تحذيرات من تجريف حوثي لنهب قطاع الاتصالات

TT

تحذيرات من تجريف حوثي لنهب قطاع الاتصالات

واصلت الميليشيات الحوثية في صنعاء عمليات التجريف والنهب المنظم لقطاع الاتصالات سواء أكان القطاع الحكومي أو الخاص أو المختلط، وهو ما انعكس سلبا على أداء هذا القطاع الحيوي وساهم في تردي الخدمات التي يقدمها ورفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.
وفي هذا السياق أطلق ناشطون يمنيون وعاملون في قطاع الاتصالات حملة شعبية لمقاطعة شركة «يمن موبايل» (قطاع مختلط يسيطر عليها الحوثيون) ردا على تراجع الخدمات وارتفاع الأسعار.
واتهم الناشطون في دعواتهم الجماعة الحوثية بـ«سرقة أرصدة المشتركين» وتقديم أسوأ خدمة على مستوى العالم فيما يخص سرعة الإنترنت الذي بات - بحسب قوله - شبه مجاني في معظم البلدان وبسرعات هائلة.
وأفاد عاملون في قطاع الاتصالات اليمنية في صنعاء «الشرق الأوسط» بأن تراجع الخدمات وترديها تفاقم مؤخرا بعد أن عينت الجماعة الحوثية أبرز قياداتها في مفاصل «يمن موبايل» و«يمن نت» والمؤسسة العامة للاتصالات في سياق سياستها لـ«حوثنة» المؤسسات.
واتهم العاملون القيادي الحوثي عصام الحملي المعين من قبل الجماعة رئيسا لمجلس إدارة «يمن موبايل» بنهب الشركة وسلب مشتركيها منذ تعيينه في المنصب بعد أن كانت تقدم خدماتها بأسعار معقولة وتعرفة ترضي جميع القطاعات.
وكشف العاملون أن الشركة التي تملك الحكومة فيها 51 في المائة، إلى جانب بقية قطاعات الاتصالات تحولت إلى مصدر دخل لثراء القيادات الحوثية، بمن فيهم كبار القادة أمثال مهدي المشاط وعبد الكريم الحوثي وأحمد حامد ووزير الجماعة للاتصالات في حكومة الانقلاب غير المعترف بها مسفر النمير. وعبر الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، من استيائهم من خدمة الاتصالات المقدمة، وقالوا إن «التغطية غير جيدة وخدمة الإنترنت باتت الأسوأ والأعلى سعرا في مختلف محافظات الجمهورية».
وأوضحت مصادر مطلعة في قطاع الاتصالات اليمنية أن هذا القطاع أصبح بمثابة «البقرة الحلوب» بالنسبة لقيادات الصف الأول من الجماعة، يتصدرهم زعيم الجماعة عبد الكريم الحوثي، حيث تورد لهم يوميا ملايين الريالات بالتواطؤ مع القيادي الحوثي عصام الحملي.
وأشارت المصادر إلى عمليات النهب المنظمة التي يقوم بها الحملي، بعد أن جعل الشركة حكرا على أقاربه من عناصر السلالة الحوثية، سواء فيما يخص المناقصات والمشتريات، حيث لا تكاد تمر - حسب قولهم - عملية شراء أو إبرام عقود إلا ويكون له نصيب منها ولكبار قيادات الجماعة.
وأكدت المصادر أن حجم الفساد الحوثي أثر على مكانة شركة «يمن موبايل» والتي تعد من أكبر الشركات في اليمن من حيث الدخل حيث يقدر دخلها اليومي بما يقارب ثلاثمائة مليون ريال (الدولار نحو 580 ريالا).
وهاجمت المصادر قيام القيادات الحوثية برفع تعرفة الاتصالات وباقات الإنترنت في سياق سعيهم لجلب المزيد من الأموال، وعلق ناشطون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «ما إن تدفع ثمن باقة الإنترنت وتبدأ بالتصفح حتى تفاجأ برسالة صادمة تأتيك (أوشك رصيدك على الانتهاء)».
