جددت الحكومة اليمنية تأكيدها أن الانتقال إلى أي مشاورات سياسية حول التسوية الشاملة للصراع مرهون بتنفيذ اتفاق استوكهولم، وقالت إن ذلك «ما ينبغي لمجلس الأمن والمجتمع الدولي العمل على تحقيقه، لأن من لا يلتزم بالاتفاقات السابقة لن يمتثل لأي اتفاقات أو تسوية سياسية».
جاء التأكيد اليمني في كلمة اليمن على لسان مندوبه لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي، أمام مجلس الأمن، الذي كان بدوره استمع الخميس إلى إحاطة من المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، حول مستجدات السلام وتنفيذ اتفاق استوكهولم.
وأكد السعدي أن الحكومة الشرعية تسعى بشتى الطرق ومختلف الوسائل لتحقيق السلام المستدام، وإنهاء معاناة الشعب جراء الحرب الظالمة التي شنتها الميليشيات الحوثية المسلحة.
وقال إن الشرعية «أبدت أقصى درجات المرونة لتنفيذ اتفاق استوكهولم، وقبولها بجميع المقترحات التي عرضها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، للوصول إلى حل سياسي، مبني على المرجعيات الثلاث المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى وجه الخصوص القرار 2216». وأوضح السفير السعدي أن «الميليشيات الحوثية تقتات على الحرب وعدم الاستقرار، وأن نهجها في ذلك نهج إيران، الداعم لتلك الميليشيات والمحرك الرئيسي المسؤول عن زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة»، كما شدد على أهمية تنفيذ اتفاق استوكهولم الذي يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق السلام الشامل والمستدام.
وعبرت كلمة اليمن عن التزام الشرعية الكامل بتنفيذ الاتفاق، مع تأكيدها على أن مسألة معالجة قضية الأمن والسلطة المحلية هي المدخل المهم لإحراز أي تقدم في تنفيذ اتفاق الحديدة.
وثمَّن السعدي الجهود الحثيثة التي يبذلها رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال أبهيجيت جوها، لتثبيت التهدئة ووقف إطلاق النار في محافظة الحديدة، ونشر المراقبين على خطوط التماس ونقاط المراقبة، وفقاً لما تم الاتفاق عليه في الاجتماع المشترك السادس للجنة تنسيق إعادة الانتشار.
وكشف المندوب اليمني عن أن الفريق الحكومي أبلغ رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة جاهزيته لنشر المراقبين، منذ الأسبوع الأول بعد الاجتماع المذكور، لما في ذلك من أهمية في تثبيت التهدئة، ومنع أي خروقات، مشيراً إلى أن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سيسهل عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار، بالإضافة إلى تسهيل أعمال الإغاثة الإنسانية.
ورفض السفير اليمني السعدي، استغلال المعاناة الإنسانية للشعب اليمني وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية، وقال إن ذلك «أمرٌ غير مقبول ومرفوض مطلقاً»، متهماً الميليشيات الحوثية بأنها تواصل رفضها لمقترح إعادة فتح مطار صنعاء أمام الرحلات الداخلية، وتسهيل سفر المواطنين الذين يتحملون أعباء ساعات طويلة من السفر عبر الطرق البرية.
وتابع: «قامت الحكومة اليمنية بتوجيه من الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية، خلال جولة مشاورات استوكهولم وبعدها، بتقديم مبادرة لإعادة فتح مطار صنعاء، وقدمت فيها التنازلات من أجل رفع المعاناة عن المواطنين، من خلال استئناف الرحلات الداخلية، مع اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة التهديدات الأمنية المحتملة؛ حيث لا يمكن استئناف الرحلات عبر مطار تسيطر عليه الميليشيات الحوثية أمام الرحلات الدولية».
وأضاف أن «الحكومة اليمنية جددت التزامها بتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين والمختطفين والمخفين قسراً في سجون الميليشيات، وفق مبدأ (الكل مقابل الكل)، الذي تم التوافق عليه في استوكهولم باعتبار أن هذه المسألة قضية إنسانية بحتة لا تخضع للمكاسب السياسية».
وفيما شدد السعدي على أهمية رفع الحصار الجائر من قبل الميليشيات الحوثية عن مدينة تعز، وإنهاء معاناة أهلها، أوضح أن الحكومة دأبت على اتخاذ جملة من الإجراءات الاقتصادية اللازمة لدعم العملة واستقرار الاقتصاد، وأنه لا يمكن مواجهة الأزمة الإنسانية من خلال عمليات الإغاثة بمفردها.
وقال: «رغم القلق الكبير الذي أبداه المجتمع الدولي حول القرار 75 المتعلق باستيراد المشتقات النفطية، إلا أننا اليوم، وبعد ما يقارب العام، نرى جلياً نجاعة هذا القرار في إعادة الدورة المالية إلى مكانها الطبيعي عبر المصارف اليمنية والدولية الخاضعة للرقابة، وما ترتب عليه من تحسن واستقرار في سعر العملة، دون خلق أي عجز في توفير المشتقات النفطية في السوق المحلية».
