سرديات بصرية تُحاكي أيقونات موسيقية وإنسانية

معرض «بهية» في مصر يقدم أعمالاً تستدعي أم كلثوم وإمام وغاندي

المعرض يلتقي فيه التعبير عبر الرسم والنحت  -  التأثر بفنون النحت في مصر القديمة يظهر في المعرض
المعرض يلتقي فيه التعبير عبر الرسم والنحت - التأثر بفنون النحت في مصر القديمة يظهر في المعرض
TT

سرديات بصرية تُحاكي أيقونات موسيقية وإنسانية

المعرض يلتقي فيه التعبير عبر الرسم والنحت  -  التأثر بفنون النحت في مصر القديمة يظهر في المعرض
المعرض يلتقي فيه التعبير عبر الرسم والنحت - التأثر بفنون النحت في مصر القديمة يظهر في المعرض

يستدعي المعرض الفني «بهية» ملامح من شخصيات مُلهمة، وموروثات ثقافية استقرت في الذاكرة المصرية والإنسانية، وذلك عبر فنون تشكيلية تُطل بجناحي التصوير والنحت.
ففي المعرض الذي يستضيفه غاليري «نوت» بالقاهرة، يطرح الفنان التشكيلي المصري شريف الجلاد، نصوصاً بصرية تستلهم التاريخ، تاركاً بصماته الجمالية لتشارك في حكاية فصول منه، فاستدعى «كوكب الشرق» أم كلثوم في تكوين واحد جمع بينها وبين المُلحن محمد القصبجي. ويقول عنها الفنان شريف الجلاد لـ«الشرق الأوسط»: «أم كلثوم لها وجوه ورموز كثيرة جداً، فإلى جانب كونها فنانة عظيمة فهي أيضاً رمز كبير للوطنية، وفي هذه اللوحة قدمت معها الفنان محمد القصبجي، الذي كان من المعروف حبه الشديد لها، وأبرزت حالة من الحوار الداخلي والخفي بينهما، من خلال انسجام القصبجي الواضح وهو يعزف على العود، كأنه يقول لها (أنا موجود)».
وإلى جانب قصص الحب الخفية وغير المنطوقة التي سكنت العالم التشكيلي للجلاد، تتسلل الموسيقى في وجدان معرضه، عبر أكثر من لوحة، كتلك التي تُصوّر الفنان والملحن الشيخ إمام عيسى، الذي يُنظر له باعتباره أيقونة للأغنية الثورية والسياسية.
واحتفظ الجلاد بسمات عيسى، الشهيرة من وضعية الجلوس ونظارته وعمامته، ومن حوله تسود الحالة اللونية للوحة حاملة معها نبرته وأهازيجه.
ويتواصل الجلاد مع الظلال الإنسانية الأشمل لمفهوم الثقافة، فقدم لوحة للمهاتما غاندي الذي يقول عنه: «أنا عاشق لغاندي، بكل فلسفته الإنسانية، وسبق أن صممت له تمثالاً تم عرضه في السفارة الهندية بالقاهرة، وأرى أن الفنون التشكيلية لغة عالمية، وكذلك الحال بالنسبة لمشاركتي بلوحة غاندي، التي تتلاقى مع التكوين والتقنية الفنية لباقي لوحات المعرض التي تضم أيقونات مصرية».
ويستعين الفنان بملامح من الطبيعة لإضفاء تشكيلات جمالية على لوحاته، كاستخدامه الأزهار، والأسماك، والخيول، والديوك، مع الحرص على إضفاء لمسات من الزينة التراثية والفرعونية للسيدات اللاتي تُشكلن بطلات رئيسيات للمعرض.
وتظهر الوجوه المصرية القديمة كمكونات أصيلة للوحات المعرض، التي تتواصل بانسياب والتقاء حضاري لافت، بين وجوه تُحاكي مصر الفرعونية وأخرى ترمز للحقب اليونانية والرومانية، يقول الجلاد: «قصدت من ذلك إظهار فكرة الذوبان في النسيج المصري، وإلى جانب الوجوه المصرية، أظهرت كذلك فلسفة المصري القديم في نحته عبر رسمي حركة الأجساد التي بها محاكاة للتماثيل الفرعونية التي يظهر بها الثبات والرسوخ والتكتيل وتجنب الهشاشة».
ويظهر هذا التأثر بفلسفة المصري القديم في المعرض أيضاً من خلال الأعمال النحتية التي يستضيفها المعرض، وهي أعمال للدكتور جرجس الجاولي، الأستاذ المساعد بقسم النحت بكلية الفنون الجميلة بالمنيا، الذي جسّد بتعبيره الفني الاحتفاء بالمرأة، في مزج بين التراث والتقنيات الحديثة، ولعل أكثر ما استلهمه من التراث كان الحفاظ على رسوخ الكتلة باعتبارها من أبرز ملامح الفن المصري القديم، كما استلهم كذلك استعارة وجوه القطط على أجساد التماثيل التي كانت ترمز في مصر القديمة للنعم والاتزان.



«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)
فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)
TT

«البحث عن رفاعة»... وثائقي يستعيد سيرة «رائد النهضة المصرية»

فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)
فيلم «البحث عن رفاعة» يتناول مسيرة رفاعة الطهطاوي (فيسبوك)

يستعيد الفيلم الوثائقي المصري «البحث عن رفاعة» سيرة أحد رواد النهضة الفكرية في مصر ببدايات القرن الـ19، رفاعة رافع الطهطاوي، الذي كان له دور مهم في التعليم والترجمة، ويستضيف الفيلم المركز الثقافي بيت السناري بحي السيدة زينب (وسط القاهرة)، التابع لمكتبة الإسكندرية، الأربعاء.

يتتبع الفيلم مسيرة رفاعة الطهطاوي عبر رؤية سينمائية تدمج المكان بالأحداث بالموسيقى، ويتناول شخصية وأفكار رفاعة الطهطاوي، أحد رواد النهضة الفكرية في مصر، ويُقدم رؤية سينمائية تجمع بين التاريخ والواقع، مسلّطاً الضوء على إسهاماته في تشكيل الوعي العربي الحديث، وفق بيان لمكتبة الإسكندرية.

ويُعدّ رفاعة الطهطاوي من قادة النهضة العلمية في مصر خلال عصر محمد علي، وقد ولد في 15 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1801، في محافظة سوهاج بصعيد مصر، والتحق بالأزهر ودرس على يد علمائه علوم الدين مثل الفقه والتفسير والنحو، ومن ثَمّ سافر إلى فرنسا في بعثة علمية وعاد ليضع خطة لإنشاء مدرسة الألسُن، ووضع كتباً عدّة من بينها «تخليص الإبريز في تلخيص باريز»، و«مناهج الألباب المصرية في مباهج الآداب العصرية»، و«المرشد الأمين في تربية البنات والبنين»، وتوفي رفاعة الطهطاوي عام 1873، وفق الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

بيت السناري في القاهرة (بيت السناري)

جدير بالذكر أن الفيلم وثائقي طويل، تبلغ مدته 61 دقيقة، وأخرجه صلاح هاشم، وقام بالتصوير والمونتاج المصور اللبناني سامي لمع، والمنتج المنفذ نجاح كرم، والموسيقي يحيى خليل، وهو من إنتاج شركة سينما إيزيس.

وأوضحت «سينما إيزيس» المنتجة للفيلم أنه عُرض لأول مرة في 2008 بجامعة لندن، قسم الدراسات الشرقية. وشارك في مهرجانات عربية وعالمية عدّة، من بينها «كارافان السينما العربية والأوروبية» في عمّان بالأردن، و«متحف الحضارات الأوروبية والمتوسطية» في مارسيليا بفرنسا، تحت عنوان «الطهطاوي... مونتسكيو العرب».

وكان مخرج الفيلم قد تحدّث في ندوة بجامعة لندن عقب العرض الأول له، عن تصوير أكثر من 20 ساعة بين القاهرة وأسيوط وطهطا (بلد رفاعة)، وأن مونتاج الفيلم استغرق نحو 6 أشهر بين مدن أوروبية، موضحاً أن الهدف من صنع الفيلم هو التحفيز على التفكير في فكر رفاعة ومعتقداته بخصوص مفاهيم ومعاني النهضة والتقدم.

ولفت إلى أنه أراد تقديم رؤية لرفاعة بأسلوب موسيقى الجاز، وهو ما ظهر في إيقاع الفيلم، موضحاً أن الفيلم أيضاً أراد أن يبعث برسالة مفادها بأن السينما ليست مجالاً للتسلية أو الترفيه فقط، بل يمكن أن تكون أداة للتفكير في الواقع ومشاكل مجتمعاتنا، كما يمكن أن تكون وسيلة للمحافظة على ذاكرتنا.

ويُعدّ بيت السناري الذي يستضيف عرضاً جديداً للفيلم من المراكز الثقافية التي تعتمد على تقديم الأنشطة المتنوعة، والمركز التابع لمكتبة الإسكندرية، هو بيت أثري يعود لنهايات القرن الـ18، وكان مقراً لعلماء وفناني الحملة الفرنسية على مصر بين 1798 و1801م.