وأكد مشتركون في خدمات الاتصالات التي تقدمها «يمن موبايل» أنه حدث لهم أكثر من مرة مصادرة الأرصدة الخاصة بمهم دون معرفة الأسباب، مشيرين إلى أن إدارة الحوثيين هي السبب الأول في تدمير قطاع الاتصالات اليمني.
وكشف العاملون لـ«الشرق الأوسط» عن أن وزير الجماعة الحوثية مسفر النمير «أصبح فقط مشغولا بشراء السيارات الفارهة وبناء الفلل الفخمة، على نفقة المؤسسة العامة والاتصالات حيث تقوم إدارة الإنشاءات التابعة للمؤسسة بالإشراف والعمل على إنجاز بناء الفلل».
واتهم العاملون القيادي الحوثي النمير المنتمي إلى صعدة، حيث معقل الجماعة والمسؤول الأول عن اتصالات الميليشيات، بأنه «يتلقى مبالغ ضخمة من قبل القيادي الحوثي عصام الحملي تقدر بعشرات الملايين شهريا وتحت بنود مخالفه للقانون وللوائح العمل المؤسسي».
وكانت مصادر وثيقة الصلة في صنعاء كشفت لـ«الشرق الأوسط» عن جانب واسع من العبث الحوثي، مؤكدة أن قادة الجماعة أحكموا سيطرتهم على كل مفاصل القرار في «يمن موبايل» من خلال تعيين القيادي في الجماعة عصام الحملي رئيسا لمجلس الإدارة، والقيادي محمد شرف الدين مسؤولا ماليا للشركة، والقيادي عبد الملك المتوكل مديرا للتسويق، وهي أهم الإدارات الحساسة في الشركة.
وذكرت المصادر أن الثلاثة الحوثيين المنتمين إلى سلالة زعيم الجماعة الحوثية، أعدوا لائحة تضم أسماء العشرات من صغار المسؤولين في الشركة وأطاحوا بهم رغم كفاءتهم وعينوا بدلا منهم عناصر حوثيين.
وبينت المصادر أن قرارات التعيين الحوثية الأخيرة أتاحت لقادة الجماعة إطلاق أيديهم من أجل ارتكاب المزيد من أعمال النهب المنظم، ودون وجود حسيب أو رقيب، وصولا إلى تصفية كل مسؤول في الشركة لا ينتمي للجماعة الحوثية.
وفي وقت سابق قام القيادي الحملي - وفق الإفادات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» - بصرف نصف مليار ريال يمني فقط لمصلحة جمعيات حوثية، خارج لوائح الشركة، إلى جانب صرف مبالغ ضخمة لمصلحة المجهود الحربي للميليشيات.
وأشار العاملون إلى قيام القيادات الحوثية برفع تسعيرة خدمة الإنترنت رغم رداءته وعدم عمله في أغلب الأوقات، مع رفضهم إصدار أي فواتير تفصيلية للعملاء توضح قيمة المكالمات وبيانات استخدام المشترك، وهو ما اعتبروه نوعا من استغلال العملاء.
وكانت الجماعة الحوثية سيطرت منذ انقلابها على الشرعية على جميع قطاع الاتصالات الحكومية كما فرضت إتاوات ضخمة على بقية الشركات الخاصة قبل أن تقوم مؤخرا بالاستيلاء على شركة «سبأ فون» أقدم الشركات المشغلة للهاتف النقال في اليمن.
ورغم مساعي الحكومة الشرعية لاستعادة السيطرة على قطاع الاتصالات ونقله إلى العاصمة المؤقتة عدن، فإن جهودها في الباب تعثرت، لجهة سيطرة الجماعة مركزيا في صنعاء على بوابات التحكم وكل الموارد التشغيلية الأخرى.
وكشفت تقارير أممية سابقة عن أن قطاع الاتصالات في اليمن يمثل واحدا من أبرز مصادر تمويل الجماعة الحوثية بعد تجارة المشتقات النفطية، في حين كشفت مصادر مالية في صنعاء عن أن الميزانية التي صرفتها الجماعة خلال العام الحالي بشكل رسمي تجاوزت تريليون ريال يمني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.