقم التدهور المعيشي

تواصل الجماعة الحوثية فرض الجبايات والتبرعات الإجبارية لصالح «حزب الله» اللبناني وسط توقعات أممية بارتفاع أعداد المحتاجين لمساعدات غذائية إلى 12 مليوناً

محمد ناصر (تعز)

الجيش الأميركي يحبط هجوما شنه «الحوثي» على سفن في خليج عدن

صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)
TT

الجيش الأميركي يحبط هجوما شنه «الحوثي» على سفن في خليج عدن

صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)
صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة (أ.ف.ب)

قال الجيش الأميركي اليوم الثلاثاء إن مدمرتين تابعتين للبحرية الأميركية كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية عبر خليج عدن أحبطتا هجوما شنته جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران.

وقالت القيادة المركزية الأميركية في منشور على منصة إكس إن الحوثيين أطلقوا عدة طائرات مسيرة وصاروخ كروز أثناء عبور السفن للخليج أمس الاثنين واليوم الثلاثاء. وأضافت "لم تسفر الهجمات الطائشة عن إصابات أو أضرار لأي سفن أو مدنيين أو البحرية الأميركية".

وكان المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي قال في وقت سابق اليوم الثلاثاء إن الجماعة استهدفت ثلاث سفن إمداد أميركية ومدمرتين أميركيتين مرافقتين لها في خليج عدن.