الاستثمارات النفطية الاستكشافية تنخفض لأدنى مستوى منذ 60 عاماً

تراجع الأسعار مع «ثورة الصخري» يعقدان المشهد

أسهمت ثورة النفط الصخري الأميركي إلى حد كبير في تكاسل الشركات الكبرى عن الاستثمار في الاستكشافات الجديدة والتنقيب (رويترز)
أسهمت ثورة النفط الصخري الأميركي إلى حد كبير في تكاسل الشركات الكبرى عن الاستثمار في الاستكشافات الجديدة والتنقيب (رويترز)
TT

الاستثمارات النفطية الاستكشافية تنخفض لأدنى مستوى منذ 60 عاماً

أسهمت ثورة النفط الصخري الأميركي إلى حد كبير في تكاسل الشركات الكبرى عن الاستثمار في الاستكشافات الجديدة والتنقيب (رويترز)
أسهمت ثورة النفط الصخري الأميركي إلى حد كبير في تكاسل الشركات الكبرى عن الاستثمار في الاستكشافات الجديدة والتنقيب (رويترز)

خفضت الشركات النفطية إنفاقها على الاستكشاف والتنقيب، وباتت تركز جهودها فقط على المناطق التي فيها احتياطيات، مؤكدة أو شبه مؤكدة حتى لو كانت قليلة، وتركز أيضاً على النفط الصخري في الولايات المتحدة الأميركية، وهذا الاتجاه التخفيضي مستمر منذ هبوط أسعار النفط في 2014 وحتى تاريخه.
والنتيجة هي الحصول على أقل كمية مكتشفة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، وفقا لدراسة متخصصة مشتركة أجرتها شركتا «آي إتش إس ماركيت» و«ريستد إنرجي».
وتقول الدراسة إنه منذ انخفاض أسعار الخام قبل 5 سنوات، تراجع الإنفاق على اكتشاف الاحتياطيات الجديدة التي بلغت 16.7 مليار برميل في 2014 و18.5 مليار في 2015، ثم هبطت إلى أقل من 8 مليارات في 9 أشهر من 2019. مع توقع 10 مليارات برميل لكامل السنة الحالية؛ أي إلى أدنى مستوى منذ 60 عاماً.
ويؤكد معدو الدراسة أن الشركات النفطية تتردد كثيرا في قرارات الاستثمار الاستكشافية والتنقيبية، إذ بات هذا المجال، برأيهم ووفقاً لمعطياتهم المهنية، أكثر خطورة من ذي قبل بسبب انخفاض الأسعار. ولا استكشافات جديدة إلا إذا كانت حظوظ النجاح تتجاوز 35 في المائة، مقابل استثمارات كانت تنفق قبل 2014 لمجرد الوصول إلى 20 في المائة من حظوظ النجاح عندما كان سعر البرميل نحو 100 دولار.
بنتيجة ذلك، انخفضت الميزانيات المخصصة للاستكشاف. فشركة «توتال» خفضت تلك الميزانية من 3 مليارات دولار قبل 5 سنوات، إلى 1.2 مليار فقط هذه السنة. وتركز الشركات أعمالها الاستكشافية حاليا في المناطق القريبة من الحقول والمكامن المكتشفة سابقاً، لأن النتائج تظهر في غضون سنتين إلى 3 سنوات فقط وبتكلفة مناسبة للأسعار الحالية للبترول. إلا أن تلك النتائج أقل من المطلوب، فالاكتشاف قرب المناطق المسبورة الأغوار سابقا نتائجه لا تتجاوز 12 في المائة من الممكن الحصول عليه في المناطق الجديدة كلياً.
أما السبب الثاني الذي ورد في الدراسة لتبرير انخفاض الاستثمارات فهو ثورة النفط الصخري الأميركي. فالاحتياطيات في تكساس ونيو مكسيكو وبنسلفانيا معروفة منذ عشرات السنوات ولا تحتاج إلى استثمارات استكشاف. والتقدم الحاصل في تقنيات التكسير الهيدروليكي تسمح بالاستخراج بتكلفة منخفضة نسبياً. كما أن الغاز والنفط الصخريين في الولايات المتحدة يمنحان مرونة تسعف الشركات في أوقات التقلبات السعرية، إذ باستطاعة الشركات بدء الحفر أو إيقافه في غضون أيام قليلة وفقا لتطورات الأسعار التي تحدد الجدوى. ويذكر أن كثيرا من الشركات النفطية الأميركية الصغيرة هجرت أعمالها حول العالم لتركز فقط على النفط الصخري الأميركي. إلى ذلك، فالشركات الكبيرة مثل «إكسون» و«شيفرون» و«بي بي» تتجه بشكل تدريجي صاعد نحو تخصيص جزء من استثماراتها في النفط الصخري أيضا.
