حراك واسع في موسكو لجني ثمار زيارة بوتين إلى السعودية والإمارات

تولي روسيا اهتماماً لافتاً بنتائج المحادثات التي أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال جولته الشرق أوسطية الأخيرة، مع القيادات في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والاتفاقات التي تم توقيعها خلال تلك المحادثات. وتشير تصريحات عن وزارات ومؤسسات رسمية روسية إلى حرص الجانب الروسي على تنفيذ كل ما من شأنه تجسيد تلك الاتفاقات في واقع عملي، وبما يخدم هدف تطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري بين روسيا والبلدين؛ إذ أكدت وزارة الاتصالات على أهمية اتفاقيات التعاون مع الرياض، ومن جانبها أشارت وزارة السياحة إلى احتمال إلغاء التأشيرات بين روسيا والسعودية، وقالت إن العمل يجري لإطلاق رحلات جوية دورية بين البلدين، في الوقت الذي أكدت فيه واحدة من شركات الطيران الروسية فتح خط رحلات جوية قريباً بين محج قلعة في داغستان ومدينة جدة في السعودية. وأعلنت مؤسسة «روسآتوم» عن عزمها توسيع التعاون مع الإمارات العربية، بينما توقع الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة أن يزيد حجم الاستثمارات الإماراتية في مشروعات حيوية روسية على 10 مليارات دولار خلال السنوات المقبلة.
وفي بيان على موقعها الرسمي، أشارت وزارة الاتصالات الروسية إلى البرنامج التنفيذي للتعاون التقني الذي وقعته روسيا والمملكة العربية السعودية، خلال زيارة الرئيس بوتين إلى المملكة أخيراً، فضلاً عن مذكرة التعاون في مجال الاتصالات، وقالت إن الجانبين اتفقا على تطوير المشروعات المشتركة في مجالات الذكاء الصناعي. وأكدت الوزارة على أهمية تلك الاتفاقيات، وقالت إن «البرنامج التنفيذي للتعاون التقني من شأنه أن يعطي قوة دفع إضافية لتطوير العلاقات الروسية - السعودية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات»، وأشارت إلى أن «الخطوات التالية في هذا الاتجاه ستتجسد عبر تنفيذ مشروعات مشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتقنيات التعرف على الوجه والصوت، فضلاً عن مشروعات المدن الذكية، والتقنيات المبتكرة في الزراعة وصناعة النفط والغاز».
في مؤشر آخر على أهمية ودور الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين، على هامش محادثات بوتين مع القيادات في السعودية، في تطوير التعاون الثنائي، كانت مذكرة التفاهم الروسية - السعودية في المجال السياحي والتأشيرات، حاضرة على جدول أعمال الدورة الثانية للكونغرس السياحي الدولي، المنعقدة في مدينة محج قلعة. على هامش مشاركتها في الكونغرس، قالت ناتاليا أوسيبوفا، مستشارة مدير الوكالة الفيدرالية الروسية للسياحة، إن نظام «من دون تأشيرة» بين روسيا والمملكة العربية السعودية، قد يتم تطبيقه بدءاً من العام المقبل. وأشارت إلى «تفهم ضرورة التحول نحو نظام التأشيرات الإلكترونية. وتم التوصل إلى جميع الاتفاقات بهذا الصدد»، وبالتالي توقعت أن يبدأ تطبيق نظام السفر بين البلدين من دون تأشيرات من 2020. وبالنسبة للرحلات الجوية المباشرة بين موسكو والرياض والمدن السعودية الأخرى، أوضحت أوسيبوفا أن هذا الأمر يعود إلى عمل شركات النقل الجوي، وقدرتها على توفير العدد المناسب من الركاب لتلك الرحلات. وأشارت إلى «سابقة» في هذا المجال، حين أطلقت شركة «بيغاس» السياحية، رحلات مباشرة صيف العام الحالي من موسكو إلى المدن السعودية.
وتعد هذه التطورات في مجال التعاون السياحي ثمرة أولى لمذكرة التفاهم التي وقعتها الوكالة الفيدرالية الروسية للسياحة مع الهيئة السعودية العامة للسياحة والتراث الوطني، وهي أول وثيقة من نوعها للتعاون في مجال السياحة بين البلدين، تساهم في وضع الأسس القانونية للتعاون والمبادرات المشتركة في هذا المجال. ويبدو أن المذكرة خلقت ظروفاً مناسبة في الوقت ذاته لبدء نشاط شركات الطيران وفتح خطوط نقل جوي مباشرة بين روسيا والمملكة. هذا ما يدل عليه بيان على موقع شركة «أوتير» «Utair» للنقل الجوي، أعلنت فيه عن تسييرها رحلات دورية من محج قلعة في داغستان، إلى مدينة جدة بالتعاون مع شركة «مروى تور»، وقالت إن بيع البطاقات على تلك الرحلات سيبدأ الشهر المقبل، ويفترض أن تنطلق الرحلة الأولى قبل نهاية العام الحالي.
ويتواصل الاهتمام كذلك بنتائج محادثات بوتين مع القيادات في الإمارات؛ إذ أكدت وكالة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية على أهمية المذكرة التي وقعتها مع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، خلال المحادثات في دبي يوم 15 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، على هامش زيارة بوتين، وقالت إنها تحدد أسس التعاون المشترك في اتجاهات واسعة بهذا المجال. وأوضحت الوكالة الروسية في بيان رسمي أن الحديث يدور بصورة خاصة حول «افتتاح مركز للعلوم النووية والتقنيات في الإمارات، وبناء محطات نووية هناك، والتعاون الاستثماري بين الجانبين، وإدارة دورة الوقود النووي، وتدريب الخبراء الإماراتيين، وغيرها من مجالات». وتضمن البيان تصريحات من أليكسي ليخاتشوف، مدير «روسآتوم»، قال فيها: «نرى في الإمارات العربية المتحدة شريكاً مهماً، ومستعدون لتوسيع توجهات التعاون معها».
من جانبه، يعول الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة على تطورات إيجابية نوعية في التعاون بين البلدين، وضعت أسسها المحادثات في دبي يوم 15 أكتوبر الحالي التي أجراها الرئيس الروسي مع القيادات في الإمارات. وفي حوار معه على قناة «روسيا 24»، قال كيريل ديمتريف مدير الصندوق الروسي للاستثمارات: «نتوقع أن يزيد حجم الاستثمارات الإماراتية في روسيا على 10 مليارات دولار خلال السنوات المقبلة»، وأشار إلى أن «الحديث يدور حول استثمارات في مجالات غاية في الأهمية بالنسبة لروسيا، مثل البنى التحتية، والتقنيات، والزراعة، وكثير غيرها»، مؤكداً أن الصندوق «سيعمل على توجيه اهتمامات الزملاء الإماراتيين للاستثمار في المشروعات القومية، والتعاون بنشاط في مجال الذكاء الصناعي». ووقع الجانبان خلال زيارة الرئيس الروسي إلى الإمارات اتفاقيات بقيمة 1.4 مليار دولار، وقال بوتين إن موسكو ترحب بالاستثمارات الإماراتية في الاقتصاد الروسي، وأعاد إلى الأذهان أن صندوق «مبادلة» الإماراتي كان من أوائل شركاء الصندوق الروسي للاستثمارات، وأنهما قاما معاً بتنفيذ أكثر من 45 مشروعاً، بقيمة 2.3 مليار دولار.