بعد ساعات على إعلان واشنطن اتفاقاً لوقف إطلاق النار، شنّ الطيران التركي غارة جوية أسفرت عن مقتل مدنيين في مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرقي سوريا مع استمرار الاشتباكات المتقطعة في مدينة حدودية، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبموجب اتفاق انتزعه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس في أنقرة، وافقت تركيا الخميس، على تعليق هجومها في شمال شرقي سوريا مشترطة انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة الحدودية خلال 5 أيام.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الجمعة: «إذا تم الوفاء بالوعود حتى مساء يوم الثلاثاء، سيتم حل مشكلة المنطقة الآمنة. وإذا فشل الأمر، ستبدأ العملية... في اللحظة التي تنتهي فيها الـ120 ساعة».
وتسعى تركيا، التي تخشى حكماً ذاتياً كردياً قرب حدودها يثير نزعة انفصالية لديها، إلى إنشاء منطقة عازلة يبلغ طولها 480 كلم، أي كامل مناطق سيطرة الأكراد الحدودية، وعرضها 30 كلم، لتعيد إليها قسماً كبيراً من 3.6 مليون لاجئ سوري لديها.
وخلال 9 أيام من الهجوم، تمكنت تركيا والفصائل السورية الموالية لها من السيطرة على منطقة واسعة بطول 120 كيلومتراً تمتد بين أطراف بلدة رأس العين (شمال الحسكة) ومدينة تل أبيض (شمال الرقة)، وقد بلغ عمقها في بعض المناطق أكثر من 30 كيلومتراً. وتوقع محللون أن تكتفي تركيا في مرحلة أولى بهذه المنطقة.
وتركزت المعارك خلال الأيام الأخيرة في بلدة رأس العين. وأفاد المرصد عن «اشتباكات متقطعة وإطلاق قذائف مدفعية»، في المدينة التي تسيطر القوات التركية والفصائل الموالية لها على نحو نصف مساحتها.
واتهمت قوات سوريا الديمقراطية الجمعة، تركيا بخرق اتفاق وقف إطلاق النار. وقال المسؤول الإعلامي مصطفى بالي: «رغم اتفاق وقف القتال، يواصل القصف الجوي والمدفعي استهدافه مواقع المقاتلين والمدنيين والمستشفى في رأس العين». وأفاد المرصد عن «مقتل 5 مدنيين و4 مقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية في غارة تركية استهدفت قرية» على بعد نحو 10 كيلومترات شرق رأس العين.
وأسفر الهجوم التركي، وفق المرصد السوري، عن مقتل أكثر من 75 مدنياً و230 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية.
ووصل عدد من الجرحى إلى مستشفى تل تمر جنوب رأس العين، وشاهد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية رجلاً يصرخ من الوجع أثناء مداواة قدميه.
وقال حسن أمين، مدير مستشفى تل تمر جنوب رأس العين: «تم إرسال فريق طبي لإخراج الجرحى من مدينة رأس العين»، مشيراً إلى أن «وضعهم خطير والعدد كبير».
وفي الجانب التركي، أفادت السلطات خلال الهجوم عن مقتل 6 جنود أتراك و20 مدنياً في قذائف اتهمت المقاتلين الأكراد بإطلاقها.
وبدأ الهجوم التركي في التاسع من الشهر الحالي، بعد يومين على انسحاب قوات أميركية محدودة من نقاط حدودية.
ورغم اتهام قوات سوريا الديمقراطية التي ألحقت الهزيمة بتنظيم داعش بدعم أميركي، واشنطن بـ«طعنها» من الخلف، بدا الرئيس الأميركي دونالد ترمب مصراً على قراره. وأمر في وقت لاحق بسحب كامل القوات الأميركية من مناطق سيطرة الأكراد.
وأمام اتهامات له بالتخلي عن الأكراد، هدد ترمب تركيا بفرض عقوبات شديدة عليها، ثم أوفد نائبه مايك بنس إلى أنقرة، شريكته في حلف شمال الأطلسي، لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار.
وبعد محادثات، أعلن بنس مساء الخميس، أنه «خلال 120 ساعة، سيتم تعليق كل العمليات العسكرية (...) على أن تتوقف العملية نهائياً ما إن يتم إنجاز هذا الانسحاب»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية.
وينص الاتفاق على انسحاب القوات الكردية من منطقة بعمق 32 كيلومتراً.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية من جهتها استعدادها الالتزام بوقف إطلاق النار، من دون أن تتطرق إلى بند انسحاب الوحدات الكردية.
وفي سبتمبر (أيلول)، أعلن المقاتلون الأكراد انسحابهم من بعض النقاط الحدودية قرب تل أبيض ورأس العين، تنفيذاً لاتفاق أميركي - تركي كان الهدف منه الحؤول دون هجوم أنقرة على المنطقة.
لكن تركيا لم تأبه بذلك واتهمت واشنطن بالمماطلة، لينتهي الأمر بشنها الهجوم، الذي دفع بـ300 ألف شخص للنزوح من مناطقهم، وفق المرصد السوري.
وأشاد ترمب من جهته، باتفاق وقف إطلاق النار، وقال إنه «يوم عظيم للحضارة».
وبموجب الاتفاق، وبمجرد وقف الهجوم، ستلغي واشنطن العقوبات التي كانت تنوي فرضها على تركيا.
اشتباكات متقطعة في شمال شرقي سوريا غداة إعلان وقف النار
مقتل مدنيين بقصف تركي
اشتباكات متقطعة في شمال شرقي سوريا غداة إعلان وقف النار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة