سرطان الثدي... رصد الأعراض ومستجدات العلاج

أكتوبر «الوردي» شهر التوعية الصحية بمضاعفاته

سرطان الثدي... رصد الأعراض ومستجدات العلاج
TT

سرطان الثدي... رصد الأعراض ومستجدات العلاج

سرطان الثدي... رصد الأعراض ومستجدات العلاج

مع بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، يكتسي العالم باللون الوردي أملاً في زيادة الوعي، ولفت الانتباه إلى الفحص المبكر وطرق علاج مرض سرطان الثدي، السرطان الأكثر إصابة للنساء على مستوى العالم، حيث تقدر منظمة الصحة العالمية إصابة أكثر من مليوني امرأة سنوياً، ووفاة ما يقارب 15 في المائة، بسببه، من مجموع الوفيات لمختلف أنواع السرطان في العالم. وفي بريطانيا، أظهرت دراسة أنه في كل 10 دقائق تكتشف امرأة إصابتها بسرطان الثدي.
ومحلياً، كشف مركز تسجيل الأورام أن المعدل السنوي لإصابة السعوديات بسرطان الثدي يفوق 1800 امرأة سنوياً، وتشخص حالات 15 في المائة منهن في مرحلة متقدمة. وهذه الأعداد تجعل المهتمين بصحة المرأة والمجتمع يهرعون للحد من هذا المرض؛ سواء بالفحص الدوري وتحديد النساء الأكثر عرضة للإصابة به، أو باكتشافه مبكراً جداً، حيث إن التشخيص المبكر يساعد في علاج 95 في المائة من الحالات في خلال 5 سنوات.

- الأسباب
تحدث إلى «صحتك» الدكتور عبد الرحيم أحمد الشنقيطي، استشاري أورام الكبار بمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، مشيراً إلى تنوع أسباب الإصابة. فهناك أسباب لا يمكن التحكم فيها مثل الجنس (خطر إصابة المرأة يفوق الرجل بمراحل)، وتقدم العمر، والتاريخ المرضي لمشاكل الثدي (كوجود السرطان الفصيصي الموضعي في خزعة الثدي)، والتاريخ العائلي للمصابات بالمرض، والعامل الوراثي الذي قد يزيد احتمالات انتقال سرطان الثدي عبر الأجيال لحاملي الاعتلالات والطفرات الجينية مثل (BRCA1 -BRCA2).
وهناك عوامل أخرى هرمونية كالبلوغ المبكر (قبل 12 سنة)، وتأخر انقطاع الطمث لما بعد 55 عاماً، واستخدام العلاج الهرموني بعد سن اليأس، والتعرض للإشعاع في منطقة الصدر. كما أن لنمط الحياة ارتباطاً مع زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الثدي كالسمنة وتناول الكحول والتدخين والإكثار من الطعام غير الصحي، والسهر وقلة النوم.

- الأعراض
أيضاً، تحدثت إلى «صحتك» الدكتورة كريمة بنت محمد قوتة، استشارية طب الأسرة بوزارة الصحة والحاصلة على البورد السعودي والعربي، فأوضحت أن أعراض المرض قد تشمل تغيراً في جلد الثدي (كقشرة البرتقالة) أو الحلمة (تتراجع وتنعكس)، وظهور كتلة أو ورم في الثدي وتحت الإبط (مؤلمة أو غير مؤلمة)، وإفرازات غير اعتيادية من الحلمات، ونقصاناً مفاجئاً في الوزن.

