شركات «سايبر» إسرائيلية تبيع خبراتها للعالم

TT

شركات «سايبر» إسرائيلية تبيع خبراتها للعالم

حذر عدد من قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية السابقين، من ظاهرة اعتبروها خطيرة للغاية، آخذة في الانتشار، يقوم بموجبها جنود وضباط سابقون ببيع خبراتهم الواسعة في مجال القرصنة الإلكترونية، أو محاربتها، المعروفة باسم «سايبر»، لمختلف دول العالم.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع، أنهى مهام منصبه مؤخراً، وبحث في هذه الظاهرة، إن «هذه الظاهرة تشكل تهديداً جدياً للأمن القومي. وأضاف: «فهناك عدة دول أجنبية تشتري خبرات ومعلومات الجيش الإسرائيلي بمبالغ كبيرة جداً. وبواسطة هذه الخبرات، قد يتمكنون من التجسس على هاتف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي. وكمطلع على أسرار دولة خلال فترة عملي، لم أفكر حتى بإبلاغ زوجتي بطبيعة عملي، أرى أن هذه الظاهرة تلحق أضراراً فادحة بأمن إسرائيل القومي».
والحديث، وفقاً لتحقيق صحافي نشرته صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية، أمس (الجمعة)، عن مجموعة كبيرة من الشبان الإسرائيليين تحولوا إلى موظفين مطلوبين في خدمة عدة أجهزة استخبارات في العالم، ويديرون لها برامج «سايبر» هجومية. هؤلاء الشبان هم من خريجي وحدات «السايبر» الهجومية التابعة للجيش الإسرائيلي، مثل الوحدة «8200»، والوحدات التكنولوجية التابعة لدائرة «السايبر»، وغيرهما من الوحدات. فقد تسرحوا من الجيش في سن 23 - 24 عاماً، ويعرضون عليهم مبالغ مغرية قد تبدأ بـ20 ألف دولار، وتصل إلى 100 ألف شهرياً.
وحسب المسؤول الأمني المذكور، فإن «الأموال الطائلة المعروضة عليهم تشوّش عندهم الفرق بين الجيد والسيئ، وبين المسموح والمحظور. ومع أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تدرك جيداً أن الأمر خطير، فإنها لا تفعل شيئاً. والسبب هو أنه لا توجد لدى المؤسسة الأمنية قوة للعمل ضدهم». ويشير التقرير إلى أن هؤلاء الشبان واعون لخطورة عملهم، ويحرصون قبل مغادرتهم إسرائيل للعمل في شركات «السايبر» في الخارج، على أخذ استشارة قانونية، بهدف الالتفاف على القانون الإسرائيلي.
ويصرح بعضهم بقطع الاتصال مع الدولة، كي لا يسري عليهم قانون الصادرات الأمنية. والسبب في ذلك أن بعضهم يعملون لصالح أجهزة وشركات تقدم خدمات للمخابرات في دول كثيرة في العالم.
ويلفت النظر أن هذا النشاط لم يعد يقتصر على أفراد، بل إن عدة رجال أعمال إسرائيليين، وبعضهم ممن تولوا في الماضي مناصب رفيعة في أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، قاموا بتأسيس شركات أجنبية خارج البلاد، متخصصة في «السايبر» ويقومون بتجنيد شبان مُسرّحين من وحدات «السايبر» الإسرائيلية، وفي بعض الأحيان يجندون الشخص وجميع من كانوا تحت قيادته في الجيش.
يُذكر أن الجيش الإسرائيلي، الذي يتباهى بقدراته التكنولوجية العالية، يعاني من مشكلة «هرب الأدمغة» منذ عدة سنوات. وقد أحدث ثورة في الرواتب حتى يمنع تسرب الجنود والضباط إلى شركات خاصة معادية. ولكن التطورات السريعة في التكنولوجيا في العالم، شوشت عليه هذه المهمة، وصار يلجأ إلى «سياسة التثقيف الوطني» لهؤلاء الضباط، حتى يحكموا أنفسهم بمفاهيم ولاء للدولة العبرية تمنعهم من بيع خبرات إلى جهات معادية. إلا أن هذه السياسة لم تصمد أمام المغريات المالية الكبيرة التي تُعرَض عليهم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.