بيد أن الدراسة لا تغفل ذكر استثناءات، مثل الاكتشافات الغازية الجديدة في مناطق روسية وقبرصية. وبالنسبة للنفط فقد اكتشفت شركة «إكسون» مكامن جديدة في مياه غويانا في أميركا الجنوبية، وأعلنت شركة «توتال» اكتشافات مهمة في بحر جنوب أفريقيا.
وتطرح الدراسة السؤالين التاليين: هل سيواجه العالم خطر نقص النفط والغاز إذا استمرت الاستثمارات الاستكشافية والتنقيبية في التراجع؟ وهل ستعود الأسعار إلى الارتفاع بقوة إذا تفوق الطلب على العرض المتأثر بتراجع تلك الاستثمارات؟
ويجيب معدو الدراسة بإمكان حصول ذلك، لأن المستهلك حالياً لا يقابله ما يكفي من الاكتشافات الجديدة. ففي 2019 لم تتجاوز نسبة المكتشف 19 في المائة من المستهلك، وذلك مقابل نسبة زادت على 40 في المائة في 2015، لكن التأثير ليس مباشرا أو سريع الظهور. فنتائج تراجع الاستكشافات بين 2014 و2019 لن تظهر قبل منتصف العقد المقبل، أي اعتباراً من 2025 إذا بقي الحالي على ما هو حتى ذلك العام، علما بأن هناك متغيرات كثيرة مقبلة مثل إمكان حصول تطور كبير في إنتاج الطاقة البديلة، إضافة إلى أسئلة تشكيكية بقدرة النفط الصخري الأميركي على الاستمرار في الإنتاج بالوتيرة الحالية. وتلك المتغيرات الممكنة تدفع الشركات النفطية أكثر نحو الإمعان في التردد عند إقرار الميزانيات الخاصة بالاستكشاف والتنقيب.
لكن معدي الدراسة يؤكدون أن الاحتياطيات العالمية الحالية تزيد على ألف مليار برميل تضاف إليها كميات النفط الصخري الأميركي، وهذا يكفي للاستمرار في الإنتاج والاستهلاك حتى العام 2040. أما الآن فالعرض أكبر من الطلب نسبياً بسبب النفط الصخري الأميركي الذي حول الولايات المتحدة إلى أول منتج في العالم إلى جانب المملكة العربية السعودية وروسيا.
على صعيد الأرقام التفصيلية، ذكرت الدراسة أن الاكتشافات الجديدة من الغاز والنفط تطورت في 5 سنوات نحو الهبوط كما يلي: 17.1 مليار برميل في 2013. و16.7 مليار في 2014. و18.5 مليار في 2015. و11 مليارا في 2016. و11.4 مليار في 2017. و10 مليارات في 2018. و7.7 مليار برميل بين يناير (كانون الثاني) وسبتمبر (أيلول) 2019. وأكبر الاكتشافات الجديدة تركزت في روسيا وغويانا وقبرص وجنوب أفريقيا وماليزيا والنرويج وأنغولا وإندونيسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

بوتين يبحث مع رئيس وزراء العراق التنسيق في «أوبك بلس» لضمان استقرار أسعار النفط

قال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ناقشا خلاله اتفاق «أوبك بلس» الخاص بإنتاج النفط.

«الشرق الأوسط» (بغداد) «الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)

هل تراجع إدارة ترمب دور الولايات المتحدة في تمويل «وكالة الطاقة الدولية»؟

يضع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، والجمهوريون في الكونغرس «وكالة الطاقة الدولية» في مرمى نيرانهم، حيث يخططون لمراجعة دور الولايات المتحدة فيها وتمويلها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.