- الفحص الدوري
تقول الدكتورة كريمة قوتة إن الفحص الدوري يُجرى اعتماداً على إحصائيات وعوامل الخطر لكل دولة، ففي السعودية يُجرى لكل امرأة وصلت إلى عمر الأربعين، وفي بقية دول العالم في عمر الخمسين. ويكرر عمل الفحص كل 3 سنوات إذا كانت نسبة الخطورة متدنية، وسنوياً عند وجود عوامل خطورة مرتفعة.
يتم الفحص الدوري سريرياً وبالماموغرام، وهو جهاز أشعة سينية يصور أنسجة الثدي ويمكنه اكتشاف المرض مبكراً جداً. وفي بعض الحالات، تستخدم الأشعة التلفزيونية والتصوير بالرنين المغناطيسي وتحليل أنواع معينة من الجينات.
متى يتحتم عمل الفحص مبكراً؛ قبل سن الأربعين؟ تجيب د. قوتة أنه يجب عمل الفحص مبكراً في الحالات التالية: وجود تاريخ وراثي للأسرة سواء بسرطان الثدي أو سرطان المبايض، ووجود خلل في بعض الجينات المعروفة لسرطان الثدي سواء بفحص الجينات أو ببعض متلازمات الأمراض التي تأتي عائلية وتكثر فيها الإصابة بالأورام السرطانية، والتعرض في عمر صغير للإشعاع أو علاج إشعاعي لأي سبب، وعدم الإنجاب لعمر 30 عاماً أو أكثر، وعدم الإرضاع طبيعياً، والبلوغ مبكراً (أقل من 12 عاماً)، والتأخر في انقطاع الطمث لما بعد 55 عاماً، والسمنة وعدم ممارسة الرياضة، والعلاج بالهرمونات، والإصابة سابقاً بورم، سواء كان في الثدي أو في منطقة أخرى، وتناول الكحوليات.
وهناك شريحة من النساء لا يفضل عمل فحص دوري لهن: فوق عمر 70 عاماً (في الغالب تكون لديهن أمراض أخرى وعوامل تؤدي للوفاة غير سرطان الثدي)، وذوات الأمراض في مراحل متأخرة من المرض، والمرأة أقل من 40 عاماً ومن دون أي عوامل خطورة.

- العلاج
يقول الدكتور عبد الرحيم الشنقيطي إن خطة العلاج تعتمد على مدى انتشار المرض، ويتم وضعها بعد مناقشة الحالة من قبل فريق طبي متعدد التخصصات، يضم أطباء متخصصين في جراحة وعلاج الأورام بمختلف الطرق.
وتتنوع العلاجات بين كيميائية، وبيولوجية، وإشعاعية (للتخلص من بقايا الخلايا السرطانية وتكون على جلسات ما بين أيام لأسابيع)، وهرمونية، ومناعية (لتقوية مناعة الجسم وحث الخلايا المناعية على مهاجمة الخلايا السرطانية والقضاء عليها)، وجراحية، والعلاج الموجه (يستهدف خللاً معيناً في الخلية السرطانية فقط دون بقية خلايا الجسم السليمة، وبالتالي تقل المضاعفات والآثار الجانبية للعلاج)، والعلاج التلطيفي. كالتالي:
> استئصال الورم مع المحافظة على الثدي متبوعاً بعلاج كيميائي وإشعاعي (ضمن ضوابط محددة) كما في السرطانات الموضعية محدودة الانتشار.
> البدء بالعلاج الكيميائي قبل الجراحة، كحالات سرطان الثدي السلبي الثلاثي، وبعض الأـورام التي تتجاوز سنتيمترين مع إيجابية مستقبلات HER2.
> استئصال الثدي بأكمله، لكبر حجم الورم، أو تعذر إعطاء العلاج الإشعاعي، أو نزولاً عند رغبة المريضة.
> العلاج الهرموني دون علاج كيميائي، أو العلاج الكيميائي متبوعاً بالعلاج الهرموني للسرطانات ذات المستقبلات الموجبة ويعطى لأنواع سرطان الثدي التي لديها حساسية للهرمونات الأنثوية.
> العلاج التلطيفي، لكبح جماح الخلايا وللسيطرة على المرض، كما في الحالات المتقدمة وحالة المستقبلات الهرمونية وسرعة تطور المرض. ويقوم بتخفيف الأعراض الناتجة عن السرطان في الحالات المتقدمة من المرض، وتخفيف الألم، وتحسين التنفس والنوم، وتحسين جودة حياة المريضة عبر فريق طبي متكامل متخصص في العلاج التلطيفي.
> بعد كل عملية جراحية، تُنصح المريضة بأن تجتمع مع طبيب الأورام لمناقشة نتائج الأنسجة ومعرفة الخطوات المقبلة.