وبيَّن السفير السعدي أن القرار 49 يهدف لتعزيز مهام الدولة ومسؤولياتها، لتحسين إيراداتها، والإيفاء بالتزاماتها حيال المواطنين في جميع المحافظات اليمنية، مشيراً إلى أن الحكومة استطاعت زيادة تحصيل الإيرادات في المناطق المحررة، دون زيادة تُذكر في أسعار المشتقات النفطية، أو حدوث أي أزمات، بل وأبدى تجار القطاع الخاص جاهزيتهم للامتثال لإجراءات القرار لولا الضغوط التي تمارسها الميليشيات الحوثية عليهم.
وأكد أن الحكومة مستعدة لنقل الوقود بمختلف أنواعه في كل المناطق، بما فيها الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، حسب الاحتياج، وبأسعار أقل من تلك المفروضة من قبل الميليشيات، على أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤولية الرقابة على الأموال العائدة من الرسوم الجمركية والضريبية لهذه المشتقات، التي سيلتزم التجار أصحاب هذه السفن بإيداعها في فرع البنك المركزي في الحديدة، وضمان عدم سحبها، أو استخدامها من قبل الميليشيات الحوثية، خارج صرف مرتبات المدنيين، أو قيام تلك الميليشيات بفرض أو تحصيل أي جبايات أو رسوم أخرى على التجار، كي لا يتأثر بذلك سعر المشتقات النفطية في السوق».
وأوضح أنه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 استوعبت الحكومة رواتب 63 في المائة من موظفي الدولة، منهم ما يقارب 82 ألف موظف في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، وما يزيد عن 123 ألف متقاعد في تلك المناطق.
ودافع السعدي عن قرار الحكومة، مؤكداً أن إيرادات الضرائب والجمارك على المشتقات النفطية ستساعد في استمرارية الدفع، ومحاولة استيعاب قطاعات جديدة من موظفي الدولة.
وقال: «رغم استقرار العملة الذي تم التوصل إليه، وأثره الإيجابي على الصعيدين الاقتصادي والإنساني، إلا أنه يتطلب المزيد من الإجراءات، وبالتعاون مع المجتمع الدولي، لتعزيز أرصدة البنك المركزي من العملة الصعبة، والإسهام في تغطية الفجوة التمويلية لدفع الرواتب».
وندد المندوب اليمني باستمرار الميليشيات الحوثية في عرقلة عمل المنظمات الدولية العاملة، التي كان آخرها قيامها بطرد ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وسحب تصريح سفره، وإرغامه على مغادرة صنعاء، وقال: «إن مثل هذه الممارسات توضح للعالم بجلاء الدور الذي تقوم به الميليشيات الحوثية لإضعاف عمل تلك المنظمات». ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة للوقوف بحزم وإدانة كافة الممارسات والانتهاكات التي تهدف إلى عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وتخويف وإرهاب العاملين في المجال الإنساني في المناطق التي لا تزال ترزح تحت وطأة هذه الميليشيات الإرهابية، واتخاذ إجراءات حازمة لضمان عدم المساس بأمان وسلامة وحيادية موظفي المنظمات الدولية والوكالات في اليمن.
وجدد السفير اليمني لدى الأمم المتحدة دعوة المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى ممارسة المزيد من الضغوط على الميليشيات الحوثية، بشأن السماح بصيانة الخزان النفطي العائم المعروف بسفينة «صافر» في رأس عيسى، على البحر الأحمر، وعدم الانتظار لحين حدوث كارثة بيئية خطيرة، وقال إنها ستؤدي في حال حدوثها إلى «كارثة بيئية تضاهي أربعة أضعاف كمية النفط التي تسربت في حادثة نفط (إكسون فالديز) عام 1989 حسب التقارير الأممية».
وأكد السعدي أن الدولة ستعود وستنتهي كافة مظاهر الانقلاب والتمرد والفوضى في كل شبر من تراب الوطن العزيز، مشيداً بالجهود لإنجاح حوار جدة، بما يفضي إلى عودة الدولة بجميع مؤسساتها إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتوحيد جميع الأجهزة الأمنية والعسكرية، بما يحفظ أمن واستقرار ووحدة وسلامة الأراضي اليمنية، وتوحيد الجهود صوب تحقيق الهدف الأساسي المتمثل في إنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المسلحة، ومواجهة النفوذ الإيراني في اليمن والمنطقة، واستعادة مؤسسات الدولة المختطفة وتعزيزها.
8:17 دقيقة
الحكومة اليمنية: لا مشاورات جديدة قبل تنفيذ «استوكهولم»
https://aawsat.com/home/article/1951851/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A7-%D9%85%D8%B4%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0-%C2%AB%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%83%D9%87%D9%88%D9%84%D9%85%C2%BB
الحكومة اليمنية: لا مشاورات جديدة قبل تنفيذ «استوكهولم»
الحكومة اليمنية: لا مشاورات جديدة قبل تنفيذ «استوكهولم»
مواضيع
مقالات ذات صلة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة