تشكيك في قدرة السلطة الفلسطينية على التخلص من الاتفاقيات مع إسرائيل

TT

تشكيك في قدرة السلطة الفلسطينية على التخلص من الاتفاقيات مع إسرائيل

أثارت الجبهة الديمقراطية، أحد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، شكوكا حول جدية وقدرة اللجنة التنفيذية في وقف العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل. وتوجت الجبهة أمس بسؤال مفتوح إلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عن مصير ونتائج أعمال اللجنة المشكلة، بقرار قيادي، من أجل وضع خطة لوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي. وجاءت هذه الشكوك في ظل استئناف إسرائيل والسلطة الفلسطينية عمل لجان فنية مشتركة كانت متوقفة منذ عام 2000. فيما أوضحت السلطة أن العودة إلى عمل اللجان المشتركة يهدف إلى الانفكاك عن الاقتصاد الإسرائيلي لأنه ستتم بموجبه مراجعة بنود اتفاق باريس وإعادة التفاوض بشأن بنود أخرى.
وقالت الجبهة في بيان «إنه يكاد ينقضي ثلاثة أشهر على تاريخ تشكيل اللجنة (25/ 7/ 2019) دون أن تصدر عنها أي إشارة للرأي العام، توضح ما هو المسار الذي قطعته حتى الآن في مهمتها، ودون أن يبدر عن السلطة وقيادتها وحكومتها، ما ينبئ أن قرار وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال بدأ يأخذ طريقه للتنفيذ». وأضافت أن الوقائع تُؤكد أن الأمور تسير في الاتجاه المعاكس، أي نحو المزيد من الالتزام بالاتفاقيات واستحقاقاتها. وتابعت الجبهة: «منها على سبيل المثال استيراد الزيتون من إسرائيل، والعودة إلى نظام المقاصة، دون أن تتراجع سلطات الاحتلال عن مصادرة أموال الأسرى والشهداء، وإحياء اللجان المعنية بتطبيقات برتوكول باريس الاقتصادي، في ظل استمرار العمل بالتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال».
وقالت الجبهة إنها تلاحظ أن الالتزام باتفاقات أوسلو وبرتوكول باريس، وباعتراف السلطة وقيادتها، إنما يتم من جانب واحد هو الجانب الفلسطيني في ظل انفلات واسع لسلطات الاحتلال وإدارتها المدنية وتجاوزاتها الفظة، وتأكيداتها العلنية أنها لم تعد تلتزم إلا ما يخدم «إسرائيل»، تطبيقاً لادعاءات نتنياهو، أن «كل شبر من أرض فلسطين هو أرض إسرائيلية، ومن حق إسرائيل مصادرتها والبناء عليها».
ودعت الجبهة اللجنة التنفيذية إلى مكاشفة الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي، وتوضيح طبيعة الاستراتيجية السياسية التي تتبعها «هل هي الالتزام باتفاقات أوسلو وبروتوكول باريس واستحقاقاتها وقيودها، أم الالتزام بقرارات المؤسسة الوطنية الجامعة، الممثلة بالمجلس الوطني في دورته الـ23، والمجلس المركزي في دورتيه الـ27 والـ28».
وأشارت إلى أن هذه القرارات نصت بوضوح على تعليق الاعتراف بـ«دولة إسرائيل» حتى تعترف بالدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس على حدود 4 يونيو (حزيران) 67، ووقف الاستيطان، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، ووقف العمل ببرتوكول باريس، ومقاطعة البضائع الإسرائيلية والانفكاك عن اقتصاد «إسرائيل». وأكدت الجبهة أن الانشغال بقضايا الانتخابات وما سوف يتفرع عنها من نقاشات لا يعني وضع القضية الوطنية في بنودها الجوهرية جانبا، خاصة ملف إعادة العلاقات مع إسرائيل، ورسم سياسات الخلاص من الاحتلال والاستعمار الاستيطاني.
وكانت السلطة الفلسطينية قد وافقت مؤخراً على تلقي أموال العوائد الضريبية منقوصة من إسرائيل، مما رآه البعض تراجعاً عن تعهدات سابقة للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأنه لن يتسلم «قرشاً واحداً ناقصاً».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».