- مستجدات العلاج
> المستجدات الدوائية. يضيف الدكتور الشنقيطي أن المئات من الأبحاث تجري حالياً، وقد أسهم الكشف عن بعض المستقبلات لزيادة العلاجات الموجهة، ومن أشهرها علاج تراستوزوماب وAlpelisib الذي وافقت على تسجيله، مؤخراً، إدارة الغذاء والدواء الأميركية «FDA» في شهر مايو (أيار) من هذا العام 2019 والذي سوف يساعد في علاج نوع من أنواع سرطان الثدي المبكر الذي يسببه هرمون(HER2 - positive) المسؤول عن 20 - 30 في المائة من أورام الثدي السرطانية.
> المستجدات الجراحية. تقول الدكتورة كريمة قوتة إن مريضة سرطان الثدي تمر بمخاوف من فقدانها الثدي ومظهرها الأنثوي حيث يتم، عادة، في العمليات الجراحية لسرطان الثدي استئصال الثدي كاملاً أو جزء منه، أو استئصال الثدي مع الغدد الليمفاوية تحت الإبط، أو استئصال الثديين معاً.
لكن الثورة الطبية في عالم التجميل أحدثت فارقاً كبيراً للمريضات، بحيث إنه أصبحت هناك طرق لعدم استئصال الثدي كاملاً في بعض الحالات، وهناك عمليات ووسائل تجميلية تعيد للمريضة مظهر الثدي، وبالتالي إحساسها بأنوثتها وثقتها بنفسها، حيث يضع الطبيب حشوة سواء كانت من مواد صناعية أو رقعة من المريضة نفسها ويعيد تشكيلها لتملأ الفراغ الذي نتج عن الاستئصال وبالمظهر نفسه للثدي الطبيعي. ويمكن الآن إجراء هذه العمليات مع عملية استئصال الثدي نفسها أو بعدها بفترة قصيرة أو طويلة إذا كان هناك علاج كيميائي أو إشعاعي بعد عملية الاستئصال. كذلك توجد الآن عمليات لإعادة تشكيل الحلمات. قد تحس المريضة بألم وعدم راحة في البداية ولكن مع المسكنات ومع الوقت ستتعافى وتستمتع بمظهر ثدييها. وفي الحالات التي لا ترغب المريضة في عملها يمكنها ارتداء حمالات صدر مدعمة بحيث لا يظهر أن أحد الثديين قد استؤصل.

- المضاعفات
أوضحت الدكتورة كريمة قوتة أن مريضة سرطان الثدي تتعرض لكثير من المضاعفات في كل مرحلة من المرض والعلاج، وأهمها:
> لتغيرات النفسية والصحية مثل القلق والاكتئاب، والحزن والغضب، ورفض المرض أو إنكاره، والخوف والصدمة والانطوائية، والإحساس بالذنب. وهنا يبرز دور المجتمع والأسرة في دعم المريضة وتهيئتها نفسياً لتقبل المرض والبدء بالعلاج عن طريق إتاحة الفرصة لها للتعبير عن مشاعرها ومخاوفها، وزرع الأمل فيها، والإصغاء لها، وعدم تهميش مخاوفها والإجابة عنها، ومساعدتها على اختيار الطعام الصحي.
> احتياجات غذائية معينة، مثل حساب السعرات الحرارية، وكمية المواد الغذائية ونوعية الغذاء، ومعالجة المشكلات الناتجة عن العلاج مثل القيء أو الإمساك أو الإسهال أو الغثيان أو مشاكل التذوق وفقدان الشهية.
> مضاعفات وآثار جانبية للعقاقير أثناء العلاج، على الشعر فيتساقط، وعلى الجهاز الهضمي فتنشأ مشاكل الهضم مثل الغثيان والقيء والإسهال، وكذلك ضعف المناعة، وكل هذه الأعراض تختفي بعد الانتهاء من دورة العلاج. أما الآثار الجانبية الناشئة نتيجة خصائص العلاج فتختلف باختلاف نوع العلاج وطبيعة المرض وصحة المريضة العامة.

