أزمة في «الرابطة المارونية» بعد هجومها على جنبلاط

TT

أزمة في «الرابطة المارونية» بعد هجومها على جنبلاط

أدى بيان «الرابطة المارونية» الذي هاجم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وزعيمه وليد جنبلاط بعنف، إلى أزمة داخل المجلس التنفيذي للرابطة وامتعاض لدى البطريركية المارونية التي عبّرت مصادرها عن رفض ما تضمنه البيان، فيما اكتفت مصادر «الاشتراكي» بالقول إن بيان الرابطة «يشوّه الحقائق التاريخية، ونرفض الانجرار إلى سجال معها».
وكانت «الرابطة المارونية» التي يرأسها النائب السابق في كتلة «الإصلاح والتغيير» نعمة الله أبي نصر، أصدرت بياناً شديد اللهجة رداً على انتقادات «الاشتراكي» لسياسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وعلى مظاهرة مناصري «الاشتراكي» الاثنين الماضي التي شهدت هتافات ضد عهد عون وصهره جبران باسيل.
واعتبر البيان أنها «ليست المرّة الأولى التي يتطاول فيها الحزب الاشتراكي على موقع رئاسة الجمهورية، فهي عادة قديمة تمتدّ إلى أيام الرئيس بشارة الخوري عندما انقلب عليه كمال جنبلاط الذي كرّر فعلته مع الرئيس كميل شمعون، فقاد الثورة المسلّحة ضدّه في عام 1958 ولم يتمكّن من إسقاطه».
واتهم كمال جنبلاط بأنه «استقوى في العامين 1975 و1976 بالسلاح الفلسطيني ليُسقط منطقتي بكفيا وجونيه (المسيحيتين) عسكرياً وترحيل الموارنة عن لبنان، ولم يظفر بمأربه... ونجله وليد جنبلاط كان أميناً على الرسالة والعهد، فلم يُبقِ مسيحياً واحداً في الجبل، وحاول الزحف على قصر بعبدا وخلع الرئيس أمين الجميّل لكنه لم يتمكّن من تجاوز سوق الغرب، وقاد معركة ترحيل الرئيس إميل لحود قبل انتهاء ولايته فخاب رهانه، وأخفق سعيه، واليوم أوعز إلى الوزير وائل أبو فاعور كي ينهج على هذا المنوال، وأن يتطاول على مقام رئاسة الجمهورية وما يمثّله من رمزية وطنية، مسيحية ومارونية».
وآثر «التقدمي الاشتراكي» عدم الرد على هذا البيان، لكن مصادره اكتفت بالقول لـ«الشرق الأوسط» إن «البيان الصادر عن بعض أعضاء الرابطة المارونية، يحمل عبارات غريبة عن أدبيات الرابطة وتاريخها». وأضافت: «لن ندخل في سجال بشأن الحقائق التاريخية التي شوهها البيان، ونكتفي بما بلغنا من البطريركية المارونية، كمرجعية مسيحية ووطنية، عن رفضها المطلق لهذا البيان البعيد عن أدبيات الموارنة وتاريخهم».
واتهمت مصادر مسيحية وزير الخارجية جبران باسيل، بالوقوف وراء هذا البيان «وما حمل من إساءات للحزب التقدمي الاشتراكي وللزعامات الدرزية». ورأت أن «هناك من يحاول إعادة عقارب الساعة إلى زمن الحرب الأهلية وضرب مصالحة الجبل» التاريخية التي أرساها البطريرك الماروني الراحل نصر الله بطرس صفير ووليد جنبلاط.
وأكدت عضو المجلس التنفيذي في الرابطة المحامية ندى عبد الساتر في تصريح أن «أعضاء المجلس التنفيذي للرابطة لم يطلعوا على البيان، ومضمونه يتناقض مع مبادئ النظام الديمقراطي اللبناني ومع أهداف الرابطة». وسألت: «إذا انتزعنا من المواطن اللبناني حق انتقاد الحاكم، فماذا يبقى من الحرية والديمقراطية والمارونية؟».
وأعرب حزب «القوات اللبنانية» عن امتعاضه الشديد حيال ما صدر عن رئيس الرابطة المارونية. وأشار رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور، إلى أن «ما صدر عن رئيس الرابطة يمثّله شخصياً ويمثّل الجهة التي طلبت منه هذا الكلام، ولا يعبّر عن قناعة الرابطة المارونية ومجلسها التنفيذي». وشدد على أن «مصالحة الجبل أقوى بكثير من أن تهتز بكلام من هذا النوع، وهي راسخة بقناعة المسيحيين والدروز، وبقناعة حراسها الحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، وباتت فوق أي نقاش أو خلاف». واعتبر أن «بيان رئيس الرابطة ينتمي إلى أحقاد الماضي، ولا يجد أي أرضية له في وجدان المسيحيين».



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».