- سفراء تعزيز الصحة للتوعية بسرطان الثدي
تسهم الجمعيات الصحية والصروح الطبية والتعليمية في التوعية بسرطان الثدي، ومنها الجمعية السعودية لطب الأسرة في جازان، حيث كونت فريق سفراء التعزيز الصحي وهو فريق تطوعي تم تأسيسه عام 2018 تحت إشراف الجمعية، وفقاً للدكتورة أمل جابر الفيفي طبيبة أسرة ومشرفة الفريق النسائي بالجمعية وحاصلة على الوسام الذهبي بمكتب الجمعية وشهادة سفير التعزيز الصحي.
وأضافت أن فكرة هذا الفريق انبعثت من ارتفاع نسبة إحصائيات خطيرة في المجتمع وأمراض مزمنة سببها نمط الحياة غير الصحي، حيث إن نسبة 75 في المائة من المجتمع لا يعملون فحصاً طبياً دورياً، و20 في المائة من سكان المملكة من المدخنين، و60 في المائة يعانون من ارتفاع في الوزن، و65 في المائة لا يمارسون أي نشاط رياضي.
يضم الفريق نخبة من المهتمين بمجال تعزيز الصحة من الجنسين ومن مختلف التخصصات. ويهدف لزيادة الوعي الصحي المجتمعي مع استنباط احتياجات المجتمع وتمكين الناس للوصول إلى حياة صحية دائمة.
وعن أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، تقول الدكتورة عهود واصلي طبيبة أسرة وقائدة فريق سفراء التعزيز الصحي للتوعية بسرطان الثدي، إن الكشف المبكر هو الوسيلة الوحيدة التي يُمكن من خلالها القضاء على مرض سرطان الثدي وعلاجه، والتأخر بالكشف عن المرض يعني صعوبة أكبر بالعلاج مع ارتفاع احتمالية الوفاة بسبب الإصابة بالسرطان.
ولأهمية الكشف المبكر، فإن 96 في المائة من النساء اللاتي يكتشفن ويعالجن سرطان الثدي مبكراً يتخلصن من المرض نهائياً خلال 5 سنوات، حسب الإحصائيات العالمية... وتنصح سيدات المجتمع بالآتي:
> الفحص الذاتي للثدي يجب أن يكون جزءاً من العناية الروتينية كل شهر، وذلك بعد الدورة الشهرية بـ3 أو 5 أيام، بحيث تُرفع اليد فوق الرأس وبواسطة أصابع اليد الأخرى يتم تحسس الثدي بحركات دائرية مع المرور على منطقة الإبط لتحسس وجود الكتل مع الانتباه لشكل الجلد وحجم الثدي ومظهر الحلمتين، وتجب زيارة الطبيب عند ملاحظة أي تغيرات.
> عمل فحص الماموغرام الروتيني، فهو يساعد الأطباء في الكشف عن أي تغيير في أنسجة الثدي والكتل الصغيرة التي لا يشعر بها الطبيب أثناء الفحص السريري والفحص الذاتي من قِبل المريض، ما يزيد من فرص الاكتشاف المبكر والشفاء من سرطان الثدي.


مقالات ذات صلة

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

صحتك تظهر الخلايا المناعية في الدماغ أو الخلايا الدبقية الصغيرة (الأزرق الفاتح/الأرجواني) وهي تتفاعل مع لويحات الأميلويد (الأحمر) - وهي كتل بروتينية ضارة مرتبطة بمرض ألزهايمر ويسلط الرسم التوضيحي الضوء على دور الخلايا الدبقية الصغيرة في مراقبة صحة الدماغ (جامعة ولاية أريزونا)

فيروس شائع قد يكون سبباً لمرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص

اكتشف الباحثون وجود صلة بين عدوى الأمعاء المزمنة الناجمة عن فيروس شائع وتطور مرض ألزهايمر لدى بعض الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

كم عدد الزيارات السنوية للطبيب حول العالم؟

وفق تصنيف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية

صحتك أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك تساهم المكسرات والأسماك الدهنية والخضراوات والفواكه في رفع مستويات الكوليسترول الجيد (أرشيفية- جامعة ناغويا)

أفضل الوجبات الصحية للعام الجديد

خلص خبراء إلى أن أفضل وجبة غذائية لعام 2025، هي الوجبة «المتوسطية» التي ترتبط بالعادات الغذائية لسكان منطقة حوض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين
TT

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

أثارت التقارير عن زيادة حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري المعروف اختصاراً بـHMPV في الصين أصداء قاتمة لبداية مماثلة لجائحة كوفيد - 19 قبل خمس سنوات تقريباً، كما كتبت ستيفاني نولين(*).

ولكن رغم أوجه التشابه السطحية، فإن هذا الوضع مختلف تماماً، وأقل إثارة للقلق، كما يقول خبراء الطب.

وإليك ما نعرفه عن «الفيروس المتحور الرئوي البشري» Human Metapneumovirus المعروف اختصاراً HMPV. ويسمى أحياناً أخرى بـ«الميتانيوفيروس البشري».

ما «الفيروس المتحور الرئوي البشري»؟

إنه أحد مسببات الأمراض العديدة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم كل عام، وتسبب أمراض الجهاز التنفسي. وهو فيروس شائع؛ بل شائع جداً لدرجة أن معظم الناس يصابون به وهم ما زالوا أطفالاً وقد يعانون من عدة إصابات في حياتهم. وفي البلدان التي تشهد شهوراً من الطقس البارد، يمكن أن يكون لفيروس الجهاز التنفسي البشري موسم سنوي، تماماً مثل الإنفلونزا، بينما في الأماكن الأقرب إلى خط الاستواء، فإنه ينتشر بمستويات أقل طوال العام.

هذا الفيروس يشبه فيروساً معروفاً بشكل أفضل في الولايات المتحدة، «الفيروس المخلوي التنفسي»، RSV الذي يسبب أعراضاً تشبه إلى حد كبير تلك المرتبطة بالإنفلونزا وكوفيد، بما في ذلك السعال والحمى واحتقان الأنف والصفير.

معظم عدوى فيروس HMPV خفيفة، تشبه نوبات البرد الشائعة. لكن الحالات الشديدة يمكن أن تؤدي إلى التهاب الشعب الهوائية أو الالتهاب الرئوي، وخاصة بين الرضع وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة. أما المرضى الذين يعانون من حالات الرئة السابقة، مثل الربو أو مرض الانسداد الرئوي المزمن أو انتفاخ الرئة، فهم أكثر عرضة لنتائج وخيمة.

منذ متى كان الفيروس موجوداً؟

تم التعرف على الفيروس في عام 2001، لكن الباحثين يقولون إنه انتشر بين البشر لمدة 60 عاماً على الأقل. ورغم أنه ليس جديداً، فإنها لا يحظى بالقدر نفسه من التعرف على الإنفلونزا أو كوفيد - 19 أو حتى الفيروس المخلوي التنفسي، كما يقول الدكتور لي هوارد، الأستاذ المساعد لأمراض الأطفال المعدية في المركز الطبي لجامعة فاندربيلت.

أحد الأسباب هو أنه نادراً ما تتم مناقشته بالاسم، إلا عندما يتم إدخال الأشخاص إلى المستشفى بسبب حالة مؤكدة منه.

ويضيف هوارد: «من الصعب حقاً التمييز بين السمات السريرية والأمراض الفيروسية الأخرى. إننا لا نختبر بشكل روتيني فيروس الجهاز التنفسي البشري بالطريقة التي نفعلها لكوفيد - 19 أو الإنفلونزا أو الفيروس المخلوي التنفسي، لذا فإن معظم حالات العدوى لا يتم التعرف عليها ويتم إرجاعها إلى أي عدوى تنفسية موجودة».

كيف يصاب الشخص بالفيروس التنفسي البشري؟

ينتشر الفيروس في المقام الأول من خلال الرذاذ أو الهباء الجوي من السعال أو العطس، ومن خلال الاتصال المباشر بشخص مصاب أو من خلال التعرض للأسطح الملوثة - وهي نفس الطرق التي يصاب بها الناس بنزلات البرد والإنفلونزا وكوفيد-19.

هل يوجد لقاح أو علاج له؟

لا يوجد لقاح ضد فيروسات الجهاز التنفسي البشري. ولكن هناك لقاح ضد فيروس الجهاز التنفسي المخلوي، ويجري البحث حالياً لإيجاد لقاح يمكنه الحماية ضد الفيروسين بجرعة واحدة، لأنهما متشابهان. لا يوجد علاج مضاد للفيروسات مخصص لفيروسات الجهاز التنفسي البشري؛ إذ يركز العلاج على إدارة الأعراض.

ماذا تقول الصين عن انتشاره؟

أقرت السلطات الصينية بارتفاع حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري، لكنها أكدت أن الفيروس كيان معروف وليس مصدر قلق كبير. ويذكر أن فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد - 19 كان مسبباً جديداً للأمراض، لذا لم تتمكن أجهزة المناعة لدى الناس من بناء دفاعات ضده.

وفي مؤتمر صحافي عقدته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الصين في 27 ديسمبر (كانون الأول)، قال كان بياو، مدير معهد الأمراض المعدية التابع للمركز، إن حالات الإصابة بفيروس الجهاز التنفسي البشري آخذة في الارتفاع بين الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً أو أقل. وقال إن الزيادة كانت ملحوظة بشكل خاص في شمال الصين. وأضاف أن حالات الإنفلونزا زادت أيضاً.

وقال إن الحالات قد ترتفع خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، في نهاية يناير (كانون الثاني)، عندما يسافر العديد من الناس ويتجمعون في مجموعات كبيرة.

لكن كان قال بشكل عام: «بالحكم على الوضع الحالي، فإن نطاق وشدة انتشار الأمراض المعدية التنفسية هذا العام سيكونان أقل من العام الماضي».

وأظهرت البيانات الصينية الرسمية أن حالات فيروس التهاب الرئة البشري كانت في ارتفاع منذ منتصف الشهر الماضي، سواء في العيادات الخارجية أو في حالات الطوارئ، وفقاً لـ«وكالة أنباء شينخوا» الرسمية. وقالت الوكالة إن بعض الآباء ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي لم يكونوا على دراية بالفيروس وكانوا يطلبون المشورة عبر الإنترنت؛ وحثت على اتخاذ الاحتياطات الهادئة والعادية مثل غسل اليدين بشكل متكرر وتجنب الأماكن المزدحمة.

في إحاطة إعلامية روتينية يوم الجمعة الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أن حالات الإنفلونزا والفيروسات التنفسية الأخرى تزداد بشكل روتيني في هذا الوقت من العام ولكنها «تبدو أقل حدة وتنتشر على نطاق أصغر مقارنة بالعام السابق».

وقال المسؤولون الصينيون الأسبوع الماضي إنهم سيضعون نظام مراقبة للالتهاب الرئوي من أصل غير معروف. وسيشمل النظام إجراءات للمختبرات للإبلاغ عن الحالات وللوكالات المعنية بمكافحة الأمراض والوقاية منها للتحقق منها والتعامل معها، حسبما ذكرت «هيئة الإذاعة والتلفزيون» الصينية.

ماذا تقول «منظمة الصحة العالمية»؟

لم تعرب «منظمة الصحة العالمية» عن قلقها. واستشهدت الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم المنظمة، بتقارير أسبوعية من السلطات الصينية أظهرت ارتفاعاً متوقعاً في الحالات.

«كما هو متوقع في هذا الوقت من العام، أي شتاء نصف الكرة الشمالي، فإن هناك زيادة شهرية في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وكذلك RSV وفيروس الميتانيوفيروس» هذا، كما قالت هاريس عبر البريد الإلكتروني.

هل يجب أن نقلق؟

التقارير الواردة من الصين تذكرنا بتلك التي وردت في الأيام الأولى المربكة لجائحة كوفيد، ولا تزال «منظمة الصحة العالمية» تحث الصين على مشاركة المزيد من المعلومات حول أصل هذا التفشي، بعد خمس سنوات.

لكن الوضع الحالي مختلف في جوانب رئيسة. كان كوفيد فيروساً انتقل إلى البشر من الحيوانات ولم يكن معروفاً من قبل. أما فيروس الإنسان الميتانيوفيروس هذا فقد تمت دراسته جيداً، وهناك قدرة واسعة النطاق لاختباره.

هناك مناعة واسعة النطاق على مستوى السكان من هذا الفيروس على مستوى العالم؛ لم تكن هناك مناعة لكوفيد. يمكن لموسم فيروس الإنسان الميتانيوفيروس الشديد أن يجهد سعة المستشفيات -وخاصة أجنحة الأطفال- لكنه لا يرهق المراكز الطبية.

وقال الدكتور سانجايا سينانياكي، المتخصص في الأمراض المعدية وأستاذ مشارك في الطب في الجامعة الوطنية الأسترالية: «ومع ذلك، من الضروري أيضاً أن تشارك الصين بياناتها حول هذا التفشي في الوقت المناسب». «يتضمن هذا بيانات وبائية حول من يصاب بالعدوى. وسنحتاج أيضاً إلى بيانات جينومية تؤكد أن فيروس HMPV هو السبب، وأنه لا توجد أي طفرات كبيرة مثيرة للقلق».

* خدمة «نيويورك